نشكر عضو مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي على مشروعه المقترح بفتح ملف الشهادات الجامعية الوهمية. المشروع يهدف بحسب د. الرويلي إلى حماية المواطن من مزاحمة تلك الشهادات. المشكلة موجودة وأسبابها كما يشير المشروع المقترح ترجع إلى الفراغ النظامي وغياب الرقيب والنظام الرادع والتمثيل المحلي للجامعات الوهمية وكذلك إيداع عدد من الرسائل العلمية في مكتبة الملك فهد الوطنية واستخدامها للترويج لبرامج التدريب في مؤسسات القطاع الخاص. وهناك سبب آخر لتنامي تلك الظاهرة يتمثل في القبول الاجتماعي والرسمي للشهادات الوهمية حيث أصحبت المؤسسات الحكومية والخاصة تقبل باستمرار حملة شهادات الجامعات الوهمية في العمل رغم عدم اعتماد تلك الشهادات من جهات الاختصاص (تقرير عبد السلام البلوي. الرياض 17/11/1432ه). إن مراجعة الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة تقودنا في نهاية المطاف إلى سبب واحد قوي هو القبول الاجتماعي والرسمي للشهادات الوهمية فهذا القبول كما أرى أدى إلى التسابق على الشهادات الوهمية وفتح الباب أمام سوق جديد بعيداً عن أعين الرقيب، وإن ظهرت مؤشرات تدل عليه فهو بعيد عن النظام الأمر الذي جعل للجامعات الوهمية -حسب التقرير المشار إليه آنفاً- مكاتب ومندوبين في كثير من مدن المملكة بل والمحافظات وتنشر تلك الجامعات على مواقعها في الإنترنت أسماء من منحتهم شهادات جامعية وماجستير ودكتوراه حتى أصبح مألوفاً أن تقابل عدداً من صغار وكبار موظفي الدولة وقد قدموا لأسمائهم بحرف (الدال). طبعاً ليس المطلوب إلغاء معيار التأهيل العلمي كأحد المعايير المهمة في اختيار واستقطاب الكفاءات في التوظيف والترقيات، ولكن من المهم وجود معايير أخرى وخاصة في اختيار القيادات ومن أهم المعايير وضع خطة عمل للمهمة المكلف بها الشخص الذي يقع عليه الاختيار. اما القضايا الإجرائية مثل اعتماد الشهادات من جهات الاختصاص فهذا شرط أساسي بديهي وخطوة ضرورية يفترض أن لا يتم التوظيف بدونها. ان من يحصل على فرصة عمل بشهادة وهمية يحرم صاحب الشهادة الحقيقية من هذه الفرصة وقد تتكفل بيئة العمل باختبار (الوهمي) وكشف قدراته، وقد يحصل العكس ويصل إلى قمة الهرم الوظيفي، ومن يصل بهذه الطريقة لن يكون مفاجئاً أن يفتح لنفسه ملفاً للفساد الاداري لكنه كي يبتعد عن عين الرقيب يلجأ إلى فتح ملفات الآخرين لأنه يرى الناس بعين طبعه. ان سلوك صاحب الشهادة الوهمية في بيئة العمل قد يفسر لنا حرص البعض على أن يكون فريقه المساعد من غير المؤهلين الحقيقيين وعدم إتاحة الفرص لبناء قيادات جديدة، الأمر الذي يضر بالمنظمة على المدى الطويل. ومن سمات سلوك (الوهمي) اهتمامه بالشكليات والمظاهر والألقاب والبروتوكول فهي التي تشغل وقته على حساب العمل الحقيقي. نأمل أن تخرج توصيات مجلس الشورى مرتبطة بآلية عمل واضحة قابلة للتطبيق.