صْبَحْتُ مُطَّرَحاً في مَعشَرٍ جهِلُوا ... حَقَّ الأَدِيبِ فَبَاعُوا الرَّأْسَ بالذَّنبِ والنَّاسُ يَجْمَعهُمْ شَمْلٌ، وَبَيْنَهُم ... في الْعَقْلِ فَرْقٌ وفي الآدَابِ وَالْحَسَبِ كمثلِ ما الذَّهبِ الإبريز يُشْركُه ... في لَوْنِهِ الصُّفْرُ، والتَّفْضِيلُ لِلذَّهَبِ والعودُ لو لمْ تطبْ منه روائحه ... لم يفرق الناسُ بين العودِ والحطبِ لقد وعى الشافعي رحمه الله ضياع حق الأديب فطالب به ناصحا منذ زمن بعيد واليوم يتجلى ضياع ذلك الحق من خلال عدم الاهتمام بما يورثه ذلك الأديب من علم وأدب يتركه وراءه عندما يغادر هذه الدنيا الفانية فيضمحل تأثير نتاجه على المتلقي فيفنى الذكر وينسى الرسم ، من هنا يأتي دور النوادي الأدبية في إذكاء روح الاهتمام والمتابعة بالنتاج الأدبي للأدباء المتوفين ونشر ما لم ينشر من ارثهم الأدبي والفني مع التذكير الدائم للناس بهم يتجلى ذلك في عقد الندوات وإلقاء المحاضرات وتشجيع الدراسات حول حياتهم وإنتاجهم. "الرياض" فتحت ملف حفظ الحقوق الأدبية للأدباء وتعهد نتاجهم الأدبي وحفظه بعد وفاتهم مع عدد من الأدباء والشعراء. فاطمة سعدالدين: أغلب من يموتون يموت إنتاجهم الأدبي وتُنسى مع الزمن إبداعاتهم وأعمالهم وجهودهم الدكتور ماهر الرحيلي الأستاذ المساعد بقسم الأدب والبلاغة في كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة ووكيل الكلية للجودة والتطوير يرى أن الحفاظ على النتاج غير المطبوع للأدباء الذين فارقوا الحياة مسألة في غاية الأهمية. وهي لا تخص الأديب وحده بل تمس الحركة الثقافية للمدينة التي ينتمي إليها أيضا. ولكن هناك اعتبارات ينبغي التنبه لها: 1- ينبغي ألا تطغى الفكرة العاطفية للتكريم على حساب القيمة الفنية للنتاج الأدبي. 2- أحياناً قد نفاجأ بموقف ذوي الأديب المتوفى بعدم رغبتهم في النشر. وهذا يحتم التعاون من جميع الأطراف المعنية و ليس فقط النادي الأدبي. في النهاية أرى أن من أهم ما يمكن أن تقوم به الأندية الأدبية هو دعم الأدباء أحياء وأمواتا بنشر نتاجهم وطبعه بعد التأكد من قيمته الفنية التي تقدم مثالا مشرفاً للجميع. الدكتور عبد الله عسيلان رئيس النادي الأدبي بالمدينةالمنورة أكد على أن من المهام الأساسية للنادي الأدبي أن يكون على صلة وثيقة بالأدباء وخاصة الرواد الذين لهم عطاء ولهم حضور في الساحة الأدبية والثقافية ومتابعتهم أحياء والعناية بآثارهم إذا انتقلوا إلى رحمة الله وهذا ما حرص عليه نادي المدينةالمنورة الأدبي من نشر آثار الإعلام من الأدباء في المدينةالمنورة بعد وفاتهم على سبيل المثال الأديب عبدالعزيز الربيع كان مديرا للتعليم ورئيس النادي الأدبي في فترة من الفترات فقد قام النادي الأدبي بجمع آثاره من النتاج الأدبي والثقافي في قرابة أربعة أجزاء ,فتتبع آثار الأدباء من أهم المهام المنوطة بالنوادي الأدبية وكذلك قام النادي الأدبي باقامة ملتقى خاص لعلم من أعلام الثقافة والصحافة الأدبية وهو من المدينةالمنورة الأستاذ عبد القدوس الأنصاري