من أين للأشجارِ ذاكرةٌ ..إذا حلّ الربيع على بساتينِ الحنينِ بآخر الذكرى ومن غيري رأى في رقصة الأغصان ما يغني عن الأدْنى ... يا أيّها الأبديّ نسيانًا .. ألا يكفيك أنّكَ ما استعطتَ من الرجوعِ مؤبّدَ المعنى ... قد لايحالفكَ الطريقُ ، وقد تمرُّ ببابه لغةً من الأسماء والأفعالِ والجمل المفيدةْ قد لاتحالفك القصيدةْ ..! *** ماضٍ إلى زمني ... كما تمضي الظلالُ لنفسها يا أيها الطرقاتُ والخطواتُ والكدماتُ في قدم الضياعْ ... جئنا من السنواتِ صحراءً من الآتي يؤجّلنا .. ومن سقط المتاعْ جئنا نعدّ النجم لامطرًا يسوّفنا إلى عطشٍ ، ولا في غيمة الرملِ الشحيحِ على منازلنا نزاعْ جئنا كما قال النحاة من امتناعٍ لامتناعْ ..! *** لا تجيئي إلى البحرِ يأخذني الموجُ نحو الجزيرةِ يطعمني البطُّ من خبز سُوُّاحِهِ في بحيرتها الراكدةْ ... بعد تغريبة الريح فوق الممرِّ المؤدي إلينا ... كان لونُ الغريبيْنِ أولى وبطُّ البحيرةِ أحلى غرورُ المدينةِ في خطوةٍ واحدةْ .. لاتجيئي إلى البحرِ لاشيء للريحِ فيه ، ولا للملوحةِ ديْنٌ لدى الرملِ حين استعادتْ مياهَ السماء إليها دعينا هنا نطعم البطَّ وحشتنا .. وغناء المساء إلينا .. قد أعودُ إليهِ متى ما انتهتْ رحلتي في بلادِ التعوُّدِ .. لكنني الآنَ لابحرَ يأخذني موجةً للنهايةِ أو مركبا في ظلالٍ مسيّجةٍ بالغروبْ إنها سيرةُ الحزنِ في أول العمرِ أو أوّل الشعر لافرق مابيننا حين قال أبونا الكبير ( قفا نبكِ ) ..ثم بكينا طويلاً إلى آخر الأغنياتْ .. متعبٌ من حكاياتنا ..نائمٌ في تفاصيلها مثل طفلٍ صغيرٍ يخاف الظلامْ أولُ البحرِ كنتُ هناكَ أعدُّ النوارسَ ثم أحذِّر من جوعها سمكًا راقصًا للنجاة ... حين قال الرواة .. مضى في الملوحةِ حتى طفا نائمًا فوق شمسٍ بعيدةْ ...ثم عادَ لنا مطرًا يترك الرملَ سنبلةً للقصيدةْ .. مضى للحياة