مع الانحياز.. ضد الانحياز.. أي الطرفين حقق نجاحاً خاصاً لدولته.. أكثر من علامة استفهام..؟..؟ ربما أن الجيل الجامعي المعاصر، لم يمر بذاكرته أي شيء من ضحيح ذلك الاهتمام.. بمواقف عدم الانحياز منذ ما يقارب الستين عاماً.. مواقع جغرافية آسيوية مرت بها مسألة عدم الانحياز وكانت جزيلة الفهم لما يعنيه ذلك، والأهم أنها كانت تعيش فرح الاستقلالية ومعها توجّه شعوب إلى مكانة مرموقة بين أمم العالم الثالث التي كانت في حالة يقظة من نوم طويل الأمد.. لا ينكر أحد أن نهرو في الهند استطاع أن يواصل تأسيس حضور دولي لأمة كانت أسوأ شعوب العالم في قسوة معيشتها، ثم أصبحت في مقدمة من هم متقدمون في قدرات الاقتصاد والعلوم.. تيتو.. كان نجم يوغوسلافيا.. وسوكارنو تألق في أندونيسيا.. العرب وقتها كانوا فئتين.. أنظمة ملكية أكثر استقراراً في واقعها، وأنظمة حكم عسكري جمهوري تعرضت لكثير من الانقلابات مثلما حدث في العراق ومثلما حدث في اليمن.. وكان هناك تنفيذ غريب لمبدأ عدم الانحياز في العلاقة بين الجمهوريات والملكيات؛ يتضح لنا ذلك بأسوأ تعامل غير إنساني تعرّض له الملك الحسين في الأردن، الذي أجزم أن أي حاكم لم يتعرض لمثل قسوة ما فعله الفلسطينيون معه مدعومين من سوريا، حتى إنهم أوجدوا مطاراً لهم في الأرض الأردنية، نفس الشيء نستطيع أن نقوله عن مملكة المغرب التي واجه ملكها الحسن أيضاً أسوأ تدبير نظمته حركة انقلاب ضده خارج عاصمته، ثم رتبت هجوماً قاتلاً ضد طائرته وهو داخلها.. وكبح الملك فيصل في المملكة عدوانية قوات بعثها عبدالناصر إلى اليمن.. من الواضح سهولة أن نقول بأن من التزم بعدم الانحياز هي دول في وسط آسيا وشرقها التي سبقت الإشارة إليها.. أما غيرها فما زالت في أجواء الانحياز متی كان مفيداً لها.. أيضاً ما هو رابط التكافؤ أو التقارب بين ما تعايشه إيران من انحياز.. بل ما هي نوعيته؟.. ماذا يعني انحيازها نحو مضاعفة الإقلاق الأمني في البحرين البلد المستقر والأرقى اقتصادياً من إيران؟.. ثم أليست امتداداتها نحو سوريا ونحو لبنان بتصدير قوى تأثير من ناحية وممارسة عسكرية من ناحية أخرى.. أليست انحياز عدوان؟.. أيضاً لماذا تميّز إيران تدخلاتها في العالم العربي بوسائل طائفية تمهد لإشغال مجتمعات السنة بصراعات محلية؟.. جمعينا نعرف أنه لا يوجد الآن قوى دولية كبرى تطرح أي قوة مغريات للانحياز إليها مثلما كان حال روسيا وأمريكا قبل سقوط شيوعية موسكو، مما يعني أن الانحياز القائم ليس إلى دول كبرى وإنما إلى توجّهات انقسامات طائفية أكثر خطورة اجتماعياً من الدول الكبرى..