فقد الأحبة يبقى جرحا تنكأه الفواجع كلما حاول أن يبرأ، لتغيب معه تلك الأرواح التي سكنتنا طهرا ونقاء، وكانت مدادا لا ينضب من العطف واللين وأكفا خضراء تبسط عطاءها سخيا كلما أدار لنا الزمان ظهره. وبالأمس القريب زارنا الفقد، حط الرحال برهة ليمضي مخلفا وراءه حزنا عميقا ومصابا جللا، غادرنا ومعه أبو المساكين والضعفاء، سلطان الخير الذي ملأ حبه القلوب. ولرحيله جادت مآقينا فيضا صادقا وغشانا الحنين كلما عاودت صورته الباسمة المرور في مخيلتنا وصدى أصوات بريئة تردد عبارات الحب والوفاء له. رحل سلطان إلى مثواه الأخير، وبقيت مآثره وإنسانيته النادرة التي غمرت الجميع لتظل نهر الدعوات الذي لا يجف، بل له في كل بقعه في داخل الوطن وخارجه أغصان ندية تجود ثمارها في كل حين. لقد كان سلطان أب الجميع وأخاهم وهو القريب في المحن، ومن جرب أن يفقد شخصية بهذا الحضور فلن يلوم القائد والشعب إن أجزعتهم المصيبة وهي تغيب سلطان بن عبدالعزيز عضيد الملك، وولي عهده، وحصن البلاد المنيع الذي ترك له في كل موضع على حدود الوطن أثرا وهو يرافق حماته أينما حلوا فيشد الأزر ويبث الحماسة فيهم. وكم هي المشاهد التي أظهر فيها قوة البأس ولين الجانب، فنراه يوصي رجال القوات المسلحة بالوقوف سدا منيعا في وجه من يحاول المساس بتراب الأرض وهو في هيئة الصنديد الشجاع الذي لا تغالبه النوائب ثم تراه في صورة أخرى لطيفا حنونا يحتضن أبناء الشهداء ودموعه تسابق كلماته. كان رحمه الله شخصية فريدة سجل حضوره على مستوى العالم، وما تلك المشاعر الجياشة والحضور الرسمي والشعبي من أغلب الدول لتقديم العزاء فيه إلا دليل واضح على ما قام به من أدوار هامة شكلت ملامح السياسة الخارجية للمملكة. إضافة إلى قربه من خادم الحرمين الشريفين، ومشاركة له في مهام الحكم بإخلاص وأمانه، وقل أن لا يجمعهما مجلس أو اجتماع ولا يكونا فيه سويا. وهذا عمق رابط الأخوة بينهما؛ لذا فلم يكن المنظر غريبا وخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله يغالب مرضه ويتقدم الجميع مستقبلا جثمان الفقيد ومودعا له في لحظاته الأخيره وقد كان لظهوره رغم تعبه أثر كبير في نفوس الشعب السعودي الذي اطمأن لوجوده وقد تجاوز العارض الصحي. فهو من نستمد منه القوه في لحظات الضعف التي قد تمر بنا، وإن كنا نعزيه في سلطان القلوب فإننا نشاطره الحزن بمثله ونسأل الله أن يعظم له الأجر وأبناء الأمير الراحل وجميع أفراد الأسرة المالكة، وأن يحفظه لشعبه ويلبسه ثوب الصحة والعافية. والحقيقة أن الفقد أو الموت هو سنة الله في خلقه وليس من اعتراض على مشيئته لكن الإنسان بطبعه يجزعه رحيل أهله وخاصته حتى وهو يعلم أنه لاحق بهم لكن مشاعر الحزن تطغى لترافقه زمنا لكن رحمة الله بعبادته واسعة فهو لا ينزل المصيبة إلا ويرافقها الصبر. فدعاؤنا لرب كريم أن ينزل صبره عظيما سخيا على كل من فقد عزيزا للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 270 مسافة ثم الرسالة