ثار جدل في أوساط التأمين على خلفية تصريحات صدرت عن مجلس الضمان الصحي، تتهمها بأنها تختلق أزمة تحت مزاعم وجود ازدواجية بين مؤسسة النقد العربي السعودي والمجلس، وأنها تحاول التملص من دفع أية رسوم، واللجوء إلى مسألة وجود ثغرة تنسيقية بين المجلس والمؤسسة. وقالت مصادر في سوق التأمين إن مسألة الازدواجية أمر واضح في مواد لائحة نظام التأمين ولائحة نظام الضمان الصحي ولا مجال لإنكاره، وقد أثبتته لجنة شكلها مجلس الضمان الصحي لهذا الغرض، حيث توصلت إلى وجود تعارض في اختصاصات كل من مؤسسة النقد العربي السعودي ومجلس الضمان الصحي، ووضعت مجموعة من التوصيات لفك الاشتباك في هذه الاختصاصات. من جهته، أكد مجلس الغرف السعودية في مذكرة رفعت إلى وزير الصحة رئيس مجلس الضمان الصحي وبحسب النتائج التي توصلت إليها اللجنة الوطنية للتأمين بمجلس الغرف بعد دراستها للائحتين، على وجود ازدواجية في الإشراف والرقابة التي تخضع لها شركات التأمين ووجود تعارض نصوص بعض المواد في اللائحتين إضافة إلى تضاعف المبالغ والرسوم التي يجب على الشركات دفعها وكذلك تعدد الضمانات وخطط العمل التي يجب تقديمها مما يلقي على شركات التأمين أعباء كثيرة الأمر الذي ستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة تكلفة أقساط التأمين والتي سيتحملها المؤمن لهم من المواطنين والمقيمين. ولتجنب السلبيات المترتبة على ذلك أوصى مجلس الغرف السعودية بإلغاء هذه الازدواجية وتوحيد الضمانات وخطط العمل والرسوم المالية من خلال التنسيق والتفاهم مع الجهات ذات العلاقة. وبحسب لائحة نظام التأمين التعاوني، فإن مؤسسة النقد تفرض على شركات التأمين دفع نسبة 0,5في المائة من إجمالي الأقساط السنوية بما فيها أقساط التأمين الطبي كرسوم إشراف، من جهة أخرى يفرض مجلس الضمان الصحي نسبة واحد في المائة من إجمالي أقساط التأمين الطبي أيضاً كرسم إشراف، إضافة إلى رسوم التأهيل والترخيص التي تدفعها شركات التأمين لكلا الطرفين ثم رسوم تجديد الترخيص التي يفرضها الطرفان، ومبالغ الوديعة النظامية ومبالغ الضمان وغيرها من الشروط التي يفرضها كل طرف. وتشير مصادر في سوق التأمين إلى أن معدل الخسارة في التأمين الصحي تعتبر من أعلى معدلات الخسارة في محافظ شركات التأمين. وبحسب دراسة صدرت مؤخراً عن المعهد المصرفي، فإن معدل الخسارة العام للتأمين الطبي في السعودية بلغ نحو 109في المائة عام 2003م وهو من أعلى معدلات الخسارة في السوق لذلك فإن سداد رسوم مضاعفة على ممارسة التأمين الطبي يعد من معوقات التطبيق وليس من ضروراته كما يعتقد الأمين العام. ونقلت مصادر أن مجلس الضمان الصحي قد أبلغ شركات التأمين عزمه خصم واحد في المائة من إجمالي أقساط التأمين الطبي ابتداء من مطلع شهر يونيو المقبل بينما سينتهي المجلس من تأهيل الشركات بعد ستة أشهر. وترى تلك المصادر أنه ليس من المعقول أن يتم تطبيق نظام التأمين الصحي والخصم من أقساط شركات التأمين قبل تأهيلها من مجلس الضمان الصحي أو من مؤسسة النقد العربي السعودي. ويؤكد خبراء في التأمين أن إصرار مجلس الضمان الصحي على تطبيق التأمين الصحي الإلزامي بغض النظر عن الوضع النظامي لشركات التأمين سيتسبب في مأزق قانوني لأنه بحسب نظام التأمين التعاوني فإن مؤسسة النقد العربي السعودي هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن الترخيص لشركات التأمين، وأن تأهيل الشركات لممارسة التأمين الصحي يمنحها مجلس الضمان الصحي للشركات المرخصة فقط. وعلى هذا الأساس ووفقاً لإفادة مؤسسة النقد العربي السعودي فإن التأهيل المبدئي لشركات التأمين والذي يسعى مجلس الضمان الصحي إلى منحه لا