حرصنا على تقديم تاريخنا الصحيح بعيداً عن الادعاء.. لإقناع الآخر لا غزوه قال عضو مجلس الشورى الكاتب الزميل الأستاذ عبدالله الناصر: إن دور الطالب المبتعث في الخارج لإيصال ثقافة بلده، فعندما يبتعث الطالب لأخذ كل مفيد في المجال العلمي للاغتراف من منابع التخصص ومصادره، فأول ما يلحظه المبتعث اختلاف الفضاء الأكاديمي المختلف تماما عن الوضع في جامعاتنا، إلى جانب ما يجده من شدة الحرص على النظام والمعامل الضخمة، وطرائق التعليم الأكاديمي، التي ياتي في مقدمتها نظر إلى المشرف إلى طالبه زميل ومثقف مثله، ما يعطي انطباعا خاصا بجو أكاديمي مختلف، حيث لا تشكل كل هذه الفضاءات ترفا، بل هي مصانع لإنتاج العقول التي تنتج فيما بعد الآلة، وذلك من خلال إبداع لولبي بين الجامعة والمصنع في الغرب، وهذا الفرق الشاسع بين جامعة تخرج حشودا من الناس يذهبون إلى وظائف مكتبية، وبين جامعات تخرج عقولا تصنع المستقبل في المصانع التقنية المختلفة.. جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها بنادي الرياض الأدبي مساء يوم أمس، التي تأتي من فعاليات الأسبوع الثقافي للنادي، والتي أقيمت تحت عنوان: "تجربة النشاط الثقافي في الأندية السعودية في الخارج" التي أداراها الناقد والكاتب الدكتور معجب العدواني.. حيث شهدت المحاضرة حضورا كبيرا، وجملة من المداخلات، التي صحبتها جملة أخرى من أسئلة الحضور.. التي التي استهلها رئيس النادي الأدبي الدكتور عبدالله الوشمي، مؤكدا أن الطرح الثقافي الجاد تظل آفاقه مشرعة، تتوالد أفكاره من ذواتها.. احتفاء بالمثقف المتنوع الذي يعرف في سياقات متعددة، الذي يستضيفه النادي بوصفه اسما بارزا في إدارة الأنشطة الثقافية.. مشيرا إلى أن الأنشطة الثقافية متى ما تعرضت لمسألة فهي مساءلة تأتي من سياقات أبنيتها التي تشكلت من خلاله لتكون المساءلة إضافة مرشدة إلى المزيد من العطاء الثقافي. ومضى الناصر في حديثه إلى أن الغربة لدى المبتعث اليوم تلاشت بشكل كبير إلى درجة اختفائها، نتيجة تطور وسائل الاتصالات الحديثة، التي ألغت الصدمة الحضارية.. مؤكدا في الوقت ذاته أن الصدمة التعليمية لم تختف بل تظل في زيادة.. مستعرضا تجربته من خلال إقامة النادي الطلابي في بريطانيا، التي جعلت من النادي حاجة ملحة لما يصل على 7000 طالب حينها، الأمر الذي كان على النادي أن يساعد الطالب في تأدية دوره كسفير لبلده.. مؤكدا أن وجود 12000 ألف طالب مبتعث اليوم يزيد من أهمية هذا الدور الوطني على طلابنا المبتعثين في الخارج. المحاضر يطلع على مجموعة كبيرة من الأسئلة وأضاف المحاضر أن تزايد عدد المبتعثين في أقطار المعمورة يفرض مزيدا من وجود أندية تساعد الطالب على تعريفه بالمجتمعات المبتعث فيها من حوله، في ظل واقع الوجود العربي والإسلامي في العديد من دول الغرب.. الأمر الذي يزيد من أهمية الأندية الطلابية لتعزيز استفادة الطلاب على عدة مستويات يأتي في مقدمتها الاستفادة اللغوية، الإفادة العلمية بشكل متميز، الإسهام في إيصال الحقيقة بدوره عن الصورة المشرقة والمشرفة للمملكة في الخارج من خلال رسلها الطلاب في مختلف الجامعات، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي ازدادت الصور القاتمة والمغلوطة بشكل كبير، ما أسند إلى العرب والمسلمين في سبيل تصحيح الصورة المغلوطة التي ازدادت ظلامية، بأن يكونوا قادرين على تصحيح المفاهيم المغلوطة في تلك الصورة الذهنية. وقال الناصر: كنا حريصين على تفعيل دور المثقفين والطلاب بوجه خاص للاستفادة من برامج الابتعاث تعليميا وثقافيا، وعلى مستوى الدور الوطني، فلقد كان لدى عامة المبتعثين روح وطنية عالية، وروح جماعية عالية يحثها تنافس متميز فيما بينهم، إذ كانت المنافسة تأتي على عدة مستويات، أولها التنافس المشرف في تمثيل الوطن من خلاله طالبا ومساهما في الأنشطة، ومن خلال التنافس في الاشتراك في تقديم البرامج الثقافية تطوعا، حيث كان لديهم روح المواطنة، والحماس لكل المناشط التي يمثلون من خلالها الوطن في الخارج، ومن خلال تجربتي في وقت بلغت فيه الأندية الطلابية 30 ناديا استطعنا أن نقدم 30 يوما سعوديا في 30 جامعة.. التي كان يدعى لها أكاديميون وطلاب جامعات ومسؤولون في قطاعات إعلامية وحكومية مختلفة، والتي كانت تقدم برامج متنوعة تعكس صورة التعليم في المملكة، والصناعات لدينا، إلى جانب التاريخ الذي يمثل تاريخنا الصحيح، في وقت يشيع فيه عند الأغلبية في العرب ما كتبه المستشرقون برؤاهم الخاصة، والرحالون الذين كانوا يأخذون الأخبار عن المملكة من خلال أشخاص رووها لهم من دون أن يزور المملكة كبلغريف وغيره، الذي كتب مغالطات عن تاريخ وسط الجزيرة العربية ككتاباته عن وادي حنيفة وغيره.. ومن هنا أقول لم نصل بالشكل الصحيح إلى الغرب بتاريخنا الصحيح الحقيقي، الذي حرصنا عليه من خلال البرامج الثقافية التي قدمها الطلبة في الأندية الثقافية في الخارج.. من خلال توزيع الزمان والمكان والآلة من جامعة إلى أخرى. جانب من حضور الأمسية كما استعرض الناصر من خلال تجربته من خلال أنشطة الأندية الطلابية في الخارج من خلال ما استطاع الطلاب أن يقدموه من عروض مختلفة عبر وسائل التقنية الحديثة من جانب، وعبر المعروضات التي كانوا يقيمونها في شكل معارض مصغرة من جانب آخر.. ليجعل من هذا النشاط ما يمكن تسميته إقناع الآخر، لا غزو الآخر، من خلال ما يقدم من برامج.. مشيرا إلى أن هذه الأندية وهؤلاء الطلاب، يحتاجون إلى مزيد من التخطيط البرامجي الفاعل الذي يستطيع أن يقدم رسالة فاعلة عن بلادنا في الخارج.. واختتم الناصر حديثه بأن الفترة التي أشرف عليها الناصر لم يسجل أي حادثة تشين إلى سيرة الطالب أو المملكة، ومن ثم زاد من قدرتهم الإقناعية لدى المستهدفين ببرامج تلك الأندية الطلابية.. متمنيا على وزارة الثقافة والإعلام مساندة وزارة التعليم العالي في هذا المجال، التي لا تدخر جهدا في مساندة طلابنا في الخارج، وأن ينشأ مراكز إعلامية داخل دول الابتعاث، لتقديم رسالة إعلامية فاعلة بطريقة هادفة تنطلق من تخطيط إعلامي برامجي خدمة للقضايا العربية والإسلامية بمختلف مستوياتها بما في ذلك خدمة المبتعثين والعرب والمسلمين في الخارج. وفي رد للناصر على رأيه عن ابتعاث طلاب التوجيهي إلى الغرب، أشار إلى أن المعايير التي يتم تطبيقها لها إيجابيات كثيرة، إلا أنه علينا أن نعلم أن لكل تجربة أخطاء حتى على مستوى ما لدينا من تجارب محليا.. مشيرا إلى أنه على أن ترتبط ذهنية المبتعثين بعد عودتهم بالعودة إلى ميادين العمل التي أرسلوا من أجلها لا العودة إلى البحث عن وظيفة من جديد.. مؤكدا العمل مستقبل العصر الذي يمثل ميادين الصناعة والإنتاج والابتكار وصناعة التقدم بمختلف مجالاته العصرية.. حيث شهدت الأمسية حضور كبيرا، طرح العديد من المداخلات وعدد كبير من الأسئلة التي حرص المحاضر على التداخل معها والإجابة على عامتها.