الرياضة أصبحت حاضراً صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها إما حديثاً أو منذ فترة طويلة، مؤمن بنجاح الاستثمار في أندية القصيم لتوفر البيئة الجاذبة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمد بن احمد الرشيد. *أين الرياضة من أطروحاتك الآن بوصفك مثقفا ومسؤولا سابقا عن وزارة لها علاقة بالتربية البدنية؟ - الرياضة البدنية ضرورة لسلامة العقول والأجسام ودعوتي لها قديمة حتى قبل أن أتولى الوزارة، وحديثي دائما أن يشارك الجميع في ممارستها وألا يكتفوا بمشاهدتها وتشجيع لاعبيها. *قلت إنك عانيت كثيراً من بعض الناس نتيجة سوء فهم أحياناً، وسوء ظن أحياناً أخرى، خصوصاً بعد دمج رئاسة تعليم البنات مع الوزارة دمجاً إدارياً وتعرضت للتهديد، فهل ترى أن المجتمع الرياضي يعاني من هذه الأشياء لذلك تراجعت الرياضة لدينا؟ - الرياضة تلقى كل التشجيع والتفعيل واصبح مجتمعنا موقنا بأهميتها خصوصا لدى البنين وحين ناديت في عام 1412ه بضرورة إدخالها في مدارس البنات تعرضت لهجوم شنيع، وأحمد الله أن تحقق ذلك الآن وصارت مادة يجري الإعداد والتجهيز لها في مرافق تعليم البنات على كل المستويات بما في ذلك الجامعي. *ماهو وجه شبه الانتقادات التي يتعرض لها التعليم لدينا، والرياضة السعودية، وهل هي انتقادات في محلها؟ - هناك ملاحظات على بعض أوجه القصور في تعليمنا، وهي ملاحظات محقة، وهناك انتقادات ليست صائبة، أما الرياضة فإن النقد الموجه إليها هو أن ما حققته لايوازي الانفاق عليها، ولا المتوقع منها. *إلى متى والمنتخبات السعودية ترزح تحت فكر "إدارة الأزمات"، ولماذا تحدث هذه الأزمات أصلا؟ - السؤال يدور حول منتخب وطني واحد هو منتخب كرة القدم والناس متعقلون بهذه الرياضة أكثر من غيرها، والحماس والتعصب لها هو إحساس وطني والمواطن المخلص عنده رغبة شديدة في أن يرى فريق بلاده فوق الجميع والرياضيون يدركون أسباب الأزمات- إن وجدت- أكثر مني. الاتحادات الدولية تصر على تكوين فرق نسائية.. ولا مقارنة بين المعلم وحكم الكرة ما حققته الرياضة السعودية لايوازي الانفاق عليها. وابنائي يعشقون أندية أوروبا والهلال * اصررت على الحاجة لوجود المرأة في الميدان العام من خلال كتابك "المرأة المسلمة.. بين إنصاف الدين وفهم المغالين"، فهل حان الوقت كي تطرق أبواب الرياضة ممارسة وعملًا أسوة بالرجال؟ - الرياضة البدنية حاجة ماسة للذكور والإناث، ومزاولة المرأة لها بحشمة وفي عزلة عن الرجال أمر لاغضاضة فيه، وأعلم أن الاتحادات الدولية تضغط على السعودية لتكوين فرق نسائية، وقد يجد المسؤولون مسوغا للاستجابة لهذه المطالب، ولكن بشروط توفر الحشمة والعفة والبعد عن كل مايخالف الثوابت الإسلامية *هل ترى تشابهاً بين المعلم المخلص، وحكم كرة القدم في غرس النظام والانضباط داخل الفصول وملاعب كرة القدم؟ - المعلم لن ينجح في رسالته إلا حين يخلص لها، ويكون له القبول عند طلابه، ولا أجد مقارنة بين المعلم وحكم كرة القدم في هذا الشأن. *إسلامي- ليبرالي- متشدد- متحرر- هلالي- نصراوي- اتحادي- أهلاوي وغيره من المسميات المناطقية والقبلية، لماذا كل هذه التصنيفات المشبعة بالاقصائية، ولماذا اصبح المجتمع مكبلاً بها؟ - إن التعصب للفرق الرياضة أمر لاضير فيه، شرط ان لايؤدي إلى عداء وشغب وتناحر، أما التصنيفات الأخرى فإنها دخيلة على مجتمعنا، وأقطع أنها خالية من أي معنى، فكلنا سعوديون، عرب ومسلمون، وعلينا أن نسهم في استقرار بلادنا ونموها في جوانب الحياة كافة والرياضة واحدة منها، مع الحرص على ما يعزز وحدة وطننا في كل مشاعره. *هل يمكن أن نشبه التعصب الرياضي بالوباء أو التطرف الذي يفضي إلى النزاعات؟، وهل هناك ممن في سلك التعليم يغلب عليه التعصب لتوجه معين؟ - ينبغي ألا نغالي في وصف التشجيع للفرق الرياضية بأنه وباء أو تطرف، إن هذا سائد عالميا ويصل الأمر إلى حد أن أحد زملاء الدراسة الامريكيين يهاتفني مبشرا بفوز فريق الجامعة التي تخرجنا فيها جميعا على جامعة اخرى منافسة لها، ويتكرر منه ذلك دائما مع بُعد زمن تخرجنا فيها. *العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها على الرغم من خطئها، فكم شخصية عبقرية لا تملك جسدا سليما، باختصار نريد منك عبارة رياضية بديلة لجيل المستقبل؟ - لا.. ليست خاطئة، فالعقل اكثر سلامة واستقراراً في الجسم السليم، واعرف ان هناك عقولا لايملك اصحابها أجساما سليمة، ولو كانت اجسامهم سليمة لكان إسهامهم أكثر وعطاؤهم أوفر. *وهل ترى أن الرياضة ثقافة، وإذا كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الصحيح؟ - نعم.. الرياضة ثقافة، وعلم وفن، فبجانب آثارها الإيجابية على الجسم والعقل والنفس فهي تعلم التعاون والتفاني "الروح الرياضية"، "روح الفريق"، كما أنها تعلم التنافس الشريف والقبول لها بالنتائج مهما كانت بنفس راضية وروح رياضية طيبة. *في نظرك هل الرياضة تجمع ام تفرق؟ ولماذا؟ - إنها تجمع الجميع، وإن بدا في الظاهر تشجيع مختلف للفرق الرياضية، والدليل على جمعها أن المنقسمين إلى الفرق الداخلية المحلية يجتمعون كلهم على تشجيع المنتخب الوطني. *هل أقدمت على عمل وكانت النتيجة "تسللاً" بلغة كرة القدم؟ - لا أعرف الا الوضوح وأتحرى دائما الطريق السليم في كل اعمالي *لو قيض لك أن تعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟ - من باب رياضة المشي الذي ازاوله يومياً منذ أكثر من عقدين من الزمن، فالمشي لايحتاج إلى تجهيزات أو حكام أو مباريات، ولقد أدركت جدواه وفوائده الجمة، وانصح الجميع بمزاولته. *هل تتفق مع من يقول إن تطوير التعليم والرياضة لابد أن يمر بالكوادر الأجنبية؟ - الكفاءة هي المعيار، والدول المتقدمة أغرت أهل الكفاءات من أي وطن جاءوا ليعملوا معها، وفي واقعنا نحن فإني أرى أن العربي ليس أجنبيا، وغير العربي حين نستقدمه فإن أحد الواجبات عليه هو تعليم المواطن في تخصصه وتدريبه. *بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك، وماهي رياضتك المفاضلة؟ - ليتك قرأت مقالاتي المتعددة عن رياضة المشي، معشوقتي، ومنها مانشر في جريدة الرياض في حديثي الاسبوعي "حديث الثلاثاء" * أي ألوان الأندية محليا وخارجيا تراه سائدا في منزلك؟ - أولادي يذكرون أندية في أوروبا، ويعرفون أسماء اللاعبين في كل فريق، ويحيطون بمواعيد المباريات المهمة، ويحرمونني من الجلوس معهم لانشغالهم بمتابعة مايعشقونه من مباريات، وهي كثيرة متعددة، وأما المحلية فيبدو أن معظهم مشجع لنادي الهلال. *متى كانت آخر مرة زرت فيها الملاعب والصالات الرياضية؟ - ارجو ان لاتكون قلة زياراتي للملاعب والصالات الرياضية مثلبة أؤاخذ عليها. *الأحزان والأفراح في عرف الرياضة هي انتصار فريق وخسارة الآخر، شعرت انك انتصرت عندما كنت وزيرا وحزنت في المنصب ذاته؟ - المسؤول ومن هو في مركز القيادة عليه أن يكون حياديا، فلا يتحيز لفريق دون آخر، أسعد بالفوز لأي فريق وآمل النصر القادم لمن لم يفوزوا. *لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ -حياهم الله جميعا، ولعلهم يجدون في مجلسي بعد مغرب كل يوم سبت في منزلي ما يتوقون إليه، وأسعد بحضورهم وسماع ماعندهم. *في عرف كرة القدم فإن البطاقة الصفراء تعني الإنذار بعد ارتكاب سلوك معين من اللاعب، لمن توجه هذه البطاقة؟ - أوجهها للذين لايعطون أعمالهم عناية كاملة ولايلتزمون بحقوق الناس التزاما كاملا. *وإبراز البطاقة الحمراء يعني الطرد لمن تشهرها؟ - أشهر البطاقة الحمراء للذين يُخلّون في سلوكهم بالقيم الإسلامية، ويعملون مايسيء إلى الوطن والناس. *شكل لنا منتخبا من الوزراء أو المثقفين، ربما يواجه البرازيل في نهائي كأس العالم يوما ما؟ - اما الوزراء فلا أتوقع منهم أكثر من المشي بحكم تقدم العمر عند معظمهم، وأما المثقفون فإن ذكرت بعضهم دون البعض الآخر قد أعاتب عليه فاعذرني عن ذكر ذلك. *لو تلقيت دعوة لحضور نهائي كأس العالم، هل ستحضر أم ستجير التذكرة لشخص آخر، ومن هو؟ - لو وجهت لي هذه الدعوة لأجريت قرعة بين أبنائي لمن ينوب عني فيها، وستكون مكافأة مجزية لمن وقعت عليه القرعة.