الأرقام التي تحصي وفيّات حوادث الطرق كبيرة. ولم تكن كذلك قبل تعبيد الطرق، التي قادت إلى السرعة، والسفر في الليل المظلم. كان المسافرون "يُمرحون" - بكسر الراء، أي يقفون للنوم والراحة وتناول الوجبة والصلاة. أما الآن فهناك تحديّات من نوعين إضافيين على السير ليلا والسرعة هما: ٭ تحدّ ذو صفة تقليدية واجتماعية وقفت دونه كل محاولات ووسائل السلامة، ويكثر هذا التحدي عندنا في الجزيرة العربية ويقلّ - أو ينعدم عند غيرنا - وهو الإبل السائبة التي تعبر الطريق السريع وبعضها يقف متعمداً..! وسط الطريق، والصور في صحافتنا المحلية كثيرة. وأكثرها تُظهر جسم ذلك الحيوان الضخم وقد سقط بقوة على المركبة وراكبيها. ويقول الخبراء إن ذلك بسبب طول ونحافة قوائمه. ٭ الثاني هو تحد ذو صفة طبيعية. ألا وهو الانهيارات الصخرية بسبب التعرية والعوامل المناخية وتدحرج الجلمود - دون علم المارة ودون توقعاتهم -. وينتج عن ذلك إما انحراف السيارة وانقلابها أو تهشيمها بواسطة ذلك الصخر الضخم - المدوّر أحياناً - والقضاء على من فيها من الركاب. ومن العهد الأدبي الجاهلي ونحن نقرأ عن ذلك الجلمود الفظّ والخشن، الذي يحركه أي عامل طبيعي أو مناخي. فيتحدر..! ليفسح الطريق..! أمام جلاميد أخرى. وقال أمرؤ القيس: مِكرّ مِفرّ مقبلٍ مدبرٍ معاً كجلمود صخرٍ حطّهُ السيل من عَلِ وقال ابن لعبون هاجياً: واقفى مْصرّ كنّ جاكات شاله جلمود صخرٍ حطّه السيل من عَال وعندما قيل لابن لعبون إنك استعرت تشبيه أمرئ القيس قال: أنا أدقّ منه وصفاً.. لأن الجلمود لا يكرّ ولا يفرّ، بل يتدحرج بقوة إلى الأمام. وفي الطرق، في الغرب، تجد تحذيراً يقول: «جلاميد ساقطة»، وبالإنجليزية Falling Rocks. ويتندّر الغربيون بهذه اللافتات التحذيرية. وبما صُرف عليها من توزيع ألوان.. ولمسات فنية. ومعظم السائقين يقولون لأنفسهم: ثم ماذا؟.. وما عسانا فاعلين؟ فهذه الأشياء لا يمكن التنبؤ بها. إذاً، فوجود هذه اللافتات المنمقة هو من باب الزينة..! أو العبث. ولم يتّفق العالم - بعد - على معيار اللافتة التحذيرية هذه فهي في بلجيكا مثلاً صخرتان، وكذا الحال في الأردن. وتتعدد صور الصخور كثرة وقلة. وأكثرها في الفلبين والأكوادور. ففي الأولى يرسمون 45 صخرة وفي الثانية 42 صخرة هابطة. وأخطأوا في مالطة وإيطاليا، حيث جعلوا الجبل هو الأسفل..! والصخور نازلة من السماء..! وقانا الله جميعاً شر مخاطر الطريق.