عندما كنا صغارًا لم نكف يومًا عن مشاهدة أفلام الكرتون، ونعُد الساعات الطوال والدقائق القديمة لمشاهدة ذلك المذيع وهو يلقي قائمة برامج اليوم المملة حتى يصل عند كلمة المسلسل الكرتوني المدبلج لتتهلل أساريرنا، وكان من ضمن تلك المدبلجات مسلسل يحكي قصة طفلٍ مُغامِر ذهب مع القراصنة.. ليبحث عن الكنز، لأنه كره حياة الفقر التي يعيشها. والغريب أن القراصنة في تلك السفينة كانوا يحبون الأهازيج المرعبة فهم يتغنون بشجاعتهم في سخرية: "خمسة عشر رجلاً ماتوا من أجل صندوق" وها هو هذا الجيل الذي كان يشاهد القراصنة وهم يموتون من أجل صندوقٍ لا يعرفون حقيقة وجوده يكبُر.. ويتحول ذلك الصندوق المتخم بالمجوهرات المسروقة إلى حزمة أوراق لا يتجاوز ارتفاعها 3سم ، وحلم المغامرة في رحلة بحرية طويلة يتحول إلى رحلة بين أعطاف الكتب، وتتحول تلك السفينة إلى مبان تعليمية قاتلة، وكلنا ذلك الباحث عن الكنز الذي بات يأتي على دفعات شهرية نستجديه من آلة معدنية تلقي عليك عدة أوامر تشبه الخطة المرسومة على تلك الخريطة والتي بدورها تحولت إلى بطاقة رقيقة نخفيها بجانب قلوبنا، ومع ذلك بقي الكثير من دون ذلك الكنز ولازالوا يبحثون عن حلمهم في الحصول على وظيفة بعد عناء سنوات من الدراسة ذهبت أدراج الرياح.