الأيام حبلا والأمور عوان فهل ترا ما لا يكون وكان فالأعمار منهن طويل وقاصر وكلٍ سوى رب الخلايق فان فلا تامن الدنيا ولو زان وجهها ترى رميها للعالمين حفان كم غيرت من ملك ناسٍ وبدلت مكان لناسٍ صار غير مكان أنا يا ولدي جربت الأشياء كلها ما كبر من عظم الأمور وهان حبال الرخى توردك ضحضاح بالضحى وبالضيق ما توردك الخدود اقران الأوباش ياما حدروا في هبيه طويلة ملقا جاذبٍ وشطان وعانك من لا ترتجي منه عونه وهليبة راعٍ في جنابك خان فلا زواك الحرب يومٍ تناسعوا حسبوا امرٍ ما يكون وكان فصادم صعبات المعاني على القدا فراع القدا والموجبات معان فلا طلبك العليا بيدني منيه ولا زادن ايام الرخى لهدان تخيرت نومي فوق صوانة الصفا ولا جودريٍ في بلاد هوان ولو صار شربي ماء هماجٍ وخالطه حنظل وانا لي بالمعزه شان احب علي من ملك بغداد وأرضها إلى البصرة الفيحا ودار عمان فعلم صبيان القرايا هل الذرا من الناس والا فالذهان أذهان الاوطان ما يغدي بها خط عالم ولو غلته تشرا بكل زمان إلى غبت الطرحا بدارٍ ورثتها بالسيف لا حقٍ ولا جعلان ولو قلت ذا ملكٍ لبوي وجدي عن الحق منصوب الملوك ضمان يا راعي الدار الذي في قراره ضعيف القرا ما يرتجي بعوان الاوطان بليا هوش لا ترفع البنا والأبطال للضد القرين اعران ولو صرت في قصرٍ حصين مشيد فضوه من عدم الرجال وهان ولو كان تعطي كل يومٍ وخايه تبغى البعدا قالوا جنابه لان فمن يامن الرقطا على الساق جاهل ومن يامن الضد العتيق عيان عدوك لو صافاك يومٍ مذله فهو مسرج للمولمات حصان فلا تغذ سرحان ولا تدن مبغض واياك والطمع الزهيد تدان ولا تتخذ حظك على كل عيله الى تم فتسلم فعال كان فان صرت راعي قالة تتقي بها عن الواش ما تدبيرهاباعلان فشاور مرجام صبورٍ صميدع يعينك بالنخوا أرياه متان وترك زاروبٍ خفيف سملج ردي اللقا للمعضلات ليان وترك باب الذل عني ولا تكن إلى ريت راسٍ من عدوك بان فصكه بالهندي على البوق والنقا وما كبر من عظم المصيبه هان دع ذا ويا غادي على عيدهيه ضراب هجنٍ من بنات عمان على مثل ربداً في سنا الصبح ساقها سنا حكم منطلق البنان فكان إلى قفت مع حزمٍ تواما سبوقها كما بارقٍ هبت عليه يمان وألا فدانوقٍ هوا مدلهمه تزجه النكبا والدبور شحان مخطوط قصيدة حميدان الشاعر: هو حمد بن ناصر بن سيار من بني خالد ولقبه حميدان الشويعر عاش في القرن الثاني عشر الهجري نشأ مزارعاً في بلدة القصب وفي أواخر عمره انتقل إلى بلدة أثيثية وقد أفادني حفيداه عبدالرحمن الشويعر وأحمد الشويعر أن جدهم عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن مانع بن حمد بن ناصر كان إماما لمسجد برزان في حائل في القرن الثالث عشر الهجري ولعلنا نتطرق لذلك بشيء من التفصيل في مقال آخر. دراسة النص: عندما يذكر شعر حميدان الشويعر فأول ما يتبادر للذهن قصائده الهجائية وقفشاته اللاذعة حتى إنهم في زمنه قالوا عنه شاعراً عياراً وهي بلهجة أهل نجد تعني أن لسانه طويل ولا يسلم منه أحد وقد نفى عن نفسه هذه التهمة في مطلع قصيدة أخرى: يقول الشاعر الحبر الفهيم حميدان المتهم بالعياره وأقول نعم انه كما وصف نفسه (الحبر الفهيم) فصوت الحكمة واتساع التجربة المعرفية في شعره أقوى من أي صوت آخر ولديه من الشعر ما يصلح لكل زمان وكأنه حاضراً يصف ويعلق على الواقع الذي نعيشه، وهذا النص الذي بين يدينا أحد الدلائل على ذلك، وقد أوردت من النص مقدمته وتركت ما يشير إلى مناسبته، فقد بدأ القصيدة مؤكداً أن قادم الأيام يخبئ كثيرا من المفاجآت التي ستصل متتابعة بلا شك ففي هذه الدنيا لا تستبعد أن يحدث ما لا يمكن توقع حدوثه كما أن الأعمار تختلف بالطول والقصر ومع ذلك فنهايتها الفناء ولن يبقى سوى الله عز وجل لذا فخذ استعدادك لجميع الظروف والاحتمالات وان كنت تعيش في حالة من رغد العيش والاستقرار فاعلم ان الدنيا ترمي بمصائبها مجتمعه وكم بذلك ذهبت بملك ناس وأتت بآخرين، ثم يبين أن المخاطب بهذا النصح هو ابنه (أنا ياولدي) ومؤكداً صدق نصحه الذي هو ناتج عن تجربه وخلاصتها أن المشاكل إذا عظمت هانت، وانه في وقت الرخاء لا شيء صعبا عليه فهو سيجد الماء تحت السراب، أما في وقت الشدة فلن يتمكن من اجتذاب الماء من منبعه حتى وإن كان يملك الحبال القوية، كما أن من يستمع إلى رعاع الناس سيوردونه إلى التهلكة وكأنهم يلقون به في بئر لا قرار لها، كما أنه سيعينه من لم تتوقع منه مد يد العون، بل وسيتخلى عنه من كان تحت يده فلم يكن في حساباتهم أن يقفوا معه بقدر ما كانوا يخططون لاستغلاله، فلذلك ينصحه بمواجهة المشاكل بالطريقة الصحيحة وسيجد العون والتوفيق في الخروج منها منتصراً، فطلب المعالي لن يعجل بالموت والركون إلى الدعة لن يطيل العمر، ثم يقول إنه ان يفترش الحصا القاسي الصلد أفضل من أن ينام على الفرش المنعمة في بلد يهان فيها، كما انه يقنع بشرب الماء المالح والمر طالما في ذلك عز له وكرامة هي أحب إلى نفسه من ملك شاسع، ويريد من ابنه أن يخبر أبناء القرى الذين يميلون إلى الدعة والراحة أما الأذكياء الفطنون ففطنتهم ستكفيهم، فالوطن لا يسترده علم عالم حتى وان كان جليل القدر بل انه بالقوة وبمصارع الأعداء تملك الديار وليس ملك الآباء والأجداد سبباً للحفاظ عليها بل أنها إذا لم تخض الحروب فلن ترتفع لها راية، كما أن أبطال الرجال هم المرتكز الذي يقوم عليه عز الوطن، ومن لا رجال لديه وان كان في حصن حصين فلابد أن يأتي من الشجعان من يستحله كما أن من يدفع الضريبة للقوي حتى يأمن شره فأن القوي سيرى ذلك ليناً وضعفاً وسيطمعه فيه أكثر ويشبهه بمن يضع الأفعى على ساقه معتقداً أنها لا تلدغه وينبه إلى أن العدو القديم لن ينسى عداوته وان أظهر التودد والمصافاة فهي نتيجة خوف ولكنه يتحين الفرص السانحة للانقضاض، وانه كالذئب فلا تصرف عليه لأنه لا يؤمن جانبه، ويحذره من الطمع البسيط، وان يستعين بالكتمان في تدبير الأمور وان يشاور من لديه نخوة وشجاعة وصبر، فله آراء صائبة وان يتجنب مشورة الجبناء وان لا يتهاون في مواجهة الأعداء بل عليه أن يبادرهم بالسيف مؤكداً سياسة القوة وليس الضعف.