منذ سنوات طويلة دأب التلفزيون السعودي بقناته الأولى على تقديم مسابقة خاصة في رمضان، وأتذكر من ضمن البرامج برنامجاً بعنوان "حكمة اليوم" في إحدى السنوات وكنت في بدايات مرحلتي الدراسية الابتدائية خصصت مسابقة حكمة اليوم بالسؤال عن إحدى كلمات القرآن الكريم حيث طُلب كتابة الآية التي بها الكلمة، و تكونت المسابقة من ثلاثين سؤالا مقسمة على أجزاء القرآن الثلاثين، الجميل في الأمر أن بعض الأشخاص الذين أعرفهم في تلك الفترة ختموا القرآن بمتابعتهم لتلك المسابقة، ربما هنالك مسابقات مماثلة في وقتنا الحالي، لكنها توارت أو اختفت أمام صخب الفضائيات، للأسف أصبحت المسابقات في أغلب الفضائيات ولا ننسى محطات الإف إم الإذاعية، مجرد كسب اتصال مدفوع ورسائل اس إم أس أيضاً مدفوعة، وفوز مجاني دون الحصول على معلومة، بل صدمنا بضحالة ثقافة المشاركين في تلك المسابقات، وعلى الرغم من ذلك يفوزون ويحصلون على جوائز كبيرة، فقط لأنهم شاركوا في المسابقة، وأنا هنا لا أهاجم القائمين على تلك المسابقات ولكن التوجه الإعلامي الجديد الذي يأخذ من المشاهد والمستمع أكثر مما يعطي هو المسيطر، نحن نتمنى من الله أن يقيض لكل تلك القنوات المرئية والمسموعة أناساً يحرصون على العلم والمعرفة أكثر أو بمساواة مع الحرص على الكسب المادي، ويكون كل ما يبث ويعرض في تلك القنوات به فائدة للمشاهد والمستمع، إن فكرة مسابقة حكمة اليوم التي ذكرتها رائعة للتشجيع على قراءة القرآن، والإقبال على متابعة مسلسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على الرغم من الجدل حوله، يؤكد أن المشاهد والمستمع يتوق للمعرفة فهو متعطش لسماع سير الأولين، والقصص الواقعية، وتراثنا العربي مملوء بالحكايات والطرائف، وواقعنا المعاش يضج بالقضايا التي يمكن أن تقدم بعيداً عن الإسفاف، والجميل أن برامج الكمرات الخفية بنسقها العربي بدأت تنقرض، وبعد أن قدمت لنا الوجه السيئ لعدد من الفنانين عند استفزازهم لدافع التسلية، حيث ينتهي غالباً المشهد بضحك ورمضان كريم وكل عام وأنتم بخير، وفي الوقت ذاته يخسر المشاهد وقتاً ثميناً كان من الأولى أن استفاد منه ولو بأخذ غفوة، لراحة الجسد بدلا من قضاء ذلك الوقت بمتابعة إعلانات مكررة والانتظار لمعرفة ردة فعل ذلك الفنان من آراء البعض حوله، أو .. أو.. صدقوني إنه لأمر مخجل أن نقضي أوقاتنا على التهريج والسخرية، ونهدرها بهذر لا يضيف لنا شيئا، أردد وأقول.. ونحن في آخر أيام هذا الشهر الفضيل، الناس يحتاجون إلى من يحفزهم على العبادة أولا، ويضيف لهم المعرفة، ولا يمنع أن يبعث البهجة في نفوسهم، والمعادلة ليست معقدة لتنفيذ تلك العملية فقط تحتاج وعياً وإخلاصاً، وموقفاً صارماً من القائمين على القنوات الإعلامية ضد الإسفاف، وكل ما أقوله جعل الله أيامكم أعياداً مملوءة بالبهجة والسعادة، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والدعاء.