محنة اللاجئ العربي تتكرر، فبعد نكبة فلسطين، توزع اللاجئون على بعض الأقطار العربية والأكثرية أقامت في لبنان والأردن وسوريا، ولا تزال ظروفهم مأساوية، ولم تكن قسوة حياتهم في الملاجئ فقط، بل ذهب القذافي لطردهم ورميهم على حدود مصر، ليذهبوا إلى غزة التي كانت تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك حدث مع العراق عندما طاردتهم المليشيات الشيعية ليفروا للأردن وسوريا، وتسبب ياسر عرفات الذي أيّد احتلال الكويت من قبل صدام بإلغاء عقود مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا رافداً اقتصادياً لعائلاتهم وللأردن، وحتى لا يعود سيناريو الأخطاء السابقة عندما شارك الفلسطينيون في الحرب الأهلية اللبنانية، وقبلها أيلول الأسود في الأردن، فإن تواجدهم وسط الأزمة السورية يفرض أن يكونوا محايدين أمام طرفي النزاع وإلا تكررت مآسٍ جديدة سواء من الدولة أو الثوار في حال انتصار أي منهما على الآخر.. في العراق جرى تهجير الملايين زمن صدام ثم أثناء الاحتلال الأمريكي إلى كل من سوريا والأردن ومهاجر دولية أخرى، ولا تزال أوضاعهم تتجه إلى المعاناة الصعبة، فلا العراق لديه الرغبة لتأمين وصولهم وتأمين حياتهم بسبب الصراعات الطائفية، ولا سوريا آمنة إذا ما يتدهورت أوضاعهم إلى الأسوأ، وضاعوا بين القطرين.. الآن سوريا تصدر لاجئيها إلى لبنان والأردن وتركيا، وربما العراق وهم ضحية نظام ليس من مبادئه ومنطلقاته أي روح إنسانية، فالرهان انحصر ببقاء السلطة أو فناء الشعب وتشريده، وقطعاً لا تزال المأساة في بداياتها، والأعباء ستكون ثقيلة على الأردن تحديداً الذي يؤوي لاجئين من ثلاث جنسيات عربية، وموارده لا تفي شعبه فكيف بمضاعفة أحمال أخرى؟ المشكلة ليست باللاجئين العرب فقط، فباستثناء الأفارقة الذين ذهبوا ضحية نزاعات قبلية أو حكومية، أو حالات الجفاف، فإن اللاجئ العربي أصبح أحد الأرقام المضاعفة، وحتى الأقليات العربية من الدول المغربية المتواجدون في أوروبا يعيشون نفس المأزق، حتى ان الانتخابات الفرنسية تراهن على معاملتهم وفق تشريعات تداعب رغبات وعقل اليمين، أي دخلوا على خط المزايدات، وهم الذين جاءوا نتيجة استعمار بلادهم، وكان منهم جنود مرتزقة الجيش الفرنسي الذي خاض حروبه في فيتنام وغيرها.. الوضع العربي القديم، والحديث هو من تسبب في تدهور المواطنين الذين أصبحوا ضحية التقلبات السياسية والانتقال من اليمن إلى اليسار أو العكس، أو بأسباب الحروب والخلافات المذهبية والقومية، ولا يبدو في الأفق حلول قادمة إذا أدركنا أن المصاعب تتزايد كل يوم، والمشكل أن خروج هذه المجاميع الشعبية، لم يأت بسبب ضعف الامكانات أو شح الموارد، بل بالسياسات التي ولدت الفساد، وأغلقت منافذ الاصلاحات الاقتصادية لتنسجم مع القاعدة الشعبية التي توفر الطاقات العاملة، والمنتجة.. محنة العربي أنه يعيش في إطار حكومات فقدت أهليتها، وهي من خلقت الأزمات التي طالت أكثر من بلد، ولا تزال آثارها مستمرة ومتفجرة..