هز أكثر من ثلاثة ملايين حاج أمس صعيد عرفات الطاهر بعبارات التلبية "لبيك اللهم لبيك"، حيث لهجت ألسن الحجاج من فوق وداخل الحافلات والقطارات والشعاب والأدوية بعبارات التلبية؛ فيما ارتعشت أيديهم بالدعاء وسط أمل الفوز بمغفرة الله تعالى. وشكلت عبارات التهليل والحمد والشكر أجواء روحانية على الصعيد الطاهر، وجموع حجاج بيت الله الحرام أخذوا مواقعهم في رحاب عرفات وتهيأوا ليوم الحج الأكبر، ونفضوا عن أنفسهم الذنوب والمعاصي.. وأعلنوا التوبة والندم والرغبة في الرحمة والمغفرة. لبيك اللهم لبيك.. صدحت بها ألسن ضيوف الرحمن على جبل الرحمة، وقلوبهم ترتعد خوفا وطمعا.. يخافون من الذنب الذي أثقل كواهلهم وطامعون في غفران رب كريم وآملون أن يكونوا ممن يقال لهم "اذهبوا مغفور لكم". لبيك اللهم لبيك.. ازدانت بها أرجاء المشاعر المقدسة كما ازدانت بأثواب الصفاء والنقاء والطهارة، تلك الإحرامات التي عكست مظهراً إسلامياً وعيداً دينياً سنوياً فريداً. لبيك اللهم لبيك.. صدى صوت تفاعلت معه الأوساط كافة واستعدت له كافة الأجهزة والإدارات ذات العلاقة، وترجمت بواقع عطائها وجهدها تقديرها لهذا الصدى وتلك الكلمات، من خلال منظومة متكاملة من العمل والجهد ليتفرغ الحجاج للدعاء والتضرع إلى الله. لبيك اللهم لبيك.. ترددت على صعيد عرفات الطاهر أمس ومنذ الساعات الأولى.. فوجد ضيوف الرحمن شوارع المدينة الأسطورية انسيابية قادتهم إلى الوصول بأمان الى البقاع الطاهرة.. بعدما جند آلاف من رجال الأمن والمرور لتسهيل وصول الحجاج وتنقلهم ونفذوا بإتقان خطة التصعيد الى عرفات حتى اكتملت في وقت قياسي وبات كل الحجاج على صعيد عرفات قبل صلاة الظهر. لبيك اللهم لبيك.. استنفرت لها الجهات المختصة حتى لا ينشغل الحجاج إلا بما يعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة.. فامتدت شبكات الإطفاء وامتدت على مساحة عرفات بأكملها، واستعد رجال الدفاع المدني من خلال فرق الإطفاء والإنقاذ وقوارب مطاطية للتدخل في طوارئ السيول لتوفير أقصى درجات السلامة. لبيك اللهم لبيك.. صدى صوت ثلاثة ملايين حاج.. فاللهم تقبل طاعتهم واغفر لهم. وتنوع دعاء الحجاج على صعيد عرفات يوم أمس ما بين طلب المغفرة والعتق من النار إلى القبول والجنة؛ لكن الدعاء الذي كان أشبه بسحابة غطت على الحجاج اللجوء إلى الله تعالى بتجاوز الفتن وحفظ الأمن والأمان. وعلى صعيد عرفات الطاهر ومن داخل المخيمات انسابت عبارات الدعاء المغلف بالخضوع والرجاء لتملأ الفضاء الأبيض؛ فيما ركز السعوديون يوم أمس على حفظ البلاد وحفظ أمنها واستقرارها وحفظ المليك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأن يكتب الأجر والمثوبة لولاة الأمر، وأن يديم عليهم خدمة الحرمين الشريفين. حجاج "دول الثورات"، خاصة في ليبيا وتونس ومصر واليمن وسورية اجتمع دعاؤهم للمولى عز وجل بتجاوز الغمة، وحفظ بلدانهم، ورحمة شهدائهم وتقبلهم وإسكانهم فسيح جناتهم، وتولية أخيارهم على بلدانهم، وتضرع الحجاج إلى المولى عز وجل بأن يزيل الطغاة يدحر كيدهم. يوم الدعاء.. الوصف الذي يطلق على برنامج يوم عرفات أمس، حيث شهد المشعر أشد الساعات تضرعاً وسط صمت مطبق إلاّ من بقايا أصوات سيارات الأمن. حاجة تبكي وهي تلح بالدعاء (عدسة: محسن سالم)