يعد عقار الأسبرين من أكثر الأدوية استخداما، وهو من الأدوية المسكنة والمضادة للالتهاب، كما أنه يزيد من سيولة الدم مما يجعله مفيداً في علاج أمراض القلب والأوعية التي تعد من أكثر الأمراض شيوعا وتتسبب في حدوث الكثير من الاختلاطات والوفيات، ومن الأمثلة عليها احتشاء القلب والجلطات الدماغية ونقص التروية في الأطراف السفلية. لقد قال أجدادنا: (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، ولكن علينا أن نميز بين الوقاية الأولية من المرض وتعني منعه قبل حدوثه عند الأشخاص المهيئين للإصابة به وبين الوقاية الثانوية من المرض وتعني منع تكرار حدوثه عند المصابين به أصلاً. وقد ثبت علمياً أن استخدام الأسبرين لدى الأشخاص المصابين بالأمراض القلبية الوعائية الآنفة الذكر يفيد في الوقاية الثانوية من حدوثها، وفي تأخير الوفاة الناتجة عنها بإذنه تعالى، ويعد استخدامه ضروريا خاصة عند الأشخاص الذين أجريت لهم توسعة لشرايين القلب أو عملية تبديل لهذه الشرايين. أما استخدامه في الوقاية الأولية من هذه الأمراض عند الأشخاص المعرضين للإصابة بها فهو مفيد كذلك، إلا أننا في هذه الحالة علينا أن نوازن بين الفائدة المرجوة من الوقاية وبين الضرر المحتمل من وقوع التأثيرات الجانبية للدواء، فإن كان خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية عالياً لدى شخص ما (كمرضى السكري وارتفاع الضغط والكولسترول، خاصة المدخنين منهم) وكان احتمال الضرر من الدواء قليلاً عند الشخص نفسه فينصح عندها باستخدام الأسبرين للوقاية. لا يخلو أي دواء من تأثيرات جانبية وكذلك الأمر بالنسبة للأسبرين، فقد يؤدي إلى ألم بالمعدة، وبنسبة أقل إلى قرحة ونزف من الجهاز الهضمي، يزيد احتمال حدوثها عند المسنين والأشخاص الذين يتناولون أدوية أخرى تؤذي المعدة (كالفولتارين ومضادات الالتهاب غير الستروئيدية الأخرى). كما أن الأسبرين قد يزيد احتمال الإصابة بالنزف من أماكن أخرى من الجسم كالأنف والجلد وفي حالات نادرة قد يسبب نزفا دماغيا، كما أنه قد يحرض على اشتداد نوبات الربو عند بعض المصابين به. أجريت مؤخرا عدة دراسات للتأكد من احتمال فائدة الأسبرين في الوقاية من مرض السرطان، وتبين فعلا أن استخدامه لعدة سنوات قد يؤدي للوقاية من سرطان الجهاز الهضمي وبالأخص سرطان القولون والمستقيم، وتظهر هذه الفائدة أكثر عند الأشخاص المهيئين لحدوث هذه الأورام خصوصا من لديه أقارب من الدرجة الأولى مصابين بها، إلا أنه ينبغي علينا أن نوازن بين هذه الفائدة وبين الضرر المحتمل من التأثيرات الجانبية للدواء كما أسلفنا، كي لا نكون كمن يستجير من الرمضاء بالنار. أود أن أنوه هنا أن ممارسة بعض العادات الصحية اليومية قد تفوق استخدام أي دواء في الوقاية من الأمراض، فالإكثار من الأغذية الغنية بالألياف (كالفواكه وبعض الخضروات) يقي بإذن الله من سرطان القولون، كما أن الرياضة وتنزيل الوزن والحمية الصحية تساعد في الوقاية من أمراض القلب. وعليه نقول بأن استخدام الأسبرين للوقاية من جلطات القلب والدماغ هو أمر مؤكد ومثبت علميا، أما استخدامه للوقاية من السرطان فلا يزال موضع جدل، ولا بد من التأكيد على استشارة الطبيب المختص قبل استخدام أي دواء لمناقشة الفوائد والمضار. * قسم طب العائلة