ربما يكون من الصعب تصور أن قيمة الشركة التي تدير موقعا للتواصل الاجتماعي الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياة حوالي سبع سكان العالم مبالغاً فيها ، ولكن كبار المستثمرين المحنكين قالوا ذلك قبل أيام من الطرح العام الأولي لأسهم شركة "فيس بوك" اليوم الجمعة وهو الحدث الذي تترقبه أسواق المال بشغف بالغ. تقول شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم "فيس بوك" إن عدد مستخدمي موقعها بلغ 901 مليون مستخدم في أبريل الماضي ، وتعتزم الشركة طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام الأولي بقيمة 11 مليار دولار تقريبا لتصبح القيمة السوقية الإجمالية للشركة الأمريكية حوالي 104 مليارات دولار وهو ما يجعله أكبر طرح عام أولي لشركة إنترنت في الولاياتالمتحدة. ولذلك فالكل يترقب ليرى هل سينخفض سعر السهم بعد طرحه أم يرتفع مقارنة بسعر الاكتتاب الذي لم يتحدد بعد ، ولكن السؤال الأكثر أهمية بالنسبة للعاملين في "فيس بوك" والمساهمين فيها هو هل ستنجح الشركة في تبرير هذا السعر المرتفع للسهم على المدى الطويل من خلال تحويل هذا الجمهور الكبير من مستخدمي موقع فيس بوك إلى جمهور مستهدف للمعلنين فيتحول نجاح الموقع الجماهيري إلى إيرادات مالية للمساهمين. من الناحية التاريخية فإن المعدل بين سعر السهم وأرباح الشركة عند الطرح العام الأولي هو واحد إلى 15. ووفقا لبيانات فيس بوك فإنها حققت العام الماضي أرباحا بلغت مليار دولار من إيرادات بلغت 3 مليارات دولار وهو ما يعني أن القيمة السوقية العادلة للشركة تبلغ 15 مليار دولار فقط وليس 104 مليارات دولار كما هو الحال الآن. ومما لا شك فيه فإن شبكة "فيس بوك" تمتلك إمكانيات هائلة كمنصة إعلانية لأنها تعرف الكثير من بيانات المستخدمين وبالتالي تستطيع تحقيق ربط جيد بين المعلن وجمهوره المستهدف. ولكن الشركة نفسها تعترف بأن تحويل هذا النجاح الجماهيري إلى تدفقات نقدية ليس سهلا في ضوء حقيقة أن جزءا كبيرا من مستخدمي شبكة فيس بوك يعتمدون على الهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي للدخول إلى الشبكة، في حين أن "فيس بوك" وغيرها من الشركات الأخرى مازالت تتلمس الطرق لجعل الإعلانات عبر هذه الأجهزة مجزية. وكانت فيس بوك قد حذرت في مذكرة للسلطات الرقابية الأسبوع الماضي من أنها تعتقد "هذه الزيادة في معدل استخدام فيس بوك عبر الأجهزة المحمولة ساهمت في الفجوة بين الزيادة في الاستخدام اليومي للشبكة من جانب المستخدمين والزيادة في عدد الإعلانات التي يتم نشرها. وسوف يتأثر أداؤنا المالي وقدرتنا على زيادة الإيرادات سلبا بهذا الوضع". والحقيقة أن الشكوك في قدرة فيس بوك على تحقيق عائدات مالية من قادة مستخدميها الضخمة كانت السبب وراء تريث الكثير من كبار المستثمرين الأمريكيين في قرار شراء حصة من أسهم هذه الشركة. كما أن الشركة تواجه صعوبات قانونية فيما يتعلق بحماية خصوصية بيانات المستخدمين وكيفية استخدام هذه البيانات بحسب ما ذكرته شركة مورنينج ستار للاستشارات الاستثمارية. وذكرت مورنينج ستار في مذكرة بحثية أن التركيز على التحديات قصيرة المدى أمام فيس بوك يمكن أن تؤدي إلى تراجع سعر سهم الشركة وهو ما يتيح فرص كبيرة لشراء هذا السهم بأسعار أفضل فيما بعد. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية عن فيليبو جاربارينو من مؤسسة فرونت ويف كابيتال للاستشارات المالية القول إنه في ضوء هذه الظروف فإن من يشترون أسهم فيس بوك هم مضاربون أكثر منهم مستثمرون. ورغم امتناع كبار المستثمرين عن الاكتتاب في طرح فيس بوك فإن الشركة وجدت إقبالا كبيرا من جانب المكتتبين إلى الدرجة التي دفعتها إلى زيادة سعر الطرح قبل تنفيذه بأيام ثم التفكير في زيادة حجم الطرح نفسه. والحقيقة أن السوابق التاريخية تقول إن أسعار أسهم شركات الإنترنت مثل جروب أون وزينجا وباندورا ميديا انخفضت بسرعة بعد طرحها للاكتتاب العام الأولي رغم نجاح هذا الطرح بشدة في البداية.