لم يكن ذلك اليوم كغيره من الأيام التي مرت بنا وما شابها فالأيام والليالي حبلى بالحوادث والفواجع والأحزان فقد كان يوم الخميس الموافق 13/5/1433ه متوشحاً بالحزن الذي علا وجوه كل من له صلة بجدتي الغالية العابدة الزاهدة لطيفة بنت ناصر الربيع، التي لبّت نداء بارئها وأسلمت له الروح بعد عمر ناهز التسعين عاماً بعد معاناة طويلة مع المرض الممض (المضني)، فعمرها المديد الذي قضته في صلاة وصيام وعبادة غير منقطعة وتربية الأبناء والبنات والقيام بحقوق الزوج والأرحام، حتى غدت مدرسة تعلم منها أبناؤها وبناتها وأحفادها ومعارفها، ومن لهم قرابة وصلة بها، وقد أجشهت جموع المصلين الذين اكتظت بهم جنبات المسجد بالبكاء حزناً عليها وعلى فراقها ورحيلها، وتسابق الناس على مواراتها الثرى أكبر دليل على مكانتها في قلوب الناس، والخلق هم شهداء الله في أرضه، رحلت جدتي ودلف الحزن إلى قلوبنا والدمع اغرورقت به مآقينا، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار، فذكرى جدتي العطرة وسيرتها الحسنة باقية خالدة في أذهاننا وسنرويها لأبنائنا فهي كما قال الشاعر وقد صدق: المرء بعد الموت أحدوثة يفنى وتبقى منه آثاره فأحسن الحالات حال امرئ تطيب بعد الموت أخباره مهما سطرت أحرفي ومهما رصفت كلماتي فلن أوفيك قدرك ومنزلتك يا جدتي الغالية، رحمك الله وأعلا منزلتك في الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأنزل علينا جميعاً الصبر والسلوان.