[ وهذه لا بد لها من لجنةٍ في الغالب . اللجنةُ تحتاج إلى فريق. الفريق يُفترض أن يكون مُحايداً. الحقائق إمّا مغيبة أو واضحة لا تحتمل وجود منطقة رمادية . فمن ذا الذي سيقول الحقيقة المُجرّدة ويعترف بها. عمركم سمعتم ببيان لجنة تقصّت حقائق وقالت بها للملأ بكل صدق وشفافية؟ مَن أول من طالب أو قال بلجنة تقصي الحقائق ؟ هل هم.. نحن العرب؟ شخصياً أميل إلى هذا الاعتقاد. في كل الأحداث التي تقع (غالباً المأساوية) تُطالب جهة ما تشكيل لجة لتقصي الحقائق. في كل المجالات دون استثناء. في المذابح البشرية، في الاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة ، في انتهاك حقوق الإنسان ، في نفوق الإبل (الغامض)، في كُرة القدم والاختصام حول صحّة هدف، في ارتفاع أسعار الشعير، إلى آخرهِ لا بد من لجان لتقصي الحقائق. حسناً هل من يقول لنا ما قيمة الجهات الرقابية وما هي مهمات رجال الضبط النظامي وقوات حفظ السلام ، ولماذا لم تُضبط الأمور قبل وقوع الحوادث التي تحتاج إلى بحث وتقصٍ عن حقائقها؟ قيل بأن الحقيقة التي تحتاج إلى برهان هي في واقعها نصف حقيقة إذ الحقيقة الكاملة يُفترض أن تكون واضحة كالشمس لا تحجبها الغيوم. المتابع للأحداث التي تقع اليوم في عالمنا العربي يجزم بأنه سيواجه لجنة لتقصي الحقائق في كل شبر من الأرض.. لماذا ؟ لأن كل طرف وكل فريق وكل حزب وكل (ميدان تحرير) يدعي بأن الحقيقة في صالحه. لا أحد يقول أخطأت ثم يتراجع عن موقفه. أصلاً (فعل) الاعتراف بالخطأ ثم الاعتذار غير موجود في ثقافتنا ولا في قواميسنا إلاّ ما ندر والنادر لا حكم لهُ كما يُقال. من هُنا تنشط لجان التقصي ويزدهر سوق المتقصين والغائب الوحيد في هذه المعمعة هي الحقيقة. للعلم أقول سواء شُكلت لجان أو بعثات أو حتى فيالق لتقصي الحقائق أم لم تُشكّل فالحقيقة لن تبقى مدفونة للأبد كما قيل لهذا ما أحوجنا للعقل هادياً ودليلا قبل الإقدام على أيّ فعل أو قرار أو حتى علاقة مع طرف آخر، ثم الاستماع لصوت الضمير النقيّ من الأدناس عندها لن نحتاج إلى لجان فالحق أحق أن يُتّبع بشكل تلقائي.