كما أقمنا بعض الدراسات على بعض نتاجه وتتبعنا آثاره وتم نشرها من قبل النادي الأدبي. عبدالعزيز الصيرفي أديب وكاتب يرى أن مسؤولية حفظ حقوق الأديب تقع على الكاتب نفسه - وقوت عمله الكتابي على سبيل المثال - إحسان عبد القدوس مات ومازال موجودا من خلال كتاباته, فالكلمة الجميلة الصادقة تبقى وان مات صاحبها- لذا نجد نتاج الكتاب والأدباء في العصرين الأموي والعباسي مازالت اعمالهم باقيه إلى الآن. نحن نعيش فترة من الزمان بين الماضي والحاضر والنهوض بجميع نواحي الحياة - ومع الزمان سوف نتعلم من الآخرين كيفية حفظ حقوق الأدباء والكتاب , ولكن من سيخلد نتاجه هو الكاتب الجيد وليس من يبحث عن الشهرة والمادة. ويستطرد الصيرفي فيما يرى فيقول الأهل ليس لهم دور إلا إذا كان الكاتب مميزا وتوفاه الله , ويتساءل كيف نبحث عن حقوق الأديب بعد وفاته وهو يفتقد حقوقه وهو على قيد الحياة أين الكاتب فى السعودية؟ الأديبة والكاتبة عضو مؤسس في رابطة أديبات وكاتبات المدينةالمنورة أ. فاطمة سعد الدين الدكتور عسيلان: من المهام الأساسية للنادي الأدبي أن يكون على صلة وثيقة بالأدباء وخاصة الرواد قالت : للأسف ليس هناك أي حقوق تذكر للأديب بعد موته فغالب من يموتون يموت إنتاجهم الأدبي وتنسى مع الزمن إبداعاتهم وأعمالهم وجهودهم ، وفي رأيي هذه مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام؛ فمن واجبها أن تهتم بالأدب والفكر في بلادنا، وبخاصة ذلك التراث الأدبي الذي خلفه الجيل السابق عن طريق بذل الجهد ووضع آلية تخدم تراث كل منطقة من مناطقنا الغالية من خلال الأندية الأدبية التي تمتد وتنتشر على مساحة الوطن وذلك من خلال : - تكليف تلك الأندية الأدبية بوضع وعمل قاعدة بيانات لجميع أدباء وكتاب كل منطقة - حصر الإنتاج الثقافي والأدبي لهم. - يتم جمع ذلك الإنتاج وطباعته من قبل تلك الأندية الأدبية وخاصة للأدباء والكتاب المتوفين وهذا أقل ما يمكن أن تقدمه الأندية الأدبية للمثقف في منطقته. - أن يبدأ كل ناد أدبي برصد أدباء كل منطقة ويجمع ما لديهم من إنتاج ويذكر به ويطلب له الدعم من قبل الوزارة التي لا أظنها ستتأخر في دعم مثل هذه المشروعات التي ستسهم في حفظ تراث كل منطقة وجمعه في كل ناد أدبي فتستفيد منه الأجيال القادمة وكل من يريد أن يكتب عن أدب المنطقة نفسها. المؤلف والكاتب والباحث الموسوعي الأستاذ فريد سلامة يرى أن هذهِ مسؤولية الدولة – متمثلة بوزارة الثقافة والإعلام – بالدرجة الأولى . هيَ والأندية الأدبية ومعارض الكُتب وجميع الفعاليات التابعة للوزارة . لأن من صميم اسمها " الثقافة " إذاً فهيَ معنيّة بجمع وإحياء التراث الثقافي السعودي متمثلاً في التأليف .. وبرأيي أن الإرث الثقافي من مؤلفات متعددة ليست ملكاً لفرد بعد وفاةِ الكاتب . وإنما هيَ ملكٌ للأمة بأسرها . لأن الكاتب وغيره من الكُتاب يشكلون مجتمعين القاعدة الحقيقية للأمة المثقفة الواعية . ولا يمكن إنكار أن للدولة وتحت اسمها ، تم تكريم الكثير منهم ، فحين يُكرم