الرياضة أصبحت حاضراً صناعة؛ لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها إما حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا اليوم هو وكيل جامعة حائل للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور عثمان العامر *واجه مقالك «اللهم انصر الإسلام بنجوم الزعيم» أصداء واسعة واعتراضات عدة من جماهير الأندية المنافسة على الرغم أنك ذكرت بين ثناياه أن اختيارك للعنوان على سبيل المثال لا الحصر، فهل تراك أخطأت في اختيار العنوان أم أن التعصب ادى إلى فهمه بطريقة خاطئة؟ الرياضة ليست «كورة» والمنافسات تحولت إلى ظاهرة صوتية -الأخير هو الأقرب، وكنت أتمنى لو كتب غيري مثل ما كتبت داعياً الله عز وجل أن ينصر الإسلام بنجوم الاتحاد أو الأهلي أو النصر أو الشباب، ولا ضير فميدان نصرة الإسلام يتسع للجميع ، وليس حكراً على أحد، وكل منا على ثغرة ، والواجب على كل مسلم، اللاعب والفنان والمهندس والطبيب فضلاً عن المثقف والكاتب والداعية والأكاديمي والعالم حتى وإن كان من أصحاب المعاصي والذنوب، الواجب علينا جميعاً أن نبذل ما نستطيع في سبيل نصرة هذا الدين ، ولمن كتب رداً قادحا وجارحاً ودخل في النوايا والميول أتمنى منه أن يعود لقراءة المقال من جديد وبعين المحايد المتأمل لا المتعصب الثائر. * قلت ذات مقال أن كرسي البحث يعد تنمية لروح الابتكار،، فهل تحتاج رياضتنا وفق ما تعيشه الآن من تردي في مستوياتها لكراسي بحث في الجامعات السعودية؟ - نعم فهي في نظري مسار تنموي هام ذات صلة مباشرة بالشباب على وجه الخصوص، وهم الشريحة الأكثر والأهم في عالمنا المعاصر، إضافة إلى أن الرياضة تعكس في حقيقتها صورة من صور التنمية الفعلية التي يمر بها الوطن، بصدق يجب ألا تكون نظرتنا للرياضة نظرة سلبية فهي في حقيقتها ليست مجرد «كورة» يمارسها الشباب لتضييع أوقاتهم إذ هي تنمية للمدارك والمهارات، وتعزيز لقيم التعامل والعمل المشترك، كما أنها استثمار للطاقات التي لدى الشاب في هذه السن الصعب، وبناء لروح التنافس الشريف بين الأقران، وجامعة حائل ترحب برجل الأعمال الذي يتطلع لتبني هذا النوع من الكراسي البحثية الهامة، وعندي يقين أن الرياضة السعودية ما زالت أرضاً خصبة للدراسات المتنوعة والشيقة ذات الأثر الوطني الفعال، وكم نحن سعداء لو تشرفت جامعتنا ممثلة بالأمانة العامة للكراسي البحثية باحتضان كرسي الأمير فيصل بن فهد رحمه الله للرياضة السعودية. ديكتاتورية الإداريين * في مقالك «حكم لارشفكو» ثنيت على مقولة فولتير الذي أكد بأن تلك الحكم ساهمت في تكوين ذوق الأمة الفرنسية ؛فهل ترى حكمة مثل «الرجل الذي يظن أنه يستطيع أن يكتفي بنفسه ويستغني عن الناس جميعاً يخطئ خطأ كبيراً، ولكن الرجل الذي يظن أن الآخرين لا يمكن أن يستغنوا عنه يرتكب خطأ أكبر» تنطبق على بعض المسؤولين في الرياضة السعودية. -هذه المقولة للأسف الشديد تنطبق على عدد من المسؤولين في كثير من قطاعاتنا التنموية المفصلية و المؤثرة إذ إن هناك من يعتقد أنه رقم صعب لا يمكن ان يستغنى عنه ولو غاب لفسدت الأرض ومن عليها، وهذا النوع من الإداريين يمارس الديكتاتورية الكاملة، مع أنه ربما يظن أو يملي له من حلوه أنه الديمقراطي المتميز، الرياضة في إداراتها وتسيير أمورها والإبداع في فنونها مثلها مثل غيرها عمل جماعي تعتمد على الشمولية والتكاملية والتنسيق والتناغم بين الوقت والجهد والفكر والمال. * أين أندية حائل من واجهة البطولات الكبرى؟ -اسأل أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال قبل المواهب والمهارات الشابة، اسأل المدارس والجامعة قبل الأندية و المدربين والإداريين، وجزماً ما المسؤول أعلم من السائل، ولكنني متفائل هذا العام بالعودة من جديد لمنصات التتويج. تعمدت لفت الإنتباه * ذات نقاش رفضت إعطاء رأي صريح منك تجاه النوادي الرياضية الخاصة بالنساء وحولته إلى من يملكون القدرة أكثر على إعطاء الرأي !! فهل نسمي ذلك هروباً ؟ أم تطبيقاً لمقولة «رحم الله امرأً عرف قدر نفسه»؟ - الثاني هو الصحيح فالموضوع يتعلق بمصلحة عامة ويرتبط بمصالح ومفاسد وسد للذارئع وتقدير للحاجات والضروريات وإن كان للإنسان رأي شخصي فيه إلا أن ما يراه أهل الرأي وعلماء الأمة يكون مقعداً مبنياً على حيثيات وتقديرات وقراءة أوسع في الأدلة العام منها والخاص، والمطلق والمقيد، وهذا ما أفتقده شخصياً وبالتالي إعطاء الرأي بصورة علنية في قضية مجتمعية شائكة ومستجدة ليس من الحكمة في شيء. * في مقالك «أنا اتحادي» هل تعمدت اختيار العنوان الأقرب للرياضة على الرغم أن الموضوع أبعد ما يكون عنها؟ - المقال يدور حول مشروع اتحاد دول الخليج الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين رعاه الله، وكان الاختيار بناء على هذه الحيثية، وواضح للقارئ الكريم الارتباط بينهما العنوان وصلب المقال، ولا ينفي هذا أنني تعمدت الاختيار للفت الانتباه. * من النادر أن نرى أكاديميين يناقشون أمور الرياضة ويتعاطون مع مستجداتها مثل نقاشك لخروج المنتخب السعودي من التصفيات الآسيوية، فهل جاء ذلك من إيمان بأن الرياضة هم وطني مثله مثل الجوانب الأخرى؟ -الرياضة وجه حضاري راقٍ ومسلك تربوي هام وعنوان قوة وباب مشرع للتواصل مع فئة الشباب خصوصا، وفي اعتقادي وكما قلت سابقاً يجب أن تتغير نظرتنا للرياضة وأتمنى أن تشيع ثقافة الممارسة لا الاكتفاء بالمتابعة في أوساطنا الاجتماعية، فالأمراض تهددنا والسمنة تقتلنا ونحن ما زلنا نرى أن من العيب أن يرتدي «س» من الناس زيه الرياضي ليتجه للنادي من أجل تنشيط جسده الذي يؤثر بدوره في تفكيره ونفسيته ومزاجه وهذا كله ينعكس على عطائه الوطني والذاتي. تصريحات مرفوضة * هل يمكن أن تقدم لنا نبذة عن تأثير الرياضة في المجتمع والجوانب التربوية والثقافية والاجتماعية من خلال مقارنة فعلية بين حال الرياضة الحائلية عندما كانت في الممتاز بحالها اليوم؟ -هذا يحتاج إلى دراسة استكشافية أو استقصائية ولكن كرؤية انطباعية شخصية آنية فإنني أعتقد أن للرياضة تأثيرا مباشرا على اقتصاد المناطق وإعلامه أما تربيته فلا أظن ذلك سيكون في الخانة الإيجابية على الأقل في ظل معطيات واقع الأندية الحالي والتنافسية التي تجاوزت أطرها الطبيعية المقبولة إلى بعض الممارسات والتصريحات المرفوضة شرعاً وعقلاً وعرفاً وذوقا. * هل ترى بأن المنافسات الرياضية السعودية بالفعل وسيلة لهدف نبيل أم أنها جنحت عن ذلك الطريق؟ -أعتقد أنها صارت ظاهرة صوتية أكثر من كونها منازلة ميدانية وتنافس شريف وهذا صرفها عن هدفها الأساس والأمل معقود على القيادات الرياضية اليوم بأن تعيد الأمور إلى وضعها الصحيح . * دائماً ما تعقدون اجتماعات دورية مع الطلاب؛ هل ترى أهمية تطبيق رؤساء الاتحادات الرياضية ورؤساء الأندية لفكرة مواجهة الجماهير ومناقشة مطالبهم ورغباتهم؟ الشرفيون يجرحون بلا ضابط ..وعند الدعم نسمع جعجعة ولانرى طحنا - نعم خصوصا في هذه الفترة التي أصبح فيها الجمهور على مستوى من الوعي التحليلي والربط الممنهج بين الأحداث والتداعيات ومن ثم تحديد المعوقات واقتراح الحلول الناجزة والمستقبلية، ومتى ما كان الجمهور شريكاً في توجيه القرار فسيدافع عنه ويتحمس لتطبيقه غالباً ولا يستلزم ذلك التسليم بكل ما يقول الجمهور لكن الحوار معه يمنحه الثقة ويحمله المسؤولية. الى وزارة التربية * كأكاديمي في إحدى الجامعات السعودية كيف تقيم إقبال الشباب السعودي على الرياضة؟ - ضعيف ممارسةً، متوسط تشجيعاً محلياً، وقوي عالمياً وللأسف الشديد. * وهل ترى في ذلك ظاهرة صحية أم لا ؟ لا هذا قلب للهرم رأس على عقب، ومتى صارت الممارسة هي الركيزة والأساس فنحن بخير وصحة جيدة. * وهل يمكن للجامعات أن تضع برامج تسهم في تطوير الرياضة؟ - نعم فهي تملك القدرات والكوادر والمنشآت والمراكز المتخصصة التي تؤهلها لذلك، وهذا واجب من واجباتها في نظري خصوصا في هذه المرحلة الحرجة للرياضة السعودية ، ووزارة التربية والتعليم مطالبة هي أيضا بإعادة مادة التربية البدنية للحال التي كانت عليها من قبل. * في أمريكا المتطورة علمياً وثقافياً تعتمد الرياضة بأنواعها بشكل رئيسي على الجامعات بينما يعاني الرياضي الجامعي لدينا من شبح الحرمان والفصل لو حدث أن غاب عن بعض المحاضرات لمشاركته في بطولة ما، ترى أين يكمن الفرق؟ وما هي الطريقة الأصح بيننا وبينهم؟ - يكمن الفرق حسب اعتقادي في عدم الشعور بالدور المشترك والرسالة الواحدة إزاء شباب الوطن، كما أن لدينا نحن استغلال سيئاً من قبل البعض لمثل هذه النظم الإدارية التي تسمح للرياضي بالتغيب عن المحاضرات وقت المباراة وحين يكون في معسكرات رسمية الأمر الذي جعل البعض من المسؤولين يتشدد في منح مثل هذه الإجازات وإن كانوا قلة حسب ظني ، والطريقة الصحيحة إعادة النظر في تقنين هذه الإجازات بمشاركة الجميع، وتحديد واضح وقابل للتنفيذ من كل طرف»ما له وما عليه». الرياضة تحولت الى مهنة * أين الرياضة الجامعية من المشهد الرياضي؟ - بدأت منذ اعوام معدودة تحت إشراف الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية وهي في طريقها للصعود، ويقيني أن قرار إنشاء هذا الاتحاد قرار موفق وهام ساهم في تفعيل المنافسة بين الجامعات وفسح للرياضة صفحة مشرقة في صحفنا الجامعية، وأعاد الأكاديميين للمدرجات من بوابة الانتماء لهذا الكيان العزيز عليهم والقريب من حياتهم العلمية والعملية، وسيأتي اليوم الذي تنافس فيه الجامعات أندية المناطق وتتربع على عرش المجد وترتقي منصات التتويج. * ملاعب الجامعات متى تفتح لإقامة المباريات وتدريبات الأندية؟ - متى ما صار الهم التربوي للشباب هماً مشتركاً ووصلنا إلى القناعة التامة بأن الجامعة والأندية الرياضة كل منهما مكمل للآخر فالرسالة واحدة والأهداف متماثلة. * وهل ترى بأن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ - نعم رياضة اليوم بعد أن اتجهت إلى الاحتراف وتحولت إلى مهنة وترافق مع ذلك التطور التقني الاعلامي وبزوغ نجم رسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الرياضة خليطاً من مكونات عدة اقتصادية وثقافية ومهارية إبداعية وهنا تكمن أهميتها وخطورتها وحساسية التعامل معها لذا أتمنى أن نتعامل معها على أنها مرفق هام ومسرب خطير وحساس وليست كما قلت من قبل مجرد تسلية وترفيه، وهل يختلف أحد حول محورية الرياضة في التكوين والممارسة الثقافية، ألا ترى معي أن المشهد الرياضي بمختلف مستوياته «ممارسة وتشجيعاً» يمثل وسطاً من الوسائط الفاعلة في انتشار المفاهيم واكتسابها وتحليل الأحداث وتفسير النتائج وطرح الآراء المتعارضة وطريقة التعبير عنها وآليات الحكم على الرأي المخالف والتعامل معه إلى غير ذلك من العنف والتعصب وغيرها من الأمور التي تمس صميم الثقافة. أعان الله رؤساء الاندية *إن قيض لك اقتحام المجال الرياضي؛ ما الأمر الذي تحسب له ألف حساب؟ - سأنشغل في الإجابة على سؤال هام.. ترى كيف لي أن أردم الهوة بين سقف الطموح ومعطيات الواقع التي بين يدي في النادي، إذ إن غالبية من يتربعون على عرش كرسي الرئاسة يذوقون مرارة الفرق الشاسع والكبير بين هذا وذاك، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فجزماً سأحسب لأقلامكم وبرامجكم الرياضية حسابات كثيرة بصدق « تخوفون « والله يكون بعون رؤساء الأندية منكم»، هذا طبعا على افتراض، وهو عندي افتراض لا وجود له أبدا ،على الأقل في الوقت الراهن. * بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ - كانت 80 بالمائة واليوم ضعيفة جداً لا تتجاوز 10 بالمائة تقريباً. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ - الأزرق * هلا شكلت لنا منتخباً من الأكاديميين فربما واجهنا البرازيل في نهائي كأس العالم يوما ما؟ - أحيل السؤال لأخي العزيز الأستاذ القدير والصديق الوفي الدكتور محمد بن سليمان الرويشد وأعتقد أن أبا خالد لن يخيب استعانتي به فهو أعرف مني بالأكاديميين الرياضيين. هؤلاء يستحقون الطرد * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ - لا أذكر لكن أعتقد قبل 20 عاماً أو يزيد وهذا طبعاً لحضور المباريات، أما المناسبات الرسمية فعهدي بالملاعب الرياضية بها قريب. * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ - في وجه الإعلامي المتعصب واللاعب المتهور والحكم غير العادل ورئيس النادي المتعالي والجمهور الذي يريد ألا يخسر ناديه أبدا. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ - لمن يحمل عضوية الشرف ويتحدث بمثالية وينقد بحدة ويٌجرح بلا ضابط أو رقيب وعند الدعم صمت رهيب « تسمع جعجعةً ولا ترى طحناً» *لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ - لكل من زار المنطقة منهم ،فأنا أتشرف بدخوله بيتي. * هل سبق وأن أقدمت على عمل وكانت النتيجة «تسلل» بلغة كرة القدم؟ - لا أذكر هذه اللحظة ،لكنني بشر و جزماً ارتكبت التسلل في حياتي يوماً ما. أخيراً أشكر «الرياض» على هذه الاستضافة وأتمنى أن أكون ضيفاً خفيف الظل، وأن يكون فيما قلت النفع والفائدة ، وأن أكون أوضحت ما التبس عند البعض .دمتم بخير وتقبلوا جميعاً صادق الود والسلام