NHC توقّع صفقات واتفاقيات استراتيجية بقيمة 30 مليار ريال    إسرائيل تقتل قائد «حماس» في طولكرم.. الرئاسة الفلسطينية تحذر من تداعيات الحرب في الضفة    الشيباني: رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن سوريا "خطوة إيجابية"    حملة صارمة تطلقها إدارة ترمب لتطبيق قوانين الهجرة في شيكاجو    مساعد وزير الدفاع يشهد مراسم وصول السفينة الإيطالية "أميريجو فيسبوتشي" إلى جدة    الشباب يتغلّب على الفيحاء بهدفين لهدف بالجولة ال17 من دوري المحترفين    الشباب يتجاوز الفيحاء بثنائية في دوري روشن للمحترفين    أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي    الاتحاد العام للمصريين بالخارج يرفض دعوة ترامب تهجير الفلسطينيين من أراضيهم    بحضور أكثر من 14 الف مشجع ضمك يتغلّب على الاتحاد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    فهد بن جلوي: دعم قيادتنا الرشيدة سر نجاحنا    المنطقة الشرقية: القبض على شخص لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين المخدرتين    نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل    السماح للأجانب بالاستثمار في أسهم الشركات العقارية المدرجة التي تستثمر في مكة المكرمة والمدينة المنورة    اكتمال الاستعدادات لبطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025 في نسخته الأولى    جامعة أمِّ القُرى تطلق الأسبوع الإعلامي في نسخته الثانية    السعودية تحتل الصدارة عربياً وإقليمياً في الحمولة الطنية التجارية    أمانة القصيم تكثف جهودها لإزالة مياه الأمطار وتعالج مواقع لتجمع المياه    رنا سماحة تثير الجدل برسالة غامضة.. من المقصود؟    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل حملة "شتاء صحي"    وزير الخارجية يجري اتصالاً هاتفيًا بوزير خارجية ماليزيا    الإسعاف الجوي بالقصيم يباشر حادث انقلاب مركبة بعنيزة    ضيوف الملك.. يغادرون إلى مكة بذكريات لا تنسى    التخصصات: ارتفاع مقاعد البورد السعودي بأكثر من 1500 مقعد    20 فعالية مصاحبة لرالي حائل    آل حسن نائبا لعربي المبارزة    حرس الحدود ينقذ طفلا سودانيا من الغرق في عسير    ملاذ للتأمين "الراعي الرئيسي" لمنتدى مستقبل العقار 2025    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"اللُّحمة الوطنية عقلٌ يُنير، ووطنٌ يزدهر"    محافظ الخرج يشيد بجهود جمعية رفادة الصحية التعاونية    البدء بأعمال المرحلة الأولى لصيانة وتطوير تقاطعات طريق الملك عبد الله بالدمام    بدء استقبال طلبات إيفاد المعلمين إلى 13 دولة    «التجارة»: 16% نسبة نمو الخدمات الإدارية والدعم    انكماش قطاع التصنيع في الصين    نائب أمير الشرقية يستقبل الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 14 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    المياه الوطنية تطلق برنامج تقسيط توصيلات المياه والصرف الصحي المنزلية    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    5 أسباب للتقليل من استهلاك الملح    «واتساب» تعتزم توفير ميزة الحسابات المتعددة لهواتف «آيفون»    7 خطوات بسيطة.. تملأ يومك بالطاقة والحيوية    «النقانق والناجتس» تسبب العمى لطفل بسبب سوء التغذية    فعالية «مسيرة الأمم»    "سلمان للإغاثة" يوزّع مواد إغاثية في مدينة حرستا بمحافظة ريف دمشق    طفاية الحريق في المركبة.. أمن وسلامة    أمير الشرقية يطّلع على إنجازات جامعة حفر الباطن    المملكة تدين استهداف المستشفى السعودي في الفاشر    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    شرطة النعيرية تباشر واقعة شخص حاول إيذاء نفسه    مؤتمر «خير أُمّة»: محاربة الجماعات المنحرفة ومنعها من تحقيق أغراضها الباطلة    رضا الناس غاية لا تدرك    الزيارات العائلية    دراسة: الإجهاد النفسي يسبب" الإكزيما"    نيمار حدد موعد ظهوره بشعار سانتوس    نائب وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (105) من طلبة كلية الملك فيصل الجوية    السعودية باختصار    ولاء بالمحبة والإيلاف!    شريف العلمي.. أشهر من طوّر وقدّم برامج المسابقات المُتَلفزَة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب ومعنى الحياة
نشر في الرياض يوم 17 - 01 - 2012

ثمة علاقة عميقة بين الحياة اليومية للإنسان والجماعة، ومعنى الحياة .. إذ إن هذه المفردات والمحطات اليومية للإنسان ، هي التي تحدد (مع عوامل أخرى)، بشكل أو بآخر، مفهوم الحياة العامة لدى الإنسان .. لهذا تتعدد معاني الحياة لدى الإنسان بتعدد الثقافات والمناهج والأولويات فلكل ثقافة حياتها ودنياها التي تدعو إليها وتبشر المؤمنين بها ، وتستخدم كل الوسائط من أجل بلوغها والقبض على حقائقها .. ولكن هذه الحياة بحاجة إلى فهم ومعرفة عميقة ، حتى يتمكن الإنسان من تسخير إمكاناتها وتحقيق النجاح والفلاح فيها .. وعلى وضوء هذه الحقيقة يتفاوت البشر وتتمايز أولوياتهم وأنماط معيشتهم .. ولكن القدر المشترك بين جميع التجارب الإنسانية ، أن المعنى بروافده الإبداعية المتعددة ، هو الذي يضفي على الحياة رونقاً خاصاً ومعاني عليا ، يكافح الإنسان الفرد والجماعة للوصول إليهما..
