تأبى لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي إلا أن تثبت لنا بين حين وآخر بأنها تمارس في قراراتها انتقائية فاضحة، منذ أن تم تشكيلها؛ على الرغم من تغير أعضائها، ما يجعلنا نتيقن بأن الأمر لا يتعلق بالأدوات التي تدير اللجنة، وإنما بالسياسة المرسومة لها، وإلا فهل يعقل أن تبادر اللجنة لمعاقبة ناد أو شخص على حادثة، وتغض نظرها عن ناد أو شخص آخر في حادثة مماثلة حد التطابق. هذه اللجنة التي وصفتها ذات مرة بلجنة كل واحد يصلح سيارته، وفي مرة أخرى بلجنة فرد العضلات، وآخر مرة بلجنة التفتيش في الضمائر، لا أتردد اليوم بوصفها بلجنة الخيار والفقوس، وما يدفعني لذلك هو إصرارها على التباين في القرارات، وتعمدها الانتقائية فيها؛ بدليل قرارها الأخير بمعاقبة جماهير الهلال على ما وصفته في بيانها بالهتافات العنصرية، في حين نراها لا تفعل مع جماهير أخرى قامت بإطلاق ذات الهتافات، وكأني بها - بالفعل - تقسم الأندية إلى أندية خيار، وأندية فقوس! نحن كإعلام حريص على سلامة المنافسة الرياضية، واللعب النظيف، والروح الرياضية نشد على يد اللجنة في شجاعتها بمعاقبة الجماهير التي تمارس أي شكل من أشكال العنصرية، أو أي نوع من أنواع الممارسات المسيئة أخلاقياً، أيا يكن انتماؤها، فهي هتافات نرفضها جميعاً، بل ونجرمها، ولكننا في ذات الوقت نستنكر على اللجنة انتفاضتها في وجه نادي الهلال تحديداً، في الوقت التي وجدناها تدس رأسها في الرمال حينما قامت جماهير أخرى بممارسة ذات الهتافات العنصرية، بل وأشنع؛ إذ أن هتافاتها لم تأت بشكل عفوي، أو نتيجة ضغوط، أو ردة فعل؛ وإنما عن سابق إصرار، خصوصاً أنها تنطلق بقيادة قائد رابطة مشجعي النادي، كما في الهتافات الوقحة التي ظلت تمارس ضد ياسر القحطاني. لجنة الانضباط بمثل تلك القرارات الانتقائية تجعلنا نشك بأن ثمة أجندات تفرض عليها، تجعلها لا تُعمِل قراراتها إلا باتجاه أندية أو شخوص معينة؛ ولكي تثبت عكس ذلك، ليس عليها اليوم إلا التعقيب على البيان الذي أصدرته إدارة نادي الهلال على إثر العقوبة الأخيرة بما يدحض تهمة الانتقائية؛ خصوصاً وأن اتحاد الكرة أخذ على عاتقه التواصل مع الإعلام إن عبر البيانات التي تصدرها اللجان، أو لجنة الإحصاء والإعلام، أو بشكل مباشر عبر المتحدث الرسمي، ونتمنى ألا تكون التعقيبات التي تصدر عن اتحاد الكرة انتقائية أيضاً. إن مثل هذا النوع من الممارسات التي تنتهجها لجنة الانضباط لا تقل من حيث الخطورة في تأزيم المنافسة وإيصالها إلى درجة الغليان عن تلك الهتافات الخطيرة؛ لأن شعور المشجع بمثل تلك الانتقائية تجعله يشعر بأن ثمة من يترصد بناديه بغية إسقاطه؛ وهو ما يؤدي به إلى درجة الاحتقان التشجيعي؛ ما يجعل مدرجاتنا قابلة للاشتعال في أي لحظة، وبالتالي فإن على اللجنة أن تباشر عملها بمسؤولية بعيداً عن أي أجندات، أو حسابات إن كانت بالفعل تريد لرياضتنا السلامة؛ لأن سياسة (الخيار والفقوس) ما عادت تنطلي على أحد.