حصيلة سبع سنوات من تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، تجاوزت سبعين عاماً من العطاء والإنجاز على المستويات المحلية والعربية والعالمية، فقد شهدت المملكة قفزة في المشاريع فاقت ما قبلها، وشكلت استثناءً في قوائم الاعتمادات في ميزانيات الأعوام الماضية والتي شملت المدينة والقرية وفق إستراتيجية أرادت تعميم التنمية والصعود بالمواطن إلى أن يكون عماد البناء، والاستفادة منه، ونتيجة تنامي عائداتها أصبحت ضمن نادي العشرين لأغنى دول العالم لتساهم في صياغة وقرارات دولية كبرى إستراتيجية وعملية.. وقفة الملك عبدالله في قمة الكويت والتي كان التوتر بين الأجنحة العربية وصل ذروة الخلاف ليقود المصالحة من باب المسؤولية الأخلاقية، ويعلن تبرع المملكة بمليار دولار لدعم الشعب الفلسطيني، ولا ننسى كيف عفا عمن أرسلهم القذافي لقتله في موقف نادر وشجاع ليرد على خصمه بفعل إنساني وأخلاقي، وآخر دعواته لزعماء دول مجلس التعاون الانتقال من الصيغة القائمة إلى الاتحاد بخلق كيان مهم أمنياً واقتصادياً واجتماعياً دليل على سعة أفق هذا الرجل وتعاطيه مع المواقف الإنسانية بدفء العاطفة والشجاعة ومع مقتضيات حسم الأمور بقوة وشخصية هذا الرجل الذي تميز بالإحساس الإنساني والشعور المتكافىء بالرحمة والعاطفة . نال أكثر من جائزة عالمية وضعته في مصاف الشخصيات الأكثر تأثيراً في العالم وصاحب إنشاء مركز الملك عبدالله لحوار الحضارات والثقافات وأتباع الأديان، وطرح إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وافقت عليه الأمم، وفي معمعة الثورة العارمة ضد الإسلام أقدم على زيارة الفاتيكان في خطوة أكدت أن العداء مفتعل وليس صحيحاً بين الأديان السماوية، وقد تخطى في رؤيته مفهوم المناطقية والمذهبية إلى حوارات وطنية شملت كل أطياف المجتمع، عقدت في العديد من المدن لتوسيع دائرة هذه المفاهيم وتأصيلها وكان الحضور النسائي كبيراً ومسموعاً لرؤيتها وتطلعاتها.. الملك عبدالله شخصية جمعت المحلية مع العربية، فالعالمية، وفي دفاعه عن اتهام الإسلام بالتطرف ومعاداة الحضارة ونواتجها كان من أهم المصرين على ملاحقة القاعدة في الداخل حين قدم العديد من المتهمين للمحاكمة، أو ملاحقة أعضائها في كل مكان مما أعطى المملكة بعداً عالمياً في كشفها أكثر من عملية استهدفت عدة دول، فكانت هذه إحدى الشهادات العليا لنجاح أجهزة الأمن الوطنية، وتعاونها مع أجهزة دول متقدمة أعطت قيمة جديدة لهذا التعاون المفتوح. خصال هذا الرجل لا تحصى، ومع ذلك فهو نموذج التواضع والابوة والشهامة والصلابة في دفاعه عن أمته العربية وعالمه الإسلامي، حتى أنه في لقاءاته وحواراته مع مختلف القوى العظمى ظل ثابتاً على صدق رؤيته وإشاعتها مما أكسبه احترام وثقة الدول الصديقة كلها ولم يأت تعامله السياسي أو الاقتصادي من باب قبول الإملاءات أو التحالفات، لأن المملكة لا تقع في سلم الدول التي تتعامل بسياساتها وفق احتياجاتها وتنازلها عن بعض مواقفها، وهذا التميز أعطى لقرارات وتوجهات المملكة بعداً مستقلاً وقوياً عن أي نفوذ آخر، ولا يزال هذا الزعيم الكبير يأمل ويعطي ويحلم بدولة تخرج من أقبية العالم الثالث إلى الأول، وهو أمر بدأت ملامحه تظهر وستقود إلى هذه الأماني والأحلام..