تصدر موضوع بدل السكن لمنسوبي الدولة من الموظفين والموظفات عموم المشهد العقاري خلال الايام الماضية؛ ورغم تأجيل تصويت مجلس الشورى على التوصية التي تقدم بها العضو النشيط في قضايا الاسكان المهندس محمد القويحص.. إلا أن تناول هذه القراءة تتناول الموضوع في ابعاد اسكانية بالدرجو الاولى. تناولت غير مرة في هذه الزاوية من التقرير الاسبوعي للمشهد العقاري؛ قضية بدل السكن؛ على اعتبار أنها حل يمكن الاخذ به؛ لكن يجب الا يستمر؛ وفي ذات الوقت يجب أن تكون الاولوية لاصحاب المرتبات المتدنية - على سبيل المثال 3 مرتبات للمراتب الاولى ومرتبين لاصحاب المراتب العليا وتتدرج حسب المراتب - ذلك أن اصحاب المرتبات المتدنية اولى؛ وأكثر حاجة. اما لماذا لا يكون خيار بدل السكن خيار مستدام.. لان خيار الموظفين في هذه الحالة سيكون على الوحدات السكنية المعدة للتاجير.. وهذا النوع من المساكن لا يضيف للائتمان الشخصي أي فائدة؛ وتتركز فائدة لاصحاب الاملاك؛ من دون تحقيق أمان للمواطن من خلال تملك المسكن. وحيث إن الوحدات المعدة للتأجير (الدم الفاسد) يجب أن لا تحل محل الوحدات السكنية المعدة للتملك (الائتمان الشخصي).. اذا دعم الخيار الثاني يعني تقليص الاول.. ولكن كيف؟ الدعم الحكومي للتوطين الإسكاني سيكبح جماح ارتفاع الوحدات السكنية المعدة للتأجير يكون ذلك من خلال دعم برامج التملك الشخصية للمواطن؛ لكن قبل ذلك يجب دعم برامج التوطين الاسكاني لتشييد مجمعات سكنية كبرى يتولى تطوير القطاع الخاص بتمويل حكومي يخض سعر التكلفة إلى أقل من 40% في حال أكتمال عناصر الدعم. ويأمل موظفو الدولة أن تتمخض المناقشات بخصوص صرف بدل سكن يعادل 3 رواتب سنوياً بالموافقة ايجابيا، خصوصا وان أكثر من ثلثي سكان المملكة يعيشون في مساكن بالإيجار ولا يمتلكون مسكنا خاصا بهم. كما ان هناك مؤشرات عديدة تؤكد تأزم الوضع السكاني في المملكة، نظراً لازدياد النمو السكاني والحاجة المتوالية إلى وحدات سكانية، تلبي حاجة المواطنين المتزايدة. وكشفت بعض الإحصائيات الصادرة عن عدد من الجهات المعنية المختلفة عن نسبة المواطنين المالكين لسكن خاص، وحجم طلبات القروض العقارية إضافة إلى نسبة المتقاعدين ممن لا يملكون سكنا خاصا يؤويهم وذويهم تقدر بحوالي 62% مقابل 38% فقط من السعوديين يمتلكون مساكن، بينما أكد عدد من التقارير الصادرة عن الصندوق العقاري أنهم تلقوا أكثر من 600 ألف طلب للحصول على قرض عقاري من قبل المواطنين بهدف توفير مساكن لهم، مشيرين إلى أن العديد من المتقاعدين يعانون من عدم امتلاكهم لسكن ووصلت نسبة المتقاعدين الذين لا يملكون سكناً بسبب ظروفهم المادية وتعثر أساليب التمويل لهم في دراسات عدة إلى أكثر من 40%. فيما أكد عدد من المواطنين أن بدل السكن يساعد المواطن على التملك عن طريق التمويل العقاري لوجود دخل إضافي يساعد على تسديد الأقساط، واقترحوا ربط صرف بدل السكن لمن أخذ قرضا من صندوق التنمية العقارية بتسديد أقساط الصندوق ما سيسهم بتسديد قروضه . وبينوا أن الموظف الحكومي يعد أقل موظف يحظى بامتيازات فوق راتبه الأساسي الأمر الذي يصيبه بالإحباط، وأن عدم تبني المنشأة الحكومية أية حوافز وبدلات لموظفيها سبب رئيسي في ضعف الإنتاج وقلة الانضباط ما ينتج عنه بطء الإنجاز في المعاملات الحكومية، مشيرين إلى أن إقرار بدل السكن لموظفي الدولة يعد دافعا له ومنشطا فيما يخص أداءه الوظيفي ما سيغير الفكر السائد حول العمل الحكومي الخالي من أي تطوير أو تحفيز. بينما أوضح بعض الأكاديميين أن هذا القرار قد يشكل عبئا على الدولة ولكنه في المقابل سيكون مخرجا لجميع أفرادها ومساعدا لهم في عملية الاستقرار