العمل عن بعد ليس جديداً في عالمنا المعاصر، فهناك بعض الشركات التي تستخدم بعض الموظفين لإنجاز بعض أعمالها من المنازل، كما أن وظيفة بعض المستشارين أو الخبراء لعدد من الشركات والجهات الحكومية تتم من خلال تكليفهم بالعمل من المنازل لعدم وجود مكاتب لهؤلاء المستشارين أو الخبراء. ويعمل كثير من الصحافيين والصحافيات والمبدعين والمبدعات من كتّاب ومفكرين من المنازل دون الارتباط بوظيفة رسمية أو مكاتب ثابتة. وقد ناقش مجلس الوزراء الموقر في جلسته التي عقدت يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الآخر 1425ه تنظيم قرار «العمل عن بعد للمرأة» باعتباره أحد الحلول الفاعلة لتوسيع مشاركة المرأة في سوق العمل بما يتناسب مع خصوصية المجتمع السعودي، والتقليص من البطالة بين صفوف النساء، خاصة وأن بطالة المرأة السعودية قد وصلت إلى أكثر من 7٪ كما تذكر بعض الاحصائيات الرسمية... ويوجّه قرار «العمل عن بعد للمرأة» بضرورة افتتاح مكاتب خدماتية نسائية، تمكِّن المرأة من مراجعة أوراقها وشؤونها بشكل ذاتي، دون الحاجة إلى وسيط أو معقب كما هو موجود حالياً. ويركِّز القرار على تنظيم آلية عمل المرأة عن بعد في القطاعات الحكومية أو الخاصة، سواء في منزلها أو في مكاتب منفصلة عن المنشآت الرجالية. ولا شك أن توظيف المرأة عن بعد، وخاصة العمل من المنزل يعتمد على نوعية العمل، فبعض الوظائف مثل الوظائف التعليمية والطبية تتطلب وجود المرأة في مكان العمل. أما الأعمال المكتبية والسكرتارية فيمكن للمرأة أن تعمل من المنزل، من خلال شبكة حاسوبية ونظام تقني يسهل عملها، وخاصة للنساء اللواتي يتحملن مسؤولية تربية الأبناء والاهتمام بالأسرة. ولا شك أن عمل المرأة عن بعد يتطلب تعاون الجهات الحكومية من حيث تسهيل العمل والتواصل مع الإدارة. أما فيما يتعلّق بالخريجات فينبغي أن تضع قطاعات العمل خططاً لتدريبهن بشكل خاص فيما يتعلّق بالعمل من المنازل، حتى يمكن لهؤلاء الخريجات أن يزاولن أعمالهن بشكل جيد، ويفتح المجال أمامهن للترقي في السلم الوظيفي. ولا شك أن عمل المرأة من المنزل سوف يحد كثيراً من بطالة المرأة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية لكثير من الأسر، وخاصة لتلك الأسر التي لا تملك دخلاً ثابتاً أو للنساء المطلقات أو الأرامل اللواتي لا يوجد لهن عائل يصرف عليهن. إن العمل عن بعد سوف يزيد من فاعلية دخول المرأة لسوق العمل وإمكانية الالتحاق بالمنشآت الحكومية والخاصة بدون حدوث مشكلات تؤثر عليها أو على أسرتها. ومع هذا فإن عمل المرأة عن بعد يحتاج إلى دراسة شاملة، من أجل الاستفادة من قدرات المرأة وعدم تهميش دورها أو زيادة البطالة المقنعة في المجتمع.. والله ولي التوفيق.