أبناء جيلي يعرفون جيداً هذا العنوان .. فقد كان واحدا من أشهر المسلسلات الكرتونية في عقد الثمانينيات الميلادية، وتوجد منه حلقات كثيرة على اليوتيوب.. وحتى في ذلك الوقت كنت أعرف أنه مسلسل ياباني - مدبلج للعربية - ولكنني لم أعرف أنه مقتبس من رواية خيالية (بعنوان المد العالي) إلا بعد أن بدأت بقراءتها هذه الأيام.. أما مؤلف الرواية فهو الأمريكي الكسندر كي الذي يتميز - ليس فقط بخياله الخصب - بل وقدرته على مخاطبة عقول المراهقين والأطفال كما يتضح من روايته الحمامة البيضاء (حيث يكتشف بطل القصة الصغير طريقة للتواصل مع الحمام عن طريق "التخاطر" فيدهش للكم الهائل من العواطف والمشاعر التي تحملها الطيور).. وحين نشر رواية المد العالي أو The Incredible Tide صدم البالغين الذين حملهم مسؤولية نهاية العالم. في حين أسعد الأطفال الذين حملهم مهمة بدء حياة جديدة على الكوكب (من خلال شجاعة عدنان، وذكاء لينا، ومكر عبسي)!! أما أحداث القصة فتدور في المستقبل حيث تندلع الحرب العالمية الثالثة التي يستخدم فيها البشر أسلحة متطورة تغير النظام البيئي للكوكب فتحدث دمارا شاملا تموت على إثره كل الشعوب .. وكانت كل حلقة - كما يتذكر معظمنا - تبدأ بقول الراوي: اندلعت الحرب العالمية الثالثة عام 2008 واستخدمت فيها الشعوب المتحاربة أسلحة كهرومغناطيسية تفوق في قدرتها الأسلحة التقليدية. ونتيجة لذلك، انقلبت محاور الكرة الأرضية وحل الدمار في البر والبحر وباتت الكرة الأرضية تعيش كارثة مرعبة... وكان بطل القصة كونان (عدنان) قد نجا في طفولته من الحرب التي قلبت محاور الأرض وتسببت بموجات عاتية أغرقت جميع القارات باستثناء أعداد صغيرة من البشر كانوا في السفن أو داخل الغواصات. وبعد موت جده العجوز يكتشف كونان وجود فتاة تدعى لانا (لينا) نجت بدورها من الكارثة مع جدها (المعلم) ووالديها (شان ومازل)!! ويبدو أن مؤلف الرواية على قناعة بأن البشر لا يتعلمون من أخطائهم وأن مشاعر العداء بينهم ستستمر حتى بعد وقوع كارثة بهذا الحجم .. فالأسماء السابقة تجمعت لبدء حياة جديدة ولكن ما أن يبدؤوا بالاستقرار - وتبدأ الحياة بالازدهار - حتى تعلم بوجودهم مجموعة شرسة نجت بدورها من الحرب فتبدأ بمطاردتهم ومحاولة القبض على (المعلم) الذي يعرف تقنيات يحتاجون إليها!! ومن سياق الأحداث ندرك أن مؤلف الرواية (الذي توفي عام 1974 في عز الحرب الباردة والتسلح النووي) يحاول إخبارنا بأن جنون التسلح سينتهي بإبادة البشر، وأن الحرب العالمية الثالثة لن يكون فيها مهزوم ومنتصر بل بقايا بشر يعيشون حياة بدائية تختلط مع تقنيات ورثوها من العصور الماضية.. وفور ظهور الرواية حققت شهرة واسعة وترجمت الى عدة لغات عالمية.. وفي اليابان لفتت انتباه شركة نيبون أنيميشن (لأفلام الكرتون) فقررت في عام 1978 إنتاجها في حلقات مصورة .. وكما حدث مع الرواية حقق المسلسل شهرة واسعة لدرجة كان الوحيد في اليابان الذي فاق عدد مشاهديه الكبار الأطفال الصغار - وعرف هناك باسم (ميراي شونِن كونان) أو (فتى المستقبل كونان) في حين اشتهر في العالم العربي باسم بطليه الصغيرين عدنان ولينا.. وفي عام 1981 قامت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج بدبلجة المسلسل وقام الفنان العراقي فلاح هاشم بدور (عدنان) والفنانة العراقية سناء التكمجي بدور (لينا) والفنان الكويتي عبدالرحمن العقل بدور (عبسي)!! - السؤال المحير هو : هل كانت حقبة الثمانينيات رائدة في تقديم البرامج والمسلسلات الكرتونية الرائعة (خصوصا حين نتذكر شارع السمسم ومغامرات سندبان)، أم أننا كبرنا اليوم ولم نعد نعرف ما يشاهده أطفالنا فعلا!؟ ... السؤال الثاني والأهم : أين ذهبت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي!؟