طالب الدكتور عبدالله بن محمد الشعلان استاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود بتغيير نظام الجهد الكهربائي في المملكة من (127 - 220) فولت الى مستوى التوجه الدولي الجديد (230) فولت. وقال ان ذلك يعتبر مطلباً اساسياً للمساهمة في توحيده على مستوى العالم، ولما في ذلك من فوائد عديدة على المستوى الوطني والفردي ومن بينها تحسين استغلال الاجهزة الكهربائية، بالاضافة الى الانخفاض المتوقع في اسعار المعدات والاجهزة الكهربائية نتيجة لمرونة تبادلها وتسويقها بيسر وسهولة. ٭ «الرياض»: ما هي جهود الخدمة المعتمدة في المملكة وكيف نقارن بينها وبين مثيلاتها في دول العالم الأخرى؟ - د. الشعلان: من المعلوم ان نظام جهد الخدمة الكهربائية المستخدم حالياً في المملكة هو (127/ 220 فولت) للمناطق السكنية والتجارية و(220/ 380 فولت) للمناطق الصناعية (60 هرتز) وهذه الجهود اعتمدت في المملكة عام 1396ه تمشياً مع الاحوال والامكانيات المتاحة لشركات الكهرباء ونمط الاستهلاك في ذلك الوقت قبل 30 سنة والمتمثل غالباً في الانارة وتشغيل بعض الاجهزة ذات القدرات الصغيرة والتي كان من المناسب تشغيلها على جهد خدمة 127 فولت. وبمقارنة نظام الجهد المستخدم في المملكة بنظم الجهود المستخدمة في دول العالم نجد ان المملكة تقع ضمن الدول القليلة جداً في العالم التي تستخدم نظام الجهد (127/ 220 فولت) (9٪ من بين دول العالم). ان استخدام جهد مزدوج في المناطق السكنية (127 و 220 فولت) سيترتب عليه اخطار على الانسان والاجهزة بسبب التوصيل الخاطئ بالخلط بينهما احياناً، كما يؤدي ذلك الى لجوء المستهلك الى استخدام نوعيات مختلفة من القابسات والمقابس والمحولات التي تسبب غالباً مخاطر في ظل عدم الالتزام بالنوعيات التي حددتها المواصفات القياسية السعودية. كذلك من المعروف ان الجهد (127) يعتبر جهداً غير قياسي ولا يطبق في معظم دول العالم خاصة تلك الدول المصدرة للمملكة ويؤدي تطبيقه الى استيراد اجهزة تكون في الغالب مصممة عند جهود متبانية مثل 120 و 115 و 110 فولت مما يؤثر على اداء وكفاءة تلك الاجهزة ويقلل من عمرها التشغيلي. ان الابقاء على هذا الجهد معناه الانعزال التام عن نظام الجهد العالمي (230/ 400 فولت والذي سيصبح بالتدريج جهداً قياسياً على مستوى العالم) وذلك بسبب استخدام جهد توزيع غير قياسي لا يطبق إلا في دول قليلة ومن المتوقع الغاؤه لاحقاً. أيضاً سيؤدي ذلك الى زيادة حوادث الصعقات وعطب الاجهزة ونشوب الحرائق الناجمة من استخدام جهدين بالمنازل 127 فولت و220 فولت بسبب التوصيل الخاطئ مع جهد مخالف للجهد المقنن للجهاز، كذلك لجوء المستهلكين الى استخدام قابسات ومقابس ومهايئات للتحويل من جهد الى جهد آخر مما يؤدي بالتأكيد الى اخطار على الاجهزة ومستخدميها. ٭ «الرياض»: هل هناك هيئة حكومية مسؤولة عن حل هذه المشكلة وما هي مساعيها في هذا الشأن؟ - د. الشعلان: في سبيل ايجاد حل لهذه المشكلة التي يعاني منها المصنعون والمستهلكون وفي نفس الوقت تمهيداً لتبني نظام الجهد 230/ 400 الذي سيصبح فيما بعد الجهد العالمي الموحد فقد قامت الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس (وهي الهيئة الحكومية المسؤولة في هذا الشأن) بعمل ورشة عمل في الفترة من 21 - 23 ذي القعدة 1424ه وذلك بغية ايجاد قاعدة مشتركة للتفاهم حول امكانية الشروع في حل مشكلة ازدواج الجهد المطبق حالياً في المملكة وتبني الجهد العالمي وطرح هذا الموضوع للمناقشة مع الجهات المسؤولة والمعنية بقطاع الكهرباء لدراسته من كافة النواحي الفنية والاقتصادية والتشريعية والتنفيذية ومن ثم اصدار القرارات المناسبة والقابلة للتطبيق وبما يتواءم والمصلحة الوطنية. ٭ «الرياض»: تعزى الكثير من حوادث الوفيات والحرائق الى الكهرباء فما هي الاحتياطات الواجب اتخاذها لدرء تلك المخاطر التي تذهب بسببها الارواح والاموال؟ - د. الشعلان: من المعروف ان الطاقة الكهربائية تمثل استخدامات متعددة في حياة الانسان، فهو يعتمد عليها في الاضاءة والتسخين والتبريد والتكييف والتدفئة وتشغيل الاجهزة وادارة المعدات وتسيير المركبات والاتصالات والطب والعلاج والترفيه.. الخ. واضحت حياة الانسان بدونها امراً لا يمكن تحمله او حتى مجرد تصوره، ولكن هناك بالمقابل ايضاً بعض الجوانب الداكنة (وغير السارة) لهذه الظاهرة العجيبة في عصرنا الحديث لأنها وان كانت حيوية ومهمة تجعلنا في امس الحاجة لها في مناح شتى في حياتنا لكنها ايضاً قد تكون مصدر خطر داهم يجلب الكوارث والمآسي (وقانا الله منها) اذا لم نع كيفية التعامل معها والتعرف على قواعدها واصولها وتدابير الامن والوقاية منها. ٭ «الرياض»: من المعروف ان مستوى الجهد المعمول به في المملكة هو 127 فولت بينما انه في معظم دول العالم وبخاصة دول مجلس التعاون هو 220 فولت فكيف تعليقكم على ذلك؟ - د. الشعلان: نعم ان جهد الخدمة الكهربائية المستخدم في المملكة هو 127 فولت بين طور ومحايد (للانارة وتشغيل الاجهزة الكهربائية المنزلية التي تعمل على هذا الجهد) او 220 فولت بين طورين (للتكييف والتدفئة والافران الكهربائية والتسخين حيث تحتاج الى جهد عال)، وهذه الجهود معتمدة في المملكة من قبل وزارة التجارة والصناعة بناء على قرار من مجلس الوزراء الموقر والذي صدر بتوحيد الجهد عند 127/ 220 فولت والتردد عند 60 هرتز. ولكن نظراً لعدم استخدام نظام الجهد 127/ 220 فولت في الدول الرئيسية المنتجة والمصدرة للاجهزة والمعدات الكهربائية الى المملكة، لذا فقد بدأت مشاكل جهد الطور 127 فولت في الظهور نتيجة لاختلاف جهود تشغيل الاجهزة الكهربائية المستوردة (مثل الثلاجات والغسالات والسخانات واجهزة المطبخ) عن جهد الطور 127 فولت اذ من المعروف ان معظم المعدات والاجهزة المذكورة مخصصة للتشغيل عند 115 فولت وقد تكون مصممة للتشغيل عند 110 فولت الامر الذي سيؤثر تدريجياً على كفاءة اداء تلك الاجهزة وتقليص عمرها التشغيلي، ولكن يتم فسح هذه الاجهزة من قبل الجهات المختصة مع العلم بأنها مخالفة للجهد السائد بناء على قناعة تلك الجهات بعدم استعداد المصنعين بايجاد تصميم خاص بالمملكة فقط لهذا الجهد غير القياسي وعلى أسس ليست ذات جدوى اقتصادية بالنسبة لهم. ولعلنا هنا نوصي بمسايرة الاتجاه الدولي لتوحيد جهود التوزيع في المباني السكنية والتجارية وذلك باتباع نظام الجهد 230 فولت كما حددته مواصفة اللجنة الدولية الكهروتقنية (IEC) رقم 38/1983 والتي بدأت معظم دول العالم فعلاً في تبنيها والعمل بها. كما ان هذا يحقق التماثل في انظمة التوزيع الكهربائي مع دول مجلس التعاون الامر الذي سيكون له تأثير ايجابي على سهولة توحيد مواصفات الاجهزة والمعدات الكهربائية وتسويقها وتطبيق انظمة السلامة للتمديدات الكهربائية في المنشآت بهذه الدول، والمملكة هي الدولة الوحيدة من بين دول مجلس التعاون التي تنفرد باستخدام الجهد 127 فولت ومن بين الدول القلائل في العالم التي تطبق هذا الجهد غير القياسي. يتضح مما تقدم ان تغيير نظام الجهد في المملكة (اسوة بباقي دول العالم) الى مستوى التوجه الدولي الجديد 230 فولت يعتبر مطلباً اساسياً للمساهمة في توحيده على مستوى العالم ولما لذلك من فوائد جمة على المستوى الوطني والفردي من بينها تحسين استغلال الاجهزة الكهربائية وتقليص الفاقد بها، كذلك الانخفاض المتوقع في اسعار المعدات والاجهزة الكهربائية نتيجة لمرونة تبادلها وتسويقها بيسر وسهولة وذلك نتيجة لتواؤم الجهد في المملكة مع باقي دول العالم. ان الانتقال بجهد التوزيع غير القياسي السائد حالياً في المملكة الى الجهد 220 فولت كمرحلة انتقالية ومن ثم الى الجهد الدولي 230/ 400 فولت كمرحلة نهائية سيتيح مزايا اقتصادية وفنية يمكن ذكر بعض منها على سبيل المثال لا الحصر فيما يلي: أ - توفير تكاليف اقتصادية كبيرة في الموصلات (الاسلاك والكابلات). ب - توفير الكثير من الطاقة وتقليص الفاقد فيها حيث ان الفقد باستخدامه يقل كثيراً عن نظيره 127 فولت. ج - مسايرة العالم في شراء والاستفادة من المعدات بين الدول (وبخاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) ويجعل ذلك اكثر يسر ومرونة بل ويخلق منافسة اشد تنعكس في مرونة الاستفادة وتحسن الاسعار وجودة الانتاج.