يغني مطلقاً عن الرجوع للمؤسسة لاعتماده. ويتساءل هؤلاء الخبراء عن الوضع القانوني في حال قام مجلس الضمان الصحي بتأهيل شركات التأمين ثم رفضت مؤسسة النقد منح الترخيص لتلك الشركات لعدم قدرتها على استيفاء متطلبات نظام التأمين التعاوني، ويرى هؤلاء الخبراء أن هذا الوضع سيتسبب في ضياع حقوق حملة الوثائق الصادرة من الشركات التي يتم رفض الترخيص لها من قبل مؤسسة كما حدث في تأمين الرخصة. ويقول خبراء التأمين أن تطبيق نظام التأمين الصحي الإلزامي قد تأجل منذ صدوره عام 1999م أي لمدة ست سنوات، ولا يعقل أن يرفض مجلس الضمان الصحي تأجيل تطبيق النظام لمدة ستة أشهر فقط لحين صدور ترخيص مؤسسة النقد لشركات التأمين وانتهاء المجلس من تأهيل الشركات ومقدمي الخدمة الطبية. من جهة أخرى ترى أوساط التأمين أن مجلس الضمان الصحي قرر فرض رسوم على إجمالي محفظة التأمين الطبي سواء كانت تخص السعوديين أو الأجانب رغم أن نظام التأمين الصحي الإلزامي في المرحلة الحالية مفروض على المقيمين فقط. وأشارت إلى أن قرار المجلس لم يوضح ما إذا كان تحصيل الرسوم سيكون على عمليات التأمين الطبي الجديدة التي تبدأ من مطلع شهر يونيو المقبل فقط أم أنه سيفرض رسوماً على محفظة التأمين الطبي الحالية والتي تضم الوثائق التي أصدرتها شركات التأمين خلال السنوات السابقة على تطبيق نظام التأمين الصحي والتي تمت من دون جهد إشرافي أو رقابي قام به المجلس تجاهها. هذا، وترى أوساط في سوق التأمين السعودي أن نجاح تطبيق التأمين الصحي الإلزامي على المقيمين يتطلب اقتصار التأهيل على الشركات المرخصة لدى مؤسسة النقد أو تلك التي حصلت على موافقة مبدئية للترخيص مع ضرورة التنسيق الكامل بين مجلس الضمان الصحي ومؤسسة النقد والاتفاق على آلية تحدد إجراءات تأهيل الشركات وإزالة الازدواجية في اختصاصات الطرفين والرسوم التي ستفرض على شركات التأمين من الطرفين، وكذلك وضع تصور واضح يساعد على الحد من التداخل بين اللائحة التنفيذية لنظام التأمين التعاوني واللائحة التنفيذية لنظام التأمين الصحي الإلزامي. وأكدت مصادر في شركات التأمين أن 15 شركة تمارس التأمين الطبي في المملكة إضافة إلى شركات أخرى جديدة دخلت السوق مؤخراً جاهزة للعمل في نظام التأمين الصحي الإلزامي، وأن تضطلع بمهمة توفير التأمين الصحي الخاص منذ 15 عاماً وهي ملتزمة بمسؤولياتها تجاه أكثر من مليوني مواطن ومقيم في المملكة العربية السعودية مشمولين بمظلة التأمين الصحي. وتشير المصادر أيضاً إلى أن معظم الشركات والهيئات الكبرى العاملة في المملكة لديها تأمين صحي خاص، لذلك فإن مجلس الضمان الصحي مطالب بتوفير المناخ النظامي والفني الملائم لمساعدة شركات التأمين على أداء مهمتها في تطبيق نظام التأمين الصحي الإلزامي بنجاح وهو ما تسعى إليه من دون تبادل التهم بين الأطراف المسؤولة عن تطبيق النظام. وكان مجلس الضمان الصحي التعاوني ناقش الأسبوع الماضي الخطة التنفيذية والمتطلبات الأساسية للتأهيل المبدئي ل 23شركة تأمين التي ترغب العمل في مجال الضمان الصحي التعاوني، إضافة إلى مناقشة المراحل تطبيق النظام ومتطلبات كل مرحلة للحصول على للتأهيل المبدئي والنهائي. جاء ذلك خلال الاجتماع مع 23 شركة تأمين الذي كان من ضمنها شركات التأمين التي تقدمت لمؤسسة النقد العربي السعودي بطلب الترخيص للعمل في مجال التأمين التعاوني في المملكة الذي عقد برئاسة الدكتور راشد بن سليمان الراشد الحميد الأمين العام لمجلس الضمان الصحي. وتأتي مناقشة الخطة تمهيداً لبدء التأهيل لهذه الشركات لتطبيق نظام التأمين الصحي على المقيمين في المملكة كمرحلة أولى، وعلى السعوديين كمرحلة لاحقة.