يذكرني السباق الإعلامي ل(بعض) الراغبين في الترشح لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم بحالنا حين كنا طلاباً في المدارس عندما يبحث المعلم عن ترشيح عريف للفصل، إذ يبادر (الفتوات) من أصحاب الطول الفارع والعضلات المفتولة، وغالباً ما يكونون من (البلداء) دراسياً، وأصحاب (السوابق) بالرسوب مرة أو أكثر في الفصل الدراسي الواحد للفوز بالمنصب الكبير؛ رغم أنهم لا يملكون أي شيء من مقومات العريف الناجح الذي يفترض فيه أن يكون (ضابطاً) للفصل سوى امتيازهم بفنون (الفتونة). ذلك المشهد تبدى أمامي وأنا أشاهد من لم يسجلوا أدنى نجاح يذكر في مسيرتهم الرياضية لا يترددون في تسويق أنفسهم كمرشحين لشغل الكرسي الأكبر في الكرة السعودية، والذي شغر باستقالة الأمير نواف بن فيصل، وهو ما جعل آخرين يستخفون بقيمة المنصب، ما حدا بهم لطرح أسماء إداريين أو لاعبين كانت حتى أمس القريب أبعد ما ترشح له إدارة فريق، وليس رئاسة ناد، وإذ بها بين عشية وضحاها تقدم كمرشحة لرئاسة الاتحاد الأكبر في الرياضة السعودية. واقع الحال الجديد الذي ارتسم على إثر صدمة قرار الاستقالة يظهر مدى تهافت الوعي الديموقراطي في وسطنا الرياضي، والسبب في ذلك يعود لغياب الممارسة الفعلية للانتخابات سواء في الأندية أو الاتحادات الرياضية، حيث ظلت الأندية الرياضية مرتهنة لسياسة التزكية من قبل المتنفذين عليها، أو خاضعة لقرارات التكليف من الرئيس العام لرعاية الشباب، في حين ظل مسرح الاتحادات مغلقاً باحتكاره على الممثلين المعينين، قبل أن يفتح بابه لممثلين منتخبين بواقع نصف النصاب. المرحلة الراهنة بمستجداتها ومتغيراتها المنتظرة تمثل واحدة من أخطر المراحل في تاريخ الرياضة السعودية، وهي مرحلة تحتاج لتكثيف جرعات الوعي الديموقراطي في الوسط الرياضي، ولن يكون ذلك إلا بمشاركة فاعلة من رعاية الشباب واللجنة الأولمبية، وباستشعار النخب الرياضية بأهمية دورها التوعوي، بالإضافة إلى حتمية أن يكون الوسط نفسه مدركاً لأهمية المرحلة المفصلية في تاريخ الرياضة السعودية، وحاجتها للتعاطي المسؤول معها قبل البدء في الدفع بعجلة الانتخابات التي نمني أنفسنا أن تكون انتخابات كاملة أسوة بالعالم أجمع. أزعم بأن النجاح في التحضير لمرحلة ما قبل الانتخابات أهم بكثير من مرحلة الانتخابات نفسها، فهي من شأنها أن تسهم في نجاح التجربة الأولى في اختيار رئيس وأعضاء يكونون ممثلين حقيقيين للجمعية العمومية يكون المعيار الوحيد في اختيارهم الكفاءة؛ بعيداً عن الدخول في دهاليز المصالح التي لن تفرز سوى مجلس إدارة مهترئ من شأنه أن يبقي الكرة السعودية في نفق الفشل الذي لم تغادره إلا لتعود إليه وذلك منذ نحو عقد كامل. إنني هنا لا أدعو لمصادرة حق أي ممن تنطبق عليه شروط الترشح في ممارسة حقه الديموقراطي، وإنما أدعو لتحييد الفاشلين، وتطويق المتمصلحين من أي عملية اختراق من خلال تسييج الوسط الرياضي بسياج الوعي، كي نمنع اختطاف المجلس المرتقب الذي نعول بأن يكون إنقاذ الكرة السعودية على يديه.