أيّ كاتب أو مُبدع من ايّةِ جهةٍ كانت .. فإنهم يبدأون بقولهم: الكاتب السعودي ... الخ، إذا فهوَ جزء من المنظومة الثقافية والفكرية للبلاد والواقع أن الكثير من المؤلفين والكُتاب نفذت طبعات كُتبهم قبل وفاتهم ولم يعاودوا طبعها لأسباب ماديّة أو صحية أو لظروف مختلفة . فإعادة طبع المندثر من مؤلفات الكتاب والكاتبات ، برأيي من أهم من الأيام الثقافية العالمية بالخارج ، التي تقيمها الوزارة . وتكاليف طبعها أقل بكثير من أي برامج تقوم بها الوزارة ثقافياً . فيما هذا الإرث العظيم لا يلقى بالاً أو اهتماماً حقيقياً. ومن ناحية اُخرى . يرى سلامة إذا لم يقم الورثة (أصحاب الحقوق الشرعيين) لظروف ماديّة بإعادة طبع إرث متوفيهم الثقافي . الدكتور الرحيلي: الحفاظ على النتاج غير المطبوع للأدباء الذين فارقوا الحياة مسألة في غاية الأهمية ولا تخص الأديب وحده فعلى الوزارة أن تقوم بشراء الحقوق . أو الطبع ومن ثم اعطاؤهم ما يرضيهم كنسبة من حصيلة البيع , واُمنيتي الحقيقية أن يُصبح لدينا " بنك الإرث الثقافي " كمثل مكتبة ويلهام بانجلترا . التي بها كل حرف كتبهُ أي كاتب أو كاتبة يحملون الجنسية البريطانية . سواءً كان مطبوعاً أو حتى مسوّدات لم تُطبع . بما في ذلك بعض الرسائل والبحوث الجامعية بمختلف فئاتها . لأن هناك قضية مهمة جداً . وهيَ الأعمال التي ظلت حبيسة اضابيرها بعد وفاة مؤلفيها ولم ترَ النور . ! وهذا هوَ السؤال الأهم ..! الشاعر مروان المزيني يقول : أعتقد أن نادي المدينة في هذه الفترة غير قادر على اتخاذ مثل هذا المشروع وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية لديه حول طباعة إنتاج الأدباء أبناء المدينة إلا في أضيق الحدود وإن كنا نتمنى من النادي الاهتمام بكل الأدباء وخصوصا الشباب . وفي ظل استمرار إدارته السابقة فمن المتوقع أن الأمور الإدارية ستكون على ما كانت عليه من قبل نطمح إلى التغيير بما يفيد الحركة الأدبية والأدباء ومكان المدينةالمنورة الأدبي العريق. أ. بثينة إدريس - أديبة وكاتبة بدأت بقولها : ما أعرفه أن بعض الأندية المنتشرة في أنحاء المملكة تقوم بالفعل بجمع وطباعة نتاج الأدباء والكتُاب ، والحفاظ عليه وأكثر من ذلك ، تقوم بنشره وتوزيعه - فكثيراً ما كانت تصلني بعض الكتب لبعض الأدباء والكُتاب ، مما يعني أن الأندية الأدبية حريصة أشد الحرص على جمع ونشر نتاج الأدباء والكُتاب ، بل ويصل الأمر أحياناً لتكريمهم عن طريق إقامة احتفالية تكريم لهم ، وأردفت: السؤال الحقيقي فريد سلامة: أتمنى يكون لدينا «بنك الإرث الثقافي» هل تقوم الأندية بجمع والحفاظ على نتاج جميع الأدباء والكتُاب اللامعة أسماؤهم ؟؟ وهل الأندية الأدبية حين تقوم بطباعة نتاج أؤلئك الأدباء بدافع إتمام مهامها الأدبية في صيانة الأدب وحفظه من الضياع ؟؟ أم لأنها جُبلت على ممارسة شللية بغيضة فتُكرم البعض على حساب البعض الآخر . فكم من شخصيات تكدست كتبها في مكتبات الأندية وتعددت أسماء معدي نتاجها الأدبي وناقديه ، حتى لكأن الأندية استحضرتهم لأجل تلك الشخصيات ليس إلا ، لإبراز أدبها ونقده واستحسانه ، وكم من شخصيات طالتها أزاهير احتفاليات التكريم لمرات وحتى بعد وفاتها ، في الوقت الذي غيبت الأندية الأدبية أسماء تستحق أن تحذو حذو تلك الشخصيات في طباعة نتاجها وفي التعريف به وتكريمها . أما أن اتحدث عن ناد بعينه ، كسؤالك، هل سيتم جمع الإنتاج الأدبي من قبل نادي المدينةالمنورة الأدبي؟؟ فهذا ما لا أستطيع أن أوقن به ، لأن لكل ناد سياسته سواء العامة المعلنة للناس !! أم الخاصة التي يسير أمور عليها في الخفاء ، فليتقدم من يرى أحقية بعض الشخصيات الأدبية في جمع نتاجها للنادي الأدبي بطلب ذلك، لتظهر فيما بعد السياسة الأساسية التي يتبعها نادي المدينة. الصيرفي: مسؤولية حفظ حقوق الأديب تقع على الكاتب نفسه الأستاذ الإعلامي كمال رشيد ابن الشاعر والأديب الراحل محمد هاشم رشيد يقول نحن أبناء الشاعر محمد هاشم رشيد - رحمه الله - بأن والدنا رغم عدم تفرغه في السنوات الأخيرة من عمره لإنتاجه الفكري والأدبي ، نظراً لرئاسته النادي الأدبي بالمدينةالمنورة وما يستدعيه ذلك من تواجد مستمر صباحاً ومساءً في النادي والحضور المستمر للفعاليات والأنشطة الثقافية داخل المدينةالمنورة وخارجها ومتابعته الدؤوبة للحراك الثقافي في بلادنا بل وخارج حدود الوطن . نشعر أنه وبتوفيق من الله عز وجل قد قدَم للساحة الأدبية جُلَ إنتاجه الشعري والأدبي مطبوعاً من خلال الدواوين والأعمال الشعرية الكاملة التي تمَ إصدارها . وبقي مشروع لديوان (تسابيح وتباريح) الذي لم يستكمل جمع قصائده الذي كان - رحمه الله - متأنياً في اختيار القصائد التي لم تنشر من قبل لضمها إليه لغاية في نفسه ، ولذلك واحتراماً لهذه الإرادة اكتفينا بتزويد الباحثين والباحثات بنماذج من قصائد هذا الديوان مثل الباحثة الأستاذة عائشة باكوبن من جامعة طيبة وغيرها الذي كتبوا وبحثوا في شعر محمد هاشم رشيد ، مع استعدادنا لمساعدة كل ناقد وناقدة يرغبون في التعرض والدراسة والبحث في إنتاجه الشعري . مع عزمنا الأكيد في إضافة قصائد هذا الديوان في ملحق عند إعادة طبع المجموعة الشعرية الكاملة للراحل والتي نفذت تماماً , ويستطرد رشيد بقوله بقي أن نؤكد أنه لم تتقدم أي جهة بعد رحيله - رحمه الله - بطلب حفظ إنتاجه الفكري من حيث إعادة طبع ما نفذ منها أو غير ذلك وهي مسؤولية الأندية الأدبية في الدرجة الأولى والتي أصدرت هذه الدواوين وتحديداً النادي الأدبي في المدينةالمنورة والذي صدر عنه معظم إنتاجه الأدبي - رحمه الله - فهي الجهة التي ينبغي أن تحفظ للراحلين إنتاجهم وتقيم المحاضرات والأمسيات والندوات عن إنتاجهم ودورهم في إثراء الساحة وربط الجيل الحالي وتعريفه بما قدموه وأفنوا حياتهم من أجل الثقافة والمعرفة والأدب وهذا باعث لتتحرك الجهات المعنية بالحراك الثقافي لتكريمهم التكريم الذي يليق بهم فقد ضحى هؤلاء الرواد بالكثير من أجل رسالة سامية ودور بارز في ميدان الأدب بعيداً عن الأضواء والشهرة والسمعة.