وداعاً أيها الرجل الطيب. كلمة اتفق عليها كل من تواصلنا معهم أمس من الفنانين والملحنين والشعراء. كلهم أجمعوا على إنسانية العظيم صالح الشهري، هذا الرجل الطيب، الذي حقق المعادلة الأصعب في المجال الفني وهي أن تكون مبدعاً حقيقياً وأن تكون محبوباً من الجميع في نفس الوقت. وداعاً أيها الرجل الطيب.. نقولها بحزن شديد وألم أكبر لأنك تركتنا من دون أن يكون في الساحة من يخلفك في إبداعك وأخلاقك وتألقك، ويحق لنا القول إن رحيلك يمثل نهاية الموسيقى السعودية بشخصيتها وهويتها التي عرفناها طوال الأربعين سنة الماضية. برحيلك لن تعود الأغنية السعودية كما كانت. من يتأمل تاريخك يكتشف أي قيمة فنية أنت، وأي جمال نثرته على أسماعنا فأصبح جزءاً لا يتجزأ من ذاكرتنا وهويتنا وذائقتنا، جعلتنا نردد معك بتلقائية "يا ناس أحبه" التي لحنتها للقطري علي عبدالستار قبل خمس وعشرين سنة لتصنع منه نجماً خليجياً ولتقدم لنا لحناً جميلاً سيضاف إلى قائمة أهم الألحان الخليجية في الثمانينيات. ولم يقف مدد إبداعك عند هذا الحد بل أضفت له لحن أغنية "رهيب" لتكون سبباً مباشراً في إطلاق عبدالمجيد عبدالله نحو النجومية العربية. صالح الشهري تاريخ مضيء.. إذا أردنا إنصافه فلا أقل من أن نقول إنه "هو" - ولوحده - كان نجم الأغنية في التسعينيات، لأن أهم الألحان السعودية في ذلك العقد خرجت من رحم إبداعه، ولنذكر هنا أن لحن أغنية "ابشر من عيوني الثنتين" وأغنية "رجاوي" لراشد الماجد، وأغنية "إيه احبك" لراشد الفارس، وألحاناً أخرى شهيرة، كانت من تأليفه، لندرك أن هذا الرجل الطيب قد تغلغل في أرواحنا وأسكن فيها جمالاً لا ينمحي أبداً. فيا أيها الرجل الطيب.. طب مقاماً في مثواك الأخير.. واعلم أنك تركتنا ونحن ممتنون لكل ما قدمته لنا.. واعلم أننا نحمل منك كثير كثير من الألق، حتى أصبحت ألحانك أنغاماً نرددها في كل حين.. ونقول للجميع: يا ناس نحبه.