تراجعت حدة المطالبة بتأنيث الوظائف في المحال المتخصصة في بيع المستلزمات النسائية، في وقت ازدادت بطالة المرأة في المجتمع السعودي إلى أكثر من 29 في المئة، وفق آخر إحصائية معلنة. وبعدما ظنت المرأة أن مرور شهور على تبني وزير العمل السعودي، خطوة تأنيث محال المستلزمات النسائية، قد يصحح الأمر، ويعيد القرار إلى حيز التنفيذ بشكل جديد.. أصيب القطاع النسائي بخيبة أمل، إذ أبقت الوزارة التنفيذ معلقا تحت جملة (لكل حادث حديث). فما السر يا ترى وراء التراجع عن تنفيذ القرار؟.. ولماذا لم يتحول إلى أمر واقع حتى الآن؟.. وهل مرور الوقت وتزايد حجم البطالة يمكن أن يمثلا حافزا؛ لتصحيح الوضع؟.. أم سيبقيان عاملا لدفن حلم الإناث في العمل والتفاعل مع المجتمع، وفي توفير البدائل التي تمكنهن من اختيار ما يناسبهن أسريا ومجتمعيا؟ “شمس” تسعى للإجابة على كل تلك التساؤلات. الأبواب المغلقة هدى محمد، تعمل في مشغل نسائي منذ سنوات، لكنها مضطرة لقبول الأمر الواقع، لعدم توفر البديل المناسب، رغم أنها تضطر أحيانا للبقاء حتى منتصف الليل في العمل، الذي لا تبدأ ذروته إلا بعد العاشرة ليلا.. وتتساءل هدى: “هل الأفضل أن أبقى بعيدة عن أسرتي لساعات متأخرة من الليل؛ لتوفير لقمة العيش؟ أم أنني سأجد أحد البدائل المناسبة لظروفي الأسرية؟”. وتضيف: “للأسف الأبواب مغلقة، ولا مجال لعملنا في الشركات الكبرى إلا بالواسطة أحيانا”. وتقول: “أما الأسواق فلا مجال لعملنا فيها، رغم أنها تغلق الأبواب أحيانا في العاشرة أو ال11 مساءً؛ مما يوفر لنا مزيدا من الوقت للعودة المبكرة لأسرنا، على عكس المشاغل النسائية التي تسهر حسب رغبة الزبائن”. لكن هدى التي يعود عليها كثير من الدخل مقابل عملها في مجالها، ترى أنه لو توافرت لها الوظيفة البديلة بمقابل أقل ستقبل، وتوضح ذلك بقولها: “لأنني أريد لقمة العيش، ولا أريد أيضا أن أخسر حياتي الأسرية”. وتشير إلى أنها لا تعرف السر في تراجع وزارة العمل عن قرار تأنيث المحال النسائية حتى الآن. الأيدي المرفوضة وتعتقد مضاوي المطيري، أن استمرار تداول أيدي الرجال الوافدين، للملابس الداخلية النسائية في مجتمعنا، أمر يدعو إلى الاستغراب، فالحياء يتساقط، “ويجب أن يتدخل علماء الإسلام، فليس من المقبول أن نذهب لشراء ملبوساتنا الخاصة من الرجال”. وتؤكد، أن فتح مزيد من الوظائف النسائية، يمثل الحل المناسب، لتوفير لقمة العيش في مجتمعنا، الذي تتزايد فيه حالات الطلاق، وهو الحال الذي تصبح فيه المرأة العائل الوحيد لأسرتها. وتحذّر مضاوي من تفشى بطالة النساء في المجتمع؛ لأنه “إذا كانت بطالة الرجال تفتح باب السرقة، فإن بطالة النساء تفتح نوافذ كثيرة للكسب غير المشروع، والنتيجة سلبية على المجتمع ومقوّماته الأخلاقية”. وتبيّن أن الوظائف النسائية تعين كثيرا من المطلقات والأرامل، وتتيح لهن فرصة الاعتماد على الذات، بدلا من التسول والاعتماد على الآخرين في توفير لقمة العيش. وتعتبر “رؤية بعض العائلات أو القبائل في بقاء المرأة وراء جدران المنازل دون الخروج إلى العمل، قاصرة تضر بالأسر وتهدم كيان المجتمع التكافلي”. أين العيب ولا ترى نورة القحطاني عيبا في نزول المرأة للعمل في الأسواق، بل على العكس من ذلك، فإنها تستطيع تحقيق ذاتها، وتوفر متطلباتها الشخصية والأسرية. وتقول: “الأمر ممتاز إذا حكم بإجراءات وآليات مقننة، أبرزها تجنب الاختلاط، وتوفير الحراسات الأمنية على الأسواق النسائية”. وتشير إلى أن “كثيرا من الأسر لا تملك حتى قوت يومها، بل تعتمد كليا على الجمعيات الخيرية وصدقات الناس”. وتضيف: “وفي حال توفر مثل هذه المتاجر في السعودية سيختلف الأمر؛ لتصبح المرأة قادرة على الصرف على أسرتها”. تحذير من عملهن لكن سارة العثمان تحذر من التمادي في الوظائف النسائية في حدود المسموح وغير المسموح. وتقول: “صعوبة الحياة اضطرت المرأة للخروج إلى العمل، لكن علينا أن نسأل أنفسنا: أيهما أفضل، أن تعمل الزوجة وتشارك الرجل في الإنفاق، أم يعمل الرجل، وتتولى المرأة مهمة التربية وشؤون المنزل؟”. أما جواهر العلي فترى أن المرأة لن تعمل إلا في حالة الحاجة الماسة، لكنها تصطدم بواقع نقص الوظائف. استقطاب النساء من جانبها؛ تعتبر شهيرة قاري، مديرة فرع السيدات بمجموعة فتيحي القابضة، نجاح توظيف المرأة في الشركة نموذجا يجب أن تقتدي به كثير من الشركات. وتقول: “فكرة المشروع طبقت عام 2003، ب43 موظفة سعودية جامعية، خضعن لدورات تدريبية بحسب متطلبات العمل الذي ستؤديه”. وتشير إلى أنه توجد الآن 107 موظفات يشكلن 90 في المئة من قسم المحاسبة، بالإضافة إلى موظفات التسويق، وجميعهن يحصلن على مميزات وظيفية عالية ورواتب ممتازة، فضلا عن ساعات العمل المريحة من 10 صباحا حتى 6 مساءً”. بطالة المرأة وترى سيدة الأعمال عائشة نتو، أن زيادة بطالة المرأة تدفع الجميع للمطالبة بتوفير المزيد من فرص العمل للإناث. وتقول: “للأسف لم يطبق قرار تأنيث الوظائف، وهذا الأمر يؤثر على الخريجات اللاتي يشتقن كثيرا للعمل”. وتشير إلى أنه من المحبط في حال الرغبة في توظيف النساء، مراجعة كثير من الجهات المختصة لاستخراج التصريح. وتتساءل: “لماذا كل تلك التعقيدات التي لا تؤدي إلا إلى إحباط الخريجات؟”.