لنغرد سوية فرحين مستبشرين! حتى لو غردنا خارج السرب، المهم ألا يكون صوتنا نشازا مزعجا! من وحي القرارات الجريئة بتمكين المرأة من حقها السياسي، قراءة غير متخاذلة. يمكننا في اطلاع سريع على المناوشات الاجتماعية فيما يخص المرأة خلال العامين الماضيين مثل عملها كمحاسبة في المحلات العامة (كاشير) أو بائعة لملابسها الخاصة