نائب رئيس الوزراء الماليزي السابق انور إبراهيم الذي كان يمشي متوكئا على عصا واحيانا على كرسي متحرك ويبدو شاحب الوجه ومنهكاً بعد عزله من منصبه في عام 1998 بعد محاكمات غير عادلة أدانها المجتمع الدولي. ظهر مؤخراً في صالة للمؤتمرات بفندق فخم في كوالا لامبور وتحدث إلى حشد من مؤيديه ودبلوماسيين أجانب وكان يبدو في صحة تامة وواثقا من نفسه بشكل كبير بل ومهاجما في نبرته. كان هدف هجوم انور إبراهيم البالغ من العمر سبعة وخمسين عاما خصمه العتيد رئيس الوزراء المتقاعد مهاتير محمد المتهم بحصوله على حصص كبيرة في شركات إعلامية وبسماحه لتفشي فساد رسمي وبمسؤوليته عن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. وتحدث كذلك في المناسبة -أقامها منتدى الإصلاح السياسي في جنوب شرق آسيا- رئيس البرلمان الإندونيسي السابق أمين ريس وعضو مجلس الشيوخ في البرلمان الإندونيسي كاريساك شونهافن واعتبرت هذه الخطوة دعماً لخطة انور إبراهيم للعودة إلى الساحة السياسية. وقد أصر انور إبراهيم في مخاطبته لمنتدى الإصلاح السياسي على أن الفساد اقتصادي والبطالة في تصاعد وأن انتهاكات الشرطة مازالت مستمرة بدون محاسبة أو رقيب وأن المؤسسات الديمقراطية ما زالت ضعيفة. وقد عاد أنور إبراهيم إلى ماليزيا لبدء حياته السياسية مجددا بعد بضعة أسابيع من النقاهة في أعقاب إطلاق سراحه من السجن في سبتمبر الماضي بعد أن قضت أعلى محكمة في البلاد ببراءته من تهمة الفساد الأخلاقي وبعد أن قضى عدة اشهر في أوربا والشرق الأوسط محاضرا في مؤسساتها العلمية العريقة. وتعهد نائب رئيس الوزراء السابق أمام منتدى الإصلاح السياسي بالعمل بكل جهد من اجل تحقيق الإصلاح السياسي والعمل على توحيد وتقوية المعارضة المشتتة لمواجهة حكومة عبد الله بدوي في الانتخابات العامة المقررة في عام 2008. وقام أنور أيضا بجولة في البلاد مخاطباً الليالي السياسية ومطالبا بتحقيق مستقل حول فساد زعماء سابقين وحاليين ووعد بردم هوة الخلافات واستغلال الأرضية المشتركة للحزب الإسلامي الماليزي وحزب العمل الديمقراطي المعارض الذي ينتهج المبادئ العلمانية ويدافع عن قيم الطبقة الوسطى. ويبدو أن جهود انور إبراهيم السياسية تبدو طيبة ولكن رسالته السياسية الجديدة لم تتجاوز مؤيديه ضمن الآلاف الذين حضروا المنتدى والليالي السياسية. وبالنسبة لعامة الناس في ماليزيا فإن انور إبراهيم كان ببساطة قد اختفى ردحا من الزمان من الساحة السياسية والسبب في ذلك يعود إلى وسائل الإعلام التي تديرها الحكومة والتي سعت إلى محو آثاره السياسية تماما. والآن هل تسلل انور إبراهيم عائدا إلى البلاد؟ وماذا كان رد فعل أحد الأطباء عندما علم بان انور تحدث في منتدى إصلاح سياسي فقد أجاب بأنه لم يعلم ذلك بسبب الرقابة الصارمة على وسائل الإعلام حيث لايجرؤ أحد من الصحفيين مخالفة أوامر الحكومة في التعتيم على أخباره. ويواجه انور إبراهيم عملا شاقا من اجل إنجاح خطته للعودة إلى الساحة السياسية فقد تم إبلاغ الصحفيين في المجالس الخاصة بأن انور إبراهيم يمثل تهديدا أمنيا لانه يعمل على شق صف الوحدة الوطنية التي تعد مهمة للغاية في تحقيق الاستقرار للمجتمع الماليزي المتعدد الأعراق والأجناس والأطياف السياسية وذلك حسبما قال أحد الصحفيين المخضرمين بشرط عدم الإفصاح عن هويته. وليس من الصعب حجب أخبار انور إبراهيم سواء في الإعلام المقروء أو المسموع أو المشاهد لأن كل هذه الأجهزة الإعلامية تخضع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لهيمنة وسيطرة أحزاب سياسية مشاركة في تحالف الجبهة الوطنية الحاكمة المؤلفة من أربعة عشر حزباً.وقال ذلك الصحفي المخضرم إننا خدم للحكومة وليس لدينا فرصة لمعارضة أوامرها في المقام الأول.وقد تم تحذير طلاب الجامعات الماليزية وكذلك الطلاب الذين يدرسون بالخارج من حضور ندوات ومحاضرات انور إبراهيم وإلا فانهم سيفقدون فرصهم الدراسية. ومن جانبه يصر انور إبراهيم على القول بأنه كان ضحية وانه بريء تماما مما نسب إليه من تهم جائرة وقام نفر من مؤيديه وبعضهم مسؤولون كبار متقاعدون بتقديم مناشدة إلى ملك البلاد في مايو للعفو عنه غير أن محللين سياسيين يقولون إن الأمل ضعيف في حدوث ذلك حيث إن الدستور ينص على أن يعمل الملك وفقا لتوصيات الحكومة كما أن عددا من الوزراء المخضرمين -والكثيرون منهم مؤيدون لمهاتير محمد- يقفون بقوة ضد منح انور إبراهيم العفو. وبالرغم من كل هذه الصعوبات الجمة والعراقيل الكبيرة فإن انور إبراهيم يتعهد بالعودة إلى الحياة السياسية فقد أوضح قائلا مؤخرا بأنني ماليزي وهذا وطني وقد عدت إليه ولكن يبقى التساؤل الكبير بالرغم من حماسة انور إبراهيم هل يستطيع هذا الزعيم الشعبي أن يستعيد مكانته السابقة في ساحة الأحزاب السياسية. ٭ (آشيا تايمز)