ولا ريب أن القصص التي نرويها عن الحياة ، هي أحد دروب فهمها .. لأن هذه القصص تختزن جملة من الدروس والعبر التي تجعل الإنسان يتجاوز أخطاء من سبقه ، ويعمل من حيث انتهى الطرف الأول .. فقصص الحياة ورواياتها المختلفة تجعل الإنسان يعيش أكثر من تجربة وحياة من خلال معرفته بقصص من سبقه وروايات المجتمعات الأخرى ..
ولا ريب أن القصص التي نرويها عن الحياة ، هي أحد دروب فهمها .. لأن هذه القصص تختزن جملة من الدروس والعبر التي تجعل الإنسان يتجاوز أخطاء من سبقه ، ويعمل من حيث انتهى الطرف الأول .. فقصص الحياة ورواياتها المختلفة تجعل الإنسان يعيش أكثر من تجربة وحياة من خلال معرفته بقصص من سبقه وروايات المجتمعات الأخرى ..
من هنا تتشكل العلاقة الجوهرية بين مدرسة الحياة وفنون السرد والقصة .. إذ إن هذه الفنون ، تغتني في مضامينها بالحياة المليئة بالتحولات والتطورات والعبر والمعاني .. كما أن القصة وأجناس الأدب الأخرى ، تساهم في فهم الحياة بشكل عميق وحقيقي ..
فالعلاقة جدّ عميقة بين فنون السرد، ومستوى الحياة العامة فالسرد بجميع أجناسه يغني الحياة ، كما أن الحياة بكل زخمها وتعدد أطرها ، وتنوع مشاكلها وصعوباتها ، وبقاء الأمل العميق لدى الإنسان كلها عناوين تساهم في عملية الإثراء والغنى المعرفي والنفسي والإبداعي ..
لذلك فإن المبدع ، ليس كائنا علويا أو كيانا مجاوزا للمجتمع والحياة بكل تفاصيلها ومراحلها ، وإنما هو الإنسان الذي يمارس حضوره وإبداعه من مدرسة الحياة ، متوسلا بذلك بأحد أشكال التعبير والأدب ..
وهذا الحضور الخلاق والمتواصل بعمق مع مدرسة الحياة ومحطاتها المختلفة ، هو الذي يبلور معنى الحياة والحرية والجمال .. وإن الكشف عن جسد الواقع بتجليات إبداعية ، يزيد من إصرار الإنسان على التحليق نحو الأعلى ومقاومة كل رواسب الانحطاط ، والانطلاق في رحاب الحياة لاجتراح معجزة التقدم الإنساني..
من هنا فإن المبدع الحقيقي ، هو الذي يتواصل مع مجتمعه بتحولاته وتقلباته المتعددة ، لكي يتمكن من رصدها لقولبتها إبداعاً ، ما يزيد المجتمع حركة ومعنى ومسؤولية..
والكثير من الجهود الأدبية والإبداعية ، التي يقوم بها المبدعون والأدباء ، تستهدف كشف العلاقة الجوهرية بين الحياة والأدب .. حيث يحاول الأديب والمبدع ، أن يرصد العديد من المشاهد الحياتية والظواهر الاجتماعية ، ويبلور رؤيته تجاهها..
