في مباراة القادسية والنصر الأخيرة رفعت (جماهير الشمس) البطاقات الحمراء في المدرجات، وهي المرة الثانية التي تقوم بهذا الفعل في غضون أسبوع واحد على الرغم من التغييرات التي أحدثها مسيرو النصر في الجهازين الإداري والفني، وكذلك في هيكل مجلس الإدارة، في إشارة واضحة بأن ما تطالب به أكثر من ذلك بكثير. إذن فالمطلوب اليوم ليس الإطاحة برأسي عامر السلهام وسليمان القريني وحسب، وإنما تفريغ كرسي الرئاسة، بإقصاء رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي، وقد عبّرت الجماهير عن ذلك بعبارات واضحة، وإشارات أوضح، إن بهتافاتها في المدرجات، أو حين اعتصمت في النادي، وأخيراً برفعها للبطاقات الحمراء، والتي تحمل من الدلالات ما هو أعظم من الرغبة في الرحيل الاختياري. الواقع يقول بأن رئيس النصر وإن تخلى عن كثير من قناعاته وتصلبه من خلال القبول بإحداث تلك التغييرات، بل والقبول بفكرة مشاركته في القرار من بعض شرفيي النادي، وهو الذي قبض على مفاتيحه بقبضة حديدية، إلا أنه ليس من النوع الذي يقبل برفع الراية البيضاء مهما تكن الضغوطات عليه، وما قبوله بهذا التدخل، وتلك التغييرات إلا بمثابة انحناءة للعاصفة ليس أكثر. ما يؤكد بأن المتغيرات الجديدة في النصر ليست سوى مناورة، أو (تكتيك) المراد منه معالجة الأوضاع الضاغطة، وليس التخلي عن الاستحقاقات، ان السماح بالتدخل الشرفي جاء متوافقاً إلى حد بعيد مع قناعات الرئيس، وما ينسجم مع رغباته، ولعل ذلك يتضح في دخول الأميرين طلال بن بدر في دوره الشرفي، والوليد بن بدر في دوره الرسمي الجديد في جهاز الكرة، مع القبول بدخول العميد فهد المشيقح باعتباره شخصية وسطية، حيث إن دخول الثلاثي أسكت الألسن التي تقول باختطاف الأمير فيصل بن تركي للقرار، كما قطع الطريق في الوقت ذاته على الراغبين في القفز على المشهد؛ استغلالاً لسوء النتائج وذلك بركوب موجة الجماهير. يتضح عمق التكتيك من خلال طريقة إدارة الأزمة، إذ في الوقت الذي يتصدى فيه الأمير طلال بن بدر لمعالجة الأزمة الجماهيرية من خلاله تواصله المباشر والحميمي مع الجماهير والإعلام إن بشكل مباشر، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يقوم الأمير الوليد بن بدر بالأدوار التنفيذية داخل فريق كرة القدم، بينما يلعب العميد المشيقح في مجلس الإدارة دور حمامة السلام، في حين يُحيِّد الأمير فيصل بن تركي نفسه عن مباشرة الأمور، خصوصاً الإعلامية إلى أن تتم معالجة كل بؤر الاحتقان. هذا التكتيك وإن كان ينم عن ذكاء وحنكة إلا انه في الوقت نفسه يعد بمثابة الرقص على حافة الهاوية؛ لأن النتائج ولا شيء غيرها هي من ستقرر ما إذا كان التكتيك قد نجح أم فشل بدليل ردة الفعل الغاضبة التي أنتجتها الخسارة من القادسية، وهي التي جاءت بعد يومين فقط من تعيين الوليد بن بدر والمشيقح، فالوقت غير قابل للوعود، أو التسويف، ولا حتى التبرير، وبالتالي فإن المسيرين للنصر اليوم باتوا أمام محك أكون أو لا أكون، وما أصعبه من محك؛ فإما أن ينجحوا في قيادة السفينة الصفراء لشاطئ الأمان، أو أن تغرق بمن عليها، وبالطبع لن يكون حينها الرئيس وحده!.