في تصريح لمدير إدارة الأمن الفكري بوزارة الداخلية الدكتور عبدالرحمن الهدلق ذكر أن صناع الإرهاب من عناصر القاعدة دخلت مغاسل الموتى لتجنيد الشباب مستغلة بكل جسارة الحالة العاطفية لذوي الميت من الشباب..؟ أتفق مع الدكتور الهدلق تماما في أن صناع التطرف لا يدخرون وسعا في نشر ثقافة التطرف بكل أشكالها وإن تنوعت مطامحهم وأهدافهم..؟ في موقف عايشته بنفسي في موقف يعكس جسارة هؤلاء وتطاولهم مع وجود أرض خصبة لتقبل فكرهم أكدت إحدى مغسلات الموتى وبثقة لا أعرف من أين أتت بها إنها قبل قليل رفضت تغسيل فتاة لانها والعياذ بالله فتاة غير صالحة مكملة الله يعينها على الحساب بتلميح غير إيجابي..؟ مؤكدة وفي نفس السياق أنها تغبط السيدة الأخرى فهي كما يبدو من محياها (مازال الكلام للسيدة مغسلة الموتى) من أهل الجنة فهي بيضاء الوجه مبتسمة وأخذت تترحم عليها مؤكدة أنها من أهل الجنة، أتفق معها بالدعاء للميت ورجاء المغفرة والرحمة من رب الرحمة لعباده.. ولكن ليس من حق أحد ان يزعم تقييم ميت ويضع توقعاته لنهاية البشر، بل ويصنف أهل الجنة من غير أهلها.. إشكالية ثقافة التطرف تلك أنها تختطف مشهد الموت من مضمونه لتبث فكرها وتغرس رؤيتها الخاصة في وجدان أهل الميت لتتسع قاعدة المنتمين لفكرهم خاصة وأن الحالة النفسية عادة لأهل الميت تكون عاطفية وقابلة لامتصاص تلك الأفكار وتزداد الخطورة مع الشباب من أبناء المتوفى خاصة في حال الشعور بالضعف والانكسار مع أهمية المفقود، وهذا يجعلنا نعود للجهات المختصة والمشرفة على تلك المغاسل بضرورة اختيار عناصر تدرك قدسية الموت، وفي الوقت نفسه غير متطرفة فكريا ولا تحمل اتجاهات سلبية نحو المجتمع، مع ملاحظة ضرورة الاهتمام بتأهيل هؤلاء نفسيا وفكريا لأنهم معرضون للاختراق والتجنيد بحيث يكونون وسائط غير واعية ناهيك عن تطاولهم على حق المسلم. وربما أمر من ذلك، حيث بعضهم يوحي لك بشكل واضح انه يتوقع نهاية ومصير كل ميت.. مشهد الموت بحد ذاته واعظ وتجنيد ذلك المشهد لايصال قناعات متطرفة من شأنه أن يثير تساؤلنا ان لم يردعهم الموت ودخلوا دهاليز مغاسل الموتى فهل ندرك أنهم مندسون بفكرهم في غير مجال وبأكثر من غطاء فتارة يخترقون المشروع التنموي الوطني وتارة يتبنون مواقف سياسية ضد أنظمة عربية وتارة يفتون بما هو خارج الشأن المحلي. وبين هذا وذاك مازال مسرح الإعلام الاجتماعي هو موقعهم ومسرح عملياتهم المفضل، ولكن بطريقة تناسب ملاحقة المؤسسة الأمنية وأيضا رفض المجتمع لفكرهم الجهادي السابق، حيث تغير الخطاب وبقيت ثقافة التطرف مرتكزهم، ولكن بما يتناسب مع حالة وعي استوعبت الأمس وتحتاج لمن يساعدها على استيعاب المتغيرات واحتياج الغد لفكر مدرك لدينه ومنفتح على متغيرات العصر وفق حقيقة تؤكد أننا جزء من العالم ولسنا منفصلين عنه.