لقد خلق الله الإنسان في هذه الدنيا، يكابد صنوف المعاناة في شتى مراحله منذ اللحظة الأولى وحتى آخر لحظة في حياته وتعرّف المعاناة كما ورد في معاجم اللغة ما مضمونه؛ أن المُعاناة هي: المُضاناةُ، والمشاقاة، والمقاساة، والمعاجاة، والمعالجة في الأمر، والممارسة للأمر، والمعاناة هي احتمال الشدائد، فمن لم يحتمل فلا يقال: عانى شيئًا، وبعض أهل اللغة فسر المعاناة بالمداراة. بينما الاديب فتحي حسان يقول ان المعاناة واقع بفعل مؤلم ومثير ومدهش ومفزع وغامض وهالك، يقع على شخصية عظيمة ونبيلة، له حاجة يريد أن يحصل عليها، وهدف يريد تحقيقه. يتعارض مع حاجات وأهداف نفسه، ما بين الصبر والتحمل والمثابرة، وما بين الرفض والضيق والعصيان؛ فينشأ المشاحنة والمجابهة والصراع الداخلي النفسي المرير، ما بين الطاعة والعصيان، والصراع الخارجي مع آخرين لا يحتملونه ويكون الابتلاء لا يريدونه بينهم أو يمدون يد العون له بل يجابهونه ويصارعونه ويضيفون إلى آلامه ومعاناته آلام جديدة قال الأخطل فإن أكُ قد عانيت قومي وهبتهم فهلِّهل وأوِّل عن نُعَيم بن أخثما وأنشد ابن الأنباري في قولهم: عناني الشيء، أي: «شغلني» عناني عنك والأنصاب حَرْب كأنَّ صُلاتها الأبطال هَيِم وقال آخر لا تلمني على البكاء خليلي إنه ما عاناك ما قد عناني وقال آخر إنَّ الفتى ليس يُقيمه ويقمعه إلا تكلُّفه ما ليس يعنيه وكلمة معاناة تحمل معاني كثيرة وكبيرة فقد تكون المعاناة صدمة عاطفية او صدمة من صديق او حبيب او غيره وهنا نجد تصويرها لدى الشاعر الامير محمد الاحمد السديري الذي صوّر الشوق والحنين والبعد والصبر في ابياته الرائعة التالية حياتي كلها صبر وجلاده وغيري عايش عيشه سعاده أنا اللي عاشق بالغي مغرم غريق في هوا راع القلاده بعيد عنه بديار بعيده ولحد جاب لي منه الإفاده يجيبنه حلوم الليل عندي وحط الخد للغالي وساده وإلى مني صحيت وقمت أراعي ولين الليل يفجعني سواده تصور لي عزيز ما نسيته حبيب ما سلى قلبي وداده