المعيشي، مقترحين أن يصرف بدل السكن لكلا الزوجين العاملين ولكن بنسب مختلفة أو بآلية معينة حيث تستلم الأسرة الواحدة بدل السكن للراتب الأعلى، مشيرين إلى انه حتى لا يتم الإجحاف في حق المواطن والموظف الحكومي يجب صرف بدل السكن لجميع موظفي الدولة ولكن بنسبة وتناسب معينين حيث يستلم ذوو الدخول المحدودة بدلات أعلى من ذوي الدخول المرتفعة. وافادوا بأن عدم توافر السكن المريح قد يترتب عليه كثير من التبعات وتحمل المواطن لكثير من المصاريف التي ترهقه وتؤثر في روحه المعنوية وإنتاجيته، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة ومن ضمنها ارتفاع إيجارات المساكن، واعتبروا أن مثل هذا القرار سيسهم في حل مشكلة الإسكان للغالبية العظمى من موظفي الدولة ممن لا يتملكون منازلهم، خاصة وأن هذا البدل يمكن أن يساعد على تملك موظفي الحكومة لمساكن ومن المقترحات التي يمكن الاستفادة منها تفعيل نظام الرهن العقاري من قبل البنوك ليكون أحد الأساليب التي تساعد على امتلاك المساكن. يشار إلى أن أسعار القطاع العقاري السعودي ظلّت أقوى بكثير منها في القطاعات العقارية لدول الخليج الأخرى، لا سيما الإمارات العربية المتحدة وقطر، حيث واصلت أسعار العقارات انخفاضها بسبب فائض المعروض وانحسار الطلب. وخلافاً لدول الخليج الأخرى، تعاني المملكة من نقصٍ كبير في معروض العقارات التي يستطيع المواطنون شراءها. ويساهم عدد سكان المملكة البالغ حالياً 27.1 مليون نسمة بما في ذلك 18.7 مليون مواطن، في تعزيز الطلب على العقارات ودعم أسعارها - كما أنّ تزايُد العدد الإجمالي للوافدين - الذي نما تقريبا بمعدل 38 في المائة بين عاميّ 2004 و2010، طبقاً لبيانات الاحصاء السكاني ساهم في رفع الإيجارات. وتجلى، بحسب دراسة حديثة، أنّ الطلب المتزايد على العقارات السكنية في الأحياء الراقية، كأحياء شمال الرياض وشمال جدة والخبر التي تقع في المنطقة الشرقية، كان المحرّك الرئيسي للارتفاعات الملحوظة التي سجّلتها أسعار الفيلات والشقق. وتُعدّ السوق السعودية إحدى أهم الأسواق العقارية الخليجية المعتمدة على وسائل التسويق الحديثة كالإنترنت، الفضائيات، المواقع الإلكترونية، المعارض العقارية نظراً إلى دورها في دفع عجلة الاستثمار العقاري. غير أن عدداً من الخبراء يرون أن السوق ما زالت بحاجة إلى تعظيم استفادتها من وسائل الترويج، في ظلّ توقعات حول ارتفاع حجم الاستثمارات العقارية في المملكة بنسبة 2.9% سنوياً، ولا ينفي ذلك تأكيد المكانة التي بلغتها السوق العقارية في المملكة، باعتبارها ثاني أفضل قطاع استثماري في البلاد بعد قطاع النفط، ويمكن القول إن هذا التطور جعل المُسوّق العقاري قادراً على ترويج سلعته بكل سهولة، كما إن نشاط هذه السوق تطور بشكل ملحوظ على الصعيد العالمي، بفضل الاعتماد على الإنترنت في تسويق السلع والخدمات. كما تمّ إنشاء قنوات فضائية عقارية تجعل من السوق العقارية مادة إعلامية، تماشياً مع دور المعارض العقارية في تحفيز الاتصال بالعملاء من خارج نطاق السوق الجغرافي. ولا يزال القطاع العقاري يحتلّ أهمية قصوى لأي مستثمر يسعى إلى تنويع استثماراته، شأنه شأن الأسهم، السندات، المرابحات، السلع والمشاريع المنتجة أيضاً، حيث تشهد منطقة الخليج طفرة عمرانية كبرى تم خلالها تنفيذ عدد من المشاريع السكنية والمجمعات التجارية العملاقة، بلغ حجم استثماراتها أكثر من 105 تريليونات دولار. وقد انعكست هذه الطفرة على نمو كبير في أساليب التسويق العقاري الذي اتخذ أشكالاً غير تقليدية ساهمت في تعاظم دور الاستثمار، نتيجة للإقبال المتزايد من المستهلك على شراء الوحدات السكنية المروّج لها.