كان طبيعياً أن ينتفض جمهور النصر على الواقع المزري الذي يعيشه النادي، وعلى الوعود الزائفة، والأخطاء القاتلة، بل والإصرار عليها، والتعنت في معالجتها، وما ليس طبيعياً هو بقاؤه في المدرج يمارس الردح دون حراك إيجابي على الأرض. ظل (جمهور الشمس) يغالب أوجاعه تارة باسم الحب، وأخرى خشية تشفي جمهور الجار اللدود، وقد استغل ذلك أصحاب المصالح الخاصة في "البيت الأصفر" فبنوا امبراطورياتهم الجماهيرية، وشيدوا أبراج مجدهم الإعلامي على حساب النادي العريق، دون ان يقدموا فاتورة واحدة تساوي شيئاً يسيراً في مقابل ذلك. ما فعله الجمهور النصراوي اول من أمس هو نقطة البداية في طريق التصحيح، ولا أقول الخطوة الأولى، لأنها لم تبدأ بعد، بل إنني أخشى ألا تبدأ، إذ اعتدنا في كثير من المواقف المشابهة الالتفاف على أي احتجاجات باستخدام مورفين التصريحات الجوفاء، ومصل الشعارات الديماغوجية، التي كانت تنجح في كل مرة بسبب استسلام هذا الجمهور الذي ظل يسيج نفسه ومنذ سنوات بشعار بليد مفاده ومن الحب ما قتل. خشيتي تلك تندرج لقناعتي بأن إدارة النادي، وكذلك المجلس الشرفي لن يقوما بأي خطوات استراتيجية لمعالجة انهيار الفريق، فلا الإدارة ستستقيل اعترافاً بفشلها وعدم قدرتها على تنفيذ وعودها التي ألزمت بها نفسها؛ خصوصاً الأمير فيصل بن تركي الذي وعد بإعادة الفريق للمنصات، وبشرهم بأخذ الفريق إلى قمة الأفضلية في القارة الآسيوية؛ وإذ به يخلفه في المراكز الأخيرة في الدوري المحلي، ولا المجلس الشرفي كذلك سيدفع الإدارة للاستقالة، فثمة تقاطع مصالح بين مجلسي الإدارة والشرف يجعل هذا الخيار غير ممكن بل مستحيل. الحل المتوقع والمنتظر إذن لتجاوز منعطف الأزمة الراهنة هو أن يقوم المجلس الشرفي وبالترتيب مع مجلس الإدارة باستخدام اسفنجة القرارات التكتيكية أو التجميلية بمعنى أدق؛ كإجراء تغييرات في الأجهزة الإدارية والفنية كأن يعفى القريني، ويحيد السلهام، مع السعي نحو إبرام تعاقدات (شتوية) إعلامية أكثر من كونها فنية، بحيث لن تكون بتلك النجاعة التي تجعل الفريق يصحح وضعه تماماً في الدوري، وتدخله سباق المنافسة على البطولات الأخرى؛ لكنها ستكون كفيلة بأن تذر الرماد في عيون الجماهير، وإن لمدة تسمح بتهدئة المدرج المحتقن. هذه الحلول الالتفافية إن حدثت فإنها لن تعالج الأزمة النصراوية، ولن تطفئ نيرانها، وإن نجحت في تبريدها يوماً أو أكثر، فإنها سرعان ما ستستعر، وستزيد الأزمة تعقيداً، والنصراويون جربوا اتخاذ هذا الخيار غيرة مرة؛ سواء مع هذه الإدارة، أو غيرها، وفي كل مرة ينجحون في امتصاص غضب الجماهير؛ لكنهم لا ينجحون في الخروج من سجن الأزمات الذي ظلوا حبيسين فيه منذ نحو عقد وحتى اليوم. الحل الناجح والجذري يكمن - من وجهة نظري - في استقالة الإدارة وتشكيل مجلس إدارة مؤقت لتصريف الأعمال حتى نهاية الموسم، على أن تتم الدعوة لعقد انتخابات حرة وشفافة يشارك فيها منسوبو النادي الممثلون في الجمعية العمومية وعلى رأسهم الجمهور، وألا تكون الجمعية حكراً على الشرفيين خصوصاً المتنفذين منهم، وبدون هذا الخيار فلن تقوم للنصر قائمة.