«في بلادنا تدخل النساء عالم السياسة وهن في ثياب الحداد»، تقول النائبة اللبنانية المعارضة نايلة معوض احدى النساء القليلات اللواتي يسعين للفوز بمقعد في المجلس النيابي الخاضع لهيمنة الرجال. واحتلت نايلة معوض واجهة العمل السياسي في منطقة زغرتا في شمال لبنان بعد اغتيال زوجها رئيس الجمهورية رينيه معوض عام 1989. وتقول نايلة معوض التي تتميز بارادة صلبة انها لا تنزعج من حملها لقب «ارملة» ولم تتردد في ترشيح نفسها لانتخابات رئاسة الجمهورية التي لم تجر العام الماضي بسبب تمديد ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود ثلاث سنوات. وتقول «ساترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. نحن في عصر العولمة ولم تعدالسياسة حكرا على الرجال» مشددة على ان تعزيز فرص نجاح المرأة يكون بتعزيز تربية النساء. وعلى غرار غالبية المرشحات للاستحقاق النيابي الذي يجري على اربع مراحل ابتداء من 29 ايار/مايو دخلت معوض عالم السياسة عبر العلاقة التي ربطت بينها وبين احد السياسيين. فبهية الحريري، التي تترشح للمرة الرابعة عن المقعد السني في صيدا كبرى مدن جنوب لبنان، هي شقيقة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي احتل هذا المنصب خمس مرات وجرى اغتياله في 14 شباط/فبراير. وتشغل الحريري منصب سفيرة النوايا الحسنة في منظمة الاونيسكو التابعة للامم المتحدة. هي سيدة في الثالثة والخمسين من عمرها نشيطة وتتمتع باحترام واسع وتبذل جهدا كبيرا من اجل تحسين وضع المرأة في لبنان والدول العربية الاخرى لكنها اصرت منذ البداية على ان تقدم نفسها باعتبارها «اخت الرئيس» والان على انها «اخت الشهيد». اما استاذة المعلوماتية في الجامعة الاميركية في بيروت غنوة جلول فقد دخلت عالم المنافسة السياسية للمرة الاولى عام 2000 عندما ترشحت وفازت على لائحة رفيق الحريري وهي مرشحة هذه الانتخابات على اللوائح التي يقودها نجله سعد الحريري. وتقول غنوة جلول (43 عاما) وهي متزوجة وام لثلاثة اطفال لوكالة فرانس برس «ليس عندي اي ارث سياسي» فيما يجهد ابنها وهو في التاسعة من عمره ليجذب انتباهها حتى يحصل على اذن باللعب مع اصدقائه. وبعد مضي ثلاثة اشهر على اغتيال الحريري ما تزال بهية الحريري وغنوة جلول في ثياب الحداد التقليدية السوداء رغم انهما خرقتا منذ سنوات القواعد التي تلتزم بها الاجواء المحافظة. ويقتصر الوجود النسائي في البرلمان الحالي الذي يضم 128 مقعدا على اولئك النساء الثلاث اللواتي لعبن دورا رئيسيا في عمل المعارضة مما اضطر دمشق الى سحب اخر جنودها من لبنان في 26 نيسان/ابريل بعد وجود استمر 29 عاما. وكل المعطيات تشير الى انهن سيفزن مجددا في هذه الانتخابات. وتنضم اليهن هذه المرة صولانج الجميل ارملة مؤسس القوات اللبنانية بشير الجميل الذي انتخب رئيسا للجمهورية وجرى اغتياله عام 1982 قبل ان يتسلم مهامه. وقد دخلت صولانج الجميل حديثا عالم السياسة وقد فازت بالتزكية عن المقعد الماروني في احدى دوائر بيروت الثلاث على لائحة سعد الحريري. وفي اول خطاب لها بعد فوزها قالت الجميل «نامل بان يصبح اللبنانيون لبنانيين مجددا. نامل بان نطوي صفحة الماضي» مرددة جملة من خطاب شهير القاه زوجها قبل يومين على اغتياله. وتعتبر سناء الصلح، نائبة رئيسة المجلس النسائي اللبناني وهو جمعية اهلية تضم كل التنظيمات النسائية «ان وجود اربعة نساء فقط في المجلس ليس كافيا». وتضيف الصلح «سنبقى مهمشين. يجب ان تشغل النساء 30 بالمائة من مقاعد المجلس النيابي». وكان المجلس النسائي قد اطلق حملة لتخصيص حصة للنساء في البرلمان وهو ما لا ترضى به بعض السيدات اللواتي يفضلن ان تناضل النساء للحصول على مقاعدهن في اطار تنافس انتخابي عادل. من ناحيته يعتبر عضو المعارضة المسيحية سمير فرنجية ان «القوانين اللبنانية بشان النساء تعود الى العصر الحجري» مشيرا الى التناقض بين هذا الواقع واعتبار الغرب ان المرأة اللبنانية هي اكثر نساء العالم العربي تحررا. ففي لبنان حصلت النساء على حق الاقتراع عام 1953. وتمارس السيدات في هذا البلد مختلف المهن ومنها القضاء والمحاماة والتعليم الجامعي وتعتبر نسبة مشاركتهن في قوة العمل من اكثر النسب ارتفاعا في العالم العربي. لكن المرأة اللبنانية انتظرت حتى عام 1974 ليحق لها ان تغادر البلد بدون الحصول على موافقة مسبقة من زوجها وبعد عشر سنوات اصبح لها حق ادارة مؤسسة بدون موافقة زوجها. وحتى الان لا تتمتع المرأة في لبنان ببعض الحقوق. فهي لا تمنح الجنسية اللبنانية لاطفالها عندما تكون متزوجة من غير لبناني.