ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح إذا ما ترجم الأمير نواف بن فيصل حواره الأخير في القناة الرياضية السعودية إلى واقع على الأرض، وأعني حديثه عن التغييرات الإدارية التي ستطال هيكلية الرئاسة العامة لرعاية الشباب، واللجنة الأولمبية، لأن واحداً من أهم أسباب تقهقر الرياضة السعودية هو التجلط الذي ضرب شرايينها بسبب عدم ضخ دماء جديدة فيها تستطيع من خلالها الوصول إلى جميع أعضاء ومفاصل وأطراف الجسد الرياضي، وهو السبب الذي يكاد يجمع عليه كل المهتمين بشأن الرياضة السعودية. لا أبوح بسرٍ حين أقول بأن جل من في وسطنا الرياضي إن لم يكن جميعهم لا يثقون بقدرة من يجلسون على كراسي القرار في المؤسسة الرياضية بكافة فروعها على إضافة أي جديد في عملهم؛ بل إن ثمة من لا يثق بأنهم قدموا ما كان يجب عليهم تقديمه لأكثر من عقد مضى على أقل تقدير، بل إنهم يرون أن تخلفنا عن الركب، وفشلنا المتكرر، وإحباطاتنا المتتالية إنما مرد ذلك كله ل"الفكر الديناصوري" الذي ظل يسيطر على عقلية القرار، ما تسبب في تعتيم الصورة الرياضية عاماً بعد آخر حتى تحولت إلى هذا المستوى من القتامة. "ديناصورية الفكر" الرياضي في المؤسسة الرياضية لا ترتبط بالضرورة كلياً بأعمار الممسكين بمفاتيح القرار، وإن كانت كذلك في جانب من جوانبها، خصوصاً مع عدم قدرتهم على تشبيب أفكارهم، وتجديد معارفهم، وذلك من خلال التفاعل مع الحراك المتسارع في مضمار الرياضة والشباب، وإنما ترتبط أيضاً ببعض الشباب الذين وجدوا أنفسهم في غفلة من الزمن قياديين دون أن يملكوا المؤهلات المعرفية والفنية وكذلك الثقافية والإبداعية، إذ إن كل ما يملكونه من الأمر أنهم موظفون حكوميون ترقوا في وظائفهم في سياق حكومي نمطي ليجدوا أنفسهم في مصدر صناعة القرار أو تنفيذه. يخطئ من سيظن بأنني ضد المتقدمين في أعمارهم لمجرد تقدمهم في العمر. أبداً لست كذلك، وأنا المؤمن بالكفاءة والخبرة، والمدرك بأن كبار قادة الرياضة في العالم هم ستينيون وسبعينيون، فهذا قائد إمبراطورية (الفيفا) جوزيف بلاتر يسير في النصف الثاني في طريق السبعين، ومثله جاك روغ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية أكبر منظومة رياضة على الإطلاق يقف على العتبة الأولى عند بوابة السبعين، بينما يقف أنجل ماريا فيلر رئيس الاتحاد الأسباني وهو أنجح رئيس اتحاد كروي في العالم على العتبة الثانية عند بوابة الستين، مثله في ذلك محمد بن همام القيادي الأول في آسيا، لكن الأمر عندي يتجاوز العمر إلى الكفاءة والقدرة. معنى ذلك أيضاً أنه لا ينبغي أن نتوخى تشبيب الرياضة لمجرد التشبيب، إذ يجب أن يصاحب العملية اختيارات دقيقة تقوم على عنصري الكفاءة والقدرة، بحيث يكون العنصران متلازمين، إذ ليس بالضرورة أن يكون كل كفء قادر على القيام بمسؤولية المنصب، وتحمل أعبائه، هذا بالنسبة لمناصب رعاية الشباب واللجنة الأولمبية، أما ما يتعلق بالاتحادات الرياضية فإذا لم تعتمد الانتخابات الكاملة، فلا أقل من أن يكون التعيين في منصب الرئيس قائم على ذات العنصرين، وحتمية النأي عن التعيينات المبنية على العلاقات الخاصة، والتي تحوّل قيمة المنصب من قيمة تكليفية إلى قيمة تشريفية، وإذا لم يحدث كل ذلك فليس لنا إلا نردد كما اعتدنا كثيراً "لا طبنا ولا غدا الشر"!