بقيت أيام قليلة وتلتئم مسيرة حجاج بيت الله الحرام بموكبهم المهيب على صعيد عرفات فيشرق النور.. وتشمخ التوبة.. وتلهج الألسن .. لبيك اللهم لبيك.. وترتفع هامة الدعاء.. وتضج الصدور بالأمل.. فهذا هو اليوم الكبير الذي يفاخر فيه الله بأهل الأرض أهل السماء. توحد رائع بين القلوب وكلها تخفق بالرجاء.. تطلب المغفرة.. وتؤمل في رضاء الله سبحانه وتعالى.. قلوب بيضاء .. صافية.. نقية.. تخلصت من أدران التطاحن وزحام الحياة وجاءت الى صعيد عرفات الطاهر.. مواكب نور.. وحق.. ورجاء.. مبللة بالطهر.. حافلة بالنقاء.. لا شيء يشغلها سوى الفوز بالصفح والمغفرة بعد أن أثقلتها الذنوب.. وأقعدتها الخطايا.. وضافت بها الحنايا.. فجاءت ملبية النداء معترفة بالشطط.. والانكفاء. وترتفع الأكف نحو السماء في يوم عرفات العظيم.. وتصهل دواخل الإنسان بالندم.. فترتقي صهوة الرجاء والأمل.. وتتوجه مخلصة إلى الباري عز وجل تعلن التوبة وتأمل في الرحمة والغفران. والمتأمل لمواكب الرحمن وهي تأتي من كل صوب طمعاً في الوقوف بعرفات والفوز في ذلك اليوم الذي يعود فيه الإنسان كيوم ولدته أمه.. ويالها من رحمة.. ويالها من جائزة. يارب.. هذا عبدك الضعيف.. المغرور.. والمدجج بالنسيان..جاءك ملبياً.. يسألك ألا تحرمه من عفوك .. ومغفرتك .. يريد أن يعود وقد حظى بقبول توبته.. ونال رضاك والجنة. نسألك يارب أن تتقبل منا جميعاً توبتنا.. وأن تجعلنا من عتقاء يوم عرفات العظيم.. وأن نحظى بالمغفرة.. والطهر.. وسمو النفس وقد تخلصت من الشوائب. لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك .. هتاف حجاج بيت الله الحرام وقد فتحت أمامهم أبواب النور والسعد.. وامتدت رحابة الأرض تعانق خطى هذه المواكب التي جاءت من كل مكان.. وتحملت المشاق في سبيل الله ولتكون على قدر شموخ المناسبة .. وعظمتها. أيام قلائل وتصل هذه المواكب الى صعيد عرفات مكللة بالتوفيق وقد بلغت مناها.. وحظيت بالوقوف بعرفات وعادت ونفوسها بيضاء.. وقلوبها تضيء بالصفاء.. وكل خطاها موشومة بالنقاء. لقد حظيت المملكة بأن تكون هذه الأرض الطيبة ملتقى هذه الوفود.. فقدمت الغالي والنفيس من أجل تمكينهم بأداء هذه الفريضة في يسر وتلاحم.. فينتشر الضياء.. ويعم الكون هتاف المسلمين وهم على صعيد عرفات.. لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك. آخر المشوار: قال الشاعر: ياربِّ .. يا جابر الملهوف والعاني كيفَ الخلاصُ لقلبِ مثقلٍ واني أعصي.. فترأف في بر وترحمني تعفو .. فأسرفُ في وزري وعصياني أسمو إليكَ باحساسي فتثقلني أوزارُ عمري وتثنيني لأحزاني ياربِّ أنتَ الذي لا شيء يعجزهُ فامنن علىَّ بغفران ورضوان