تساهم الملتقيات العلمية في دعم مسيرة العمل المؤسسي في قطاعات الدولة بشكل عام والمؤسسات الخدمية على وجه الخصوص. وقد سعت وزارة العدل بقيادة معالي الوزير الدكتور محمد العيسى في تبني هذه الاستراتيجية الرائدة ضمن المراحل العلمية لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء من خلال اقامة العديد من الفعاليات العلمية ولاسيما في المجال الاجتماعي، حيث عقد ملتقى الخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية منتصف العام الماضي, كما أقيم ملتقى الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة كذلك في نهاية العام نفسه. واليوم يقام - كما أرى - انه درة الملتقيات العلمية في المجال الاجتماعي ( ملتقى القضايا الأسرية في المحاكم: رؤية مستقبلية)، وذلك نظرا لما تشكله القضايا الأسرية في أروقة المحاكم، والتي تشير الاحصاءات الى انها تتراوح ما بين 40-60% من مجمل القضايا المنظورة. ونظرا لأهمية إيجاد المرجعية العلمية المتخصصة في الإعداد العلمي لهذه الملتقى الهام، فقد تم التعاون مع الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود للإشراف على البرنامج العلمي على الملتقى من خلال لجنة أكاديمية متخصصة في الدراسات الاجتماعي والأسرية. وقد بادرت اللجنة عملها من خلال برنامج زمني متعدد المراحل اشتمل على إعداد التصور العام للملتقى مشتملا على الفكرة العامة والأهداف الرئيسة إضافة الى أبرز المحاور والموضوعات الأسرية التي يمكن تضمينها. تم بعد ذلك مخاطبة عدد من الباحثين والباحثات المتخصصين في الجانب الشرعي والاجتماعية والنفسي والقانوني ممن لديهم الخلفية العلمية والاهتمام الأكاديمي بموضوع المشكلات الأسرية في المرفق العدلي. وقد استقبلت اللجنة العلمية العدد من المشاركات العلمية المتميزة من داخل وخارج المملكة تطرح قضايا هامة في مجال العمل الاجتماعي في المحاكم تم مراجعتها من قبل اللجنة وتم إقرار وقد عملت اللجنة خلال مدة وجيزة على التواصل مع الباحثين والباحثات المشاركين واستقبال الأعمال المشاركة وثم فرزها حسب المحاور الرئيسة للملتقى، حيث تم بداية الاهتمام بإيجاد المظلة الشرعية لموضوع الملتقى من خلال أوراق علمية متخصصة تناول موضوع الأسرة ومفهوم الحضانة والنفقة والمفاهيم الشرعية المرتبطة بالتعامل تلك القضايا في المرفق العدلي. تلا ذلك استعراض عدد منها والاعتذار عن بعضها الآخر لعدم وجود الوقت الكافي لمناقشتها وطرحها. الموضوعات الاجتماعية والنفسية والقانونية المرتبطة والمتصلة بأهم المشكلات والقضايا الاسرية والمنازعات الزوجية التي ترد الى المحاكم في المملكة من خلال مشاركات متميزة للأجهزة الحكومية وعلى رأسها وزارة الداخلية ومؤسسة النقد السعودي والأقسام العلمية المتخصصة في الدراسات الأسرية. ونظرا لأهمية المشروع الوطني للحد من الطلاق وآثاره على الأسرة والطفل والمقدم من عدد من الجمعيات الخيرية الرائدة في المملكة، فقد تم إدراجه في محور خاص يتم فيه استعراض أهم مخرجات المشروع العلمي وايضاح غاياته. ولاهمية الافادة من التجاربة الدولية الناجعة في مجال التعامل مع القضايا الأسرية في المحاكم فقد استكتبت اللجنة عدد من الباحثين المهتمين من الدول العربية الشقيقة لعرض أهم الممارسات والتنظيمات الادراية والمهنية الناجحة في الحد من المنازعات والاسرية والزواجية في المجال العدلي. ولا شك ان القضايا الأسرية في المحاكم موضوع يحمل في طياته العديد من المحاور التي لايمكن ان يتم تغطيتها في ملتقى واحد، بل تحتاج الى عدد من الملتقيات العلمية المتخصصة للوصول الى حلول ناجعة للمشكلات الأسرية التي تدور في أروقة المحاكم والمؤسسات الاجتماعية المتخصصة في مجال الارشاد الأسري والزواجي. ومن هنا فقد وجه معالي الوزير حفظه الله بان يتم دراسة التوسع مستقبلا في إقامة الملتقيات التي تعني بموضوع الأسرة وحقوق الطفل والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة ضمن المراحل العلمية لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء. وعلى الرغم من قصر مدة الإعداد لهذا الملتقى, الا أننا نتطلع بإذن الله الى ان يكون أحد أهم المنطلقات للخطة الاستراتيجية لتفعيل الدور الاجتماعي للتعامل مع القضايا الأسرية في وزارة العدل في المستقبل. ولاسيما في ظل وجود هذه الكوكبة من اصحاب الفضيلة المشايخ والقضاة المهتمين بالعمل الاجتماعي والداعمين له إضافة الى الأساتذة الأكاديميين المتميزين من المهتمين بالدراسات العلمية المتخصصة في شؤون الأسرة من داخل وخارج المملكة. وسوف تكون للتوصيات التي سيخرج بها المشاركون أثر فعال في دعم هذه المسيرة المباركة بإذن الله. ولا يفوتني هنا إلا أن أتقدم بالشكر والعرفان لمعالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى على موافقته الكريمة على إقامة هذا الملتقى ودعمه اللامحدود للبرامج الاجتماعية في الوزارة, كما أشكر معالي وكيل الوزارة فضيلة الشيخ عبداللطيف الحارثي على متابعته المستمرة خلال مراحل الإعداد العلمي لهذا الملتقى والشكر أيضا موصول لجميع اصحاب الفضيلة الوكلاء والعاملين بالوزارة. كما يسرني ان أتقدم بالشكر والتقدير لرئيس اللجنة التنظيمية للملتقى أخي الفاضل الشيخ عبدالعزيز المفلح على مساندته واهتمامه ومساهمته في تذليل كافة الصعوبات من اجل ظهور الملتقى بالمظهر المشرف. كما لا أنسى أخي الفاضل الاستاذ فهد البكران رئيس اللجنة التنظيمية للملتقى على تعاونه الكريم والفاعل في هذا الملتقى وجميع زملائه العاملين في ادارة العلاقات العامة والإعلام. * مستشار وزير العدل والمشرف على إدارة الخدمة الاجتماعية في الوزارة