العنوان من باب الاثارة.. إذ لم يلتق الشاعران أحمد شوقي (أمير الشعراء) ورشيد نخلة (أمير الزجل) مع محسن الهزاني (أمير الغزل)-رحمهم الله جميعا- فشوقي ولد في عام 1285ه ، و محسن الهزاني - حسبما يميل اليه بعض مؤرخيه - عام1107ه أي أن هنالك مائة وثمانية وسبعين عاما تفصل بين شوقي ومحسن. أما رشيد نخلة فولد عام 1873م - وتوفي العام 1939م. وطرافة ما في الأمر أن شوقي عام 1925م حل ضيفاً على صديقه الأديب الزجال رشيد نخلة حينما زاره في لبنان وعن هذا اللقاء كتب رشيد نخلة باسلوبه الرقيق ولغته العذبة: نزل أمير الشعراء شوقي لبنان عام 1925م وعقدنا ذلك الود الذي لا يفت فيه غياب الوجوه، واختلاف الدنياوات. فذكر شوقي مرة عندنا في البيت قضية الملحمة في الشعر العربي فتذكرت (رواية محسن) فطفقت أفتش عنها وراء غبار الماضي وأجمع أبياتها المتعثرة.. وكان سروري فوق ما أصف حينما أقبلت على (شوقي) بعد أيام اقرأ عليه طائفة من ( رواية ) «محسن» الزجلية وهو رحمه الله يطرب ويستعيد هذا المقطع مرةً مرةً ومرتين مرتين: والسهل عشبو كان يموع موع الحرير والليل من ضو القمر قطعة رخام والليل من ضو القمر لونو اْنمحى حتى الذهب خالط الفضة من الضحى وراح النسيم عالسهل يمشي سوسحا واللولحا لردان محسن والكمام ! ثم يضيف رشيد نخلة قائلاً: « لولا أن عم والدي (يقصد عباس بك) لما كان لي أن انظمها ولولا شوقي لما كان لي أن أنشرها «. نخلة هذا ما كتبه الشاعر والزجال الكبير رشيد نخلة في مقدمة (محسن الهزاني) وطبعت الرواية أول مرة في بيروت عام 1936، ثم في البرازيل عام 1940م ثم في صيدا( بدون تاريخ ) (وهي النسخة التي اعتمدت عليها عند كتابة هذه المقالة) ثم طبعت اخيرا في دمشق تحت اسم مستعار ( هند بنت جفيل : بدون تاريخ ). وعباس بك المذكور هو عم والده، ومحافظ مدينة صور، وكان يختلف إلى منزله الأدباء والشعراء ومحبو الزجل وشداته، ومن بين هؤلاء الكثيرين شخص اسمه (سليمان الأحمد) من سوريا، وهو بدوي من النمير، ولهذا الشخص الفضل في نقل قصص وغراميات وشعر محسن الهزاني، وكان عباس بك يتمنى نقل مثل هذه القصص والأشعار وما فيها من بطولة وحب وإثارة وجاذبية وما فيها من جمال وصور.. أقول كان عباس بك يتمنى أن ينقلها ويجد من يستطيع نظمها على طريقة (المعنى) وهو ضرب من ضروب الزجل . ولعل الشاعر الكبير رشيد يكون قد حقق أمنية عم والده (عباس بك) حينما كتب (محسن الهزاني) وقد ابدع الزجال رشيد نخلة فيما يسمى (الشروقي) ولعلي لا أجانب الصواب إن قلت: إن هذا النوع من الرجز - الشروقي - أقرب ما يكون إلى الشعر النبطي مقارنة بالأنواع الأخرى من الأزجال. حيث يلتزم فيه الشاعر بقافية معينة تبقى معه حتى نهاية القصيدة، ويتألف من 13 حركة وهو من بحر يسمى في الرجز (الوفائي) ولا يُعرف لماذا اسمي (بالشروقي) وقد روى بعض المهتمين بالزجل أن أحد العاشقين ترك أحبابه فاتجه صوب الشرق و ودعهم بقصيدة باكية نظمها على هذا الوزن فسمي (شروقي)، وفيما يلي قصيدة لأمير الزجل على هذا الوزن: يا مير من جنب الطويلع بيومين مربع وضيح الرحب لتقول جنه مسبع بعمدان الذهب طول رمحين والخز والديباج من تحتهنه ويا محسن الهزان وتمر بالعين أخت القمر وتقول للعقل جنه ذباحةٍ بالعين من بين هدبين لو سايلوك السحر لتقول هنه ومن حولها زينات غرن تهادين والعنبر الفواح باردانهنه ولني يا محسن ناشدك صوت واثنين وتقبع قبوع الريم من بينهنه وتعطي وتنصت والهوى بين لحظين كني قريت اسمك يلوحّ بهنه ولو تدبرنا القصيدة التالية لمحسن الهزاني لاتضح قرب هذا النوع من الرجز ( الشروقي ) للمسحوب . ويعد الهزاني اول من أشهر هذا البحر في الشعر النبطي وتبعه اخرون من بعده . وليس بالضرورة اول من استخدمه . تأمل معي الابيات التي تتطابق معها قصيدة رشيد نخلة في البحر والوزن وإن اختلف المسمى شروقي / مسحوب يا شين ما عينت لي داعج العين قلبي عليها بالهوى زاد طنيه إلى ضحك في مبسمه طقني بيْن لجت محاحيل الحشا واقرشنيه ساره وزعبيه ونصره غدت وين خواتم باصباع ساره زهنيه ساره حلاهن مير نصره حلا العين وسطٍ كما الخاتم على ضوضحنيه إن كان عندك وحدةٍ عندنا الفين حتى الرخيصة ما نبيعه برنيه وبعد محسن الهزاني جاء شعراء آخرون وطرقوا هذا النوع من الوزن الصعب.. الذي لا يستطيع إجادته إلا المتمكنون في الشعر النبطي. فالشاعر عليه أن يلتزم بقافية موحدة في الصدور حتى نهاية القصيدة. ليس هذا فحسب، بل يجب عليه - أيضاً- الاتزام ب «روي» موحد في اعجاز القصيدة حتى النهاية يتكون من ثلاثة أحرف ولعل أحسن وأجمل مثالين في هذا قصيدتي شاعر رنيه ( واسمه بريك بن عذاب العذاب), والشاعر/محمد الدسم (من كبار شعراء قبيلة عنزة، ولد عام 1265 ه وعمر طويلاً ويظهر في شعره التجارب والحكمة). وفيما يلي قصيدة شاعر رنيه تليها قصيدة محمد الدسم. قصيدة شاعر رنيه.. قال الذي يبدع من القاف تسعين تسعين قافٍ كل ابوهن على نيه يا راكبٍ من فوق سمح الذراعين فوقه غلام لاندبته شفنيه يطوي مسير العشر في ظرف يومين واليوم الاخر بالحريق أمرحنيه الميركه ماهود وشدادها زين وخرج العقيلي والسفايف زهنيه وصبح أربعٍ تلفى بيوت الهزازين لا جيتهم اعقل ذلولك بثنيه تلفى الهزازنه القروم المسمين من سمعني في مدحهم ما أكذبنيه ذباحةٍ للحيل ومهبشٍ زين ماكولهم يركد على الكبد هنيه مجلاسهم فيه الشرف والنبا الزين فروخ الحرار سيوفهم ترهبنيه واخص محسن شوق ضاف الدليقين لولاه قال كليمة وازعلنيه لومي على اللي سامعه من زمانين وراه ما قاضاه ولا علمنيه البارحه يقولون ليلة اثنين أحس عيني بالدموع احرقنيه بكيت ولا ابكان همٍ ولا دين ولا غريمٍ خايفٍ يذبحنيه أبكي على من له على المتن قرنين سبيب شقرا عندما فرعنيه ومجدلات أطرافها وقم بوعين شروا حبالٍ شفتهن يفتلنيه ما همني كود انت يا مغيزل العين ابو قرون فوق متنه كسنيه اسقان من ريقه طعم سكرٍ زين والله وقى وإلا بغى يشرقنيه يا محسن انك لو تشوف أريش العين عفت الحريق وجيتنا صوب رنيه لو شفت سعديه وثنوى وثتنين في روشن ما احلى حمامه وبنيه ذرعان سعديه سواة العراجين ومشمرخاتٍ بالذهب يلبسنيه وجسمه كما الدهدار وألين من اللين وخصره كما الفتخا بضبضاب حنيه والعنق عنق الريم بين الشعيبين لا شاف قناص الضحى وأجفلنيه وسنونها يا خوي بيض الفناجيل غزلان صيد عندما وضحنيه وسعديه أزين مير نصره حلا عين خواتم بيدين نصره زهنيه يا محسن قلبي تدالاه رمحين وإلا حنيشٍ بالعقب ينهشنيه لا تلومني ياخوي قلبي غدا وين ولو شفتهن تعاف قصرك وبنيه مير انت ياللي شوفتك تطرب العين رجليك بالمغراب لا تزلقنيه إن قلت لي قين فأنا قين ابن قين وان قلت أنا شين فأنا عبد رنيه أمي خلوج بالخلا تردف اثنين واختي تهرول كنها المقفزنيه وإلا انت شيخ من رجال عريبين ارفع مقامك عن صرات الركنيه قصيدة الشاعر/ محمد الدسم البارحة ما قرب النوم للعين عافن عيوني نومهن واسهرنيه أسهر طوال الليل والناس غافين ونوم الملا يا عزوتي حاربنيه سهرت وأسهرني عن النوم همين الهم جاني والكبر نوخنيه ماهمني اللي هم شيخ الهزازين اللي وصف له زينهن ... رنيه هم همهم طرد البنات المزايين وأنا بلايه من زماني محنيه هم همهم واحد وأنا همي ألفين متفاختات ظعونهم مع ظعنيه عقب الصبا يا لابتي شفت أنا شين الى نويت أمشي رجولي عصنيه ترى الصبا يا مدورين القوانين الطيب به والمرجله يلتقنيه وجدي علي أيام الصبا وينهن وين يا حلوهن ياليتهن يرجعنيه المقفيه عمارهم فالهم شين راحت ليالي عزهم واقرشنيه والمقبله عمارهم فالهم زين لو تفتشون قلوبهم تضحكنيه الكبر رماني مع اثنين واثنين وجميع الاربع من سببهن رمنيه لكن رمن قلبي رجال كثيرين وقلوبهم من زايد الهم طنيه شُوفي قصر واطالع الزول زولين والسبع من ترديدهن عجزنيه الكبر لفواته مثل فايت البين ما بالصدور الى لفا يفرحنيه كبرت وعيالي بعدهم صغيرين ورجلي عن رقي العلا هوننيه وقمت أكتلف من سجتي للدياوين وصاب الضهر من بطو الايام حنيه عشنا مع الحيين خمسه وتسعين بحساب يوم وكنهن ما مضنيه