تخطئ اللجنة الأولمبية السعودية، ومعها الجوقة العازفة على أوتار المتغيرات، والناقرون على طبول ردود الأفعال، حينما يظنون بأن مجرد التجنيس سيكون حلاً لأزمة الرياضة السعودية، التي تعيش أسوأ مراحلها، ليس بلغة إنشائية مجردة، بل بلغة الأرقام التي لا تكذب، وليس في كرة القدم وحسب، كما يظن الكثيرون بل في كل الرياضات، ويكفي أن مشاركتنا الأخيرة في الدورة العربية لم ننجح في التنقيب عن ذهبها سوى في ثلاث رياضات من بين 19 رياضة شاركنا فيها، وقبلها أخفقنا ليس عالمياً، أو قارياً، بل حتى خليجياً، وما الدورة الخليجية الأخيرة عنا ببعيدة. التجنيس وإن كان مطلوباً، ليس على المستوى الرياضي فقط، بل حتى على المستوى الإنساني والتنموي في كافة جوانبه؛ لكنه لن يكون حلاً ما لم تكن هناك خطة ناجعة للاستفادة منه بالشكل الصحيح الذي يعود على الوطن بالنفع من جميع أوجهه، ويضمن للتجربة النجاح المؤكد؛ بعيداً عن الاجتهادات والمحسوبيات، وإلا فإنه سيكون وبالاً ومصدر أزمة؛ بدلاً من أن يكون مصدراً للحل، ولنا في بعض التجارب القريبة درساً بليغاً، فثمة دول إقليمية اعتمدت سياسة التجنيس الرياضي وغير الرياضي، وكانت التجربة مريرة في جوانب عديدة ولا زالت؛ رغم محاولات التعديل والتصحيح فيها. رياضياً على الأقل أرى أن ثمة قفز على الواقع بالقول إن تجنيس بعض المقيمين من أصحاب المواهب سيكون أحد الحلول الناجعة لأزمتنا الرياضية، فمثل هذا الطرح المعوّم يوحي وكأن الرياضة السعودية تعاني على مستوى العنصر البشري، وهذا غير صحيح، فديموغرافياً تعد السعودية دولة ثرية بسكانها، إن على مستوى العدد، أو الأجناس والأعراق، وكذلك من حيث نسبة الشباب إلى مجموع السكان. من هنا فإن من يظن بأن التجنيس كافٍ لحل الأزمة الرياضية فإنه واهم، حتى وإن استند على وجود عملية استقطاب للمقيمين من قبل الدول المجاورة كما يحدث من قطر، لأن الفارق كبير وواضح بين البلدين من الناحية الديموغرافية، لذلك فإن الحل ليس في التجنيس لمجرد التجنيس، وإلا فإن السعودية تعد خزاناً بشرياً، لاسيما على مستوى الشباب، واستناداً على إحصائيات عام 1431ه - 2010م يُلحظ ارتفاعا واضحا في عدد الشباب، حيث بلغ عدد الشباب البالغ أعمارهم ما بين 15- 24 عاماً فقط نحو 4 ملايين، وهذه المرحلة العمرية هي التي يصدق عليها رياضياً مصطلح موهبة في حال امتلاك اللاعب لها. إزاء هذا الواقع الديموغرافي أستطيع القول بثقة أن أزمة الرياضة السعودية ليست في العنصر البشري، وإنما في الدعم المادي الحكومي من جهة، وهو الذي لامس قصوره كل مفاصل الحراك الرياضي ببشره وحجره، وفي التخطيط الرياضي من جهة أخرى، وهو الذي تعنى به الرئاسة العامة لرعاية الشباب، واللجنة الأولمبية، والاتحادات الرياضية، نزولاً للأندية، إذ لم يعد ثمة شك بأن جميع المؤسسات الرياضية السعودية تعاني من أزمة تخطيط، بدليل لجان الإنقاذ التي تُشكل عند كل إخفاق، لتؤول توصياتها في النهاية للحبس في الأدراج، لنكتشف في كل مرة أن تلك اللجان لم تكن سوى إسفنجات لامتصاص الاحتقان الشعبي، لذلك سيبقى الأمر شائكاً إن بالتجنيس أو بدونه، طالما بقيت أزمتا الدعم والتخطيط رازحتان على كاهل الرياضة السعودية.