لا شك أن العقوبات البديلة بعمومها سواء كانت أصلية أو تعزيرية هي من أسس العدالة الراسخة في الشريعة الإسلامية بالأخص وتسعى إلى تحقيقها الأنظمة العدلية في دول العالم كما أن الجريمة وانتشارها وزيادة معدلاتها يحتاج معه إلى مزيد من العقوبة الرادعة. كما يضع في الذهن أيضاً لدى المؤسسات الحقوقية والاجتماعية الأخذ بعين الاعتبار تحقيق أعلى قدر من العقوبة التأديبية المناسبة والتى عرفت لاحقاً باسم العقوبات البديلة خصوصاً في تلك الجرائم التى يسوغ للقاضي أن يجري التكييف المناسب للعقوبة أما تلك الحدود الشرعية الثابتة التى لا مجال للنظر التقديري فيها بثبوت النص فهذه خارجة عن الحديث. لقد ظهر مصطلح العقوبة البديلة والمناداة به لما فيه من جوانب إيجابية تنعكس على الجاني وجريمته والعقوبة المقررة عليه. كما أنه في ذات الوقت فيه متسع من المشاركة الاجتماعية والتطوعية والخيرية العائدة بالنفع للوطن كما أنها فيها من الوخز النفسي الحضاري الذي يتناسب مع الوعي الثقافي الموجود لدى كثير من الشباب الذين قد تجنح بهم النفس أحياناً إلى هذه التجاوزات. ومن المؤكد أيضاً أن العقوبات البديلة هي تعزيز لروح المواطنة وعدم إحداث شرخ أو خصام بين الجاني والمجتمع كما أن فيه إشعاراً لذاته ونفسه وجوب إصلاح حالة والعودة الى المجتمع والتأهيل العاجل له ليعود عضوا نافعاً . بل إن من طبقوا العقوبات البديلة في بعض الدول أدركوا الحاجة إلى البحث عن مخارج تتناسب مع الجريمة وليستفيد المجتمع والجاني ذاته من مدة عقوبته التى يقضيها في السجن . كما أن من المهم الإشارة إلى أن أصل العقوبة البديلة ليس طارئاً أو جديداً إنما هو موجود في مدونات الفقه الإسلامي وفي مذهب الحنابلة قال بعضهم: "يكلف المُعسِر بالعمل حتى يسدد ما في ذمته " . ومن المؤكد أن الشريعة الإسلامية ليست متشوقة إلى إيقاع العقوبة بقدر ما تسعى إلى تهذيب النفس والإصلاح والاستقامة والخروج بها من نفق المعصية إلى باب التوبة الواسع تحقيقاً لدعوه الله عز وجل عباده بالتوبة . إن العقوبات البديلة ليست فيها تمييع للأحكام والعقوبات عموماً وإنما تسعى إلى تحقيق مزيد من التهذيب والإصلاح للجاني وتخفيف الأعباء عن الجهات الأمنية التى قد تضيق بالجناة والمساجين . لقد أثبتت العقوبات البديلة أنها ذات مفعول إيجابي إلا أنه في ذات الوقت مع انتشار الوعي لدى الوسط القضائي والعدلي بأهمية العقوبات البديلة فإنه آن الأوان إلى وضع آليات وإجراءات سريعة وفاعلة لتطبيقها وإذا كانت وزارة العدل قد قامت مشكورة بتنظيم ملتقى ومؤتمر خاص يتناول هذا الجانب وهو "العقوبات البديلة" فإنه يشكل نقله مهمة في مسيرة القضاء وتطبيقها في المملكة العربية السعودية. كما أنها تسعى مشكورة بقيادة معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى لتناول كافة الجوانب المختصة بالقضاء والعقوبة والأحكام الشرعية.