ولعل الخيط الدقيق الذي يربط الروايات المتعددة والقصص المتنوعة مع بعضها ، هو أنها تنتمي في موضوعاتها وهمومها إلى بيئة اجتماعية محددة ، دون أن ينحبس في شرنقة الذاتي والمحلي ، وإنما ينطلق منه أيضا للإطلالة الأدبية والإبداعية على قضايا الإنسان في وجوده وخياراته المتعددة ..
فالإنسان وتهذيب سلوكه ، وتطوير وعيه وزيادة تربيته الجمالية ، كلها عناوين أساسية يستهدفها المبدع في إبداعه ..
فالإبداع ليس انقطاعاً عن الحياة ، وإنما هو مصدر لغناها وثرائها المتنوع ..
وهكذا تتشكل العلاقة بين الأدب والحياة ، إذ كلّ منهما يغني الآخر ويثريه على الصعد كافة .. ولعلنا لا نجانب الصواب حين القول : إن الانطلاق من شؤون الحياة وهمومها وشجونها المختلفة على مستوى الكتابة القصصية والأدبية ، يساهم بشكل كبير في إثراء المضامين الأدبية ، كما أنه يساهم في بلورة جملة من الآفاق والممكنات العملية .. وعلى كل حال فإن قراءة أجناس الأدب المتنوعة ، تساهم في عملية الإثراء وإنضاج الخيارات المستقبلية .. وهذه الحقائق بكل آفاقها ومضمونها الإنساني ، تدفعنا إلى القول : إن الأدب، بمختلف تعبيراته وأجناسه ، يضفي على الحياة ، معاني جميلة وخلاقة ، تطور من اهتمامات الإنسان ، وتساهم في تنمية الذوق الاجتماعي السليم..
من هنا فإننا نعتقد بأهمية العمل على تنمية الاهتمام بالأدب بكل أجناسه ، لأنه يساهم في تطوير الذوق العام ، والتهذيب الاجتماعي ، ويزيد من فعالية الثقافة والمعنى في الحياة العامة .. لهذا لايمكن أن يتطور ويتقدم أي مجتمع ، بدون تطور المعنى في حياته .. والمعنى لايمكن أن يتطور ويتراكم في الفضاء الاجتماعي ، بدون الأدب والثقافة..
ونهيب بجميع المؤسسات والأطر الرسمية والأهلية ، إلى الاهتمام بحقل الأدب والإبداع والفنون المختلفة ، لأنها من المداخل الأساسية التي تساهم في تطوير الحياة في مختلف جوانبها ومجالاتها..
فهي (الأجناس الأدبية) ليست من توافه الأمور والاهتمامات ، وإنما من ضروراتها التي ينبغي أن يزداد الاهتمام بها ، والقيام بمبادرات مستديمة من أجل النهوض بحقل الأدب والإبداع في الفضاء الاجتماعي والوطني .. كما ندعو الأدباء وصناع الإبداع في الوطن ، إلى الاستمرار في عطائهم الأدبي والإبداعي ،لأنه يساهم في تشكيل الوعي الحياتي لدى جميع أبناء الوطن . فجمال الحياة بإبداع المبدعين ،لأنهم وحدهم الذين يمتلكون القدرة على إبراز كل العناصر الجمالية في الحياة ومسيرة الإنسان .
كما أن الإبداع بكل أجناسه ، هو الذي يدفع بالإنسان إلى إظهار بعده الجمالي وتهذيبه السلوكي والاجتماعي . فالإبداع هو إغناء للوجود ، واكتشاف صنع الله عز وجل في الحياة ،وسعي لرقي الإنسان سلوكا ومعرفة.
ولايمكن أن نتصور تربية جمالية بدون فسح المجال وإعطاء الحرية لإبداع المبدعين وأدب الأدباء لممارسة أدوارهم ووظائفهم في تشكيل وعي الحياة ،من خلال أعمال أدبية رائعة ومتميزة وخالدة .
فالأدب بكل أجناسه ، هو احد عناصر قوتنا الوطنية الناعمة ، وحري بنا جميعا في ظل هذه الظروف الحساسة أن نعتني بجوانب قوتنا الناعمة ، حتى نتمكن من إنتاج المعنى الذي يثري حياتنا الاجتماعية والوطنية ، ويعزز حياتنا الداخلية ويحصنها من كل انحراف وزيغ ، ويوفر لنا جميع الظروف للدفاع عن مكاسبنا وحقوقنا من خلال ملء الفضاء بالمنجزات الإبداعية والأدبية والتي تزيدنا منعة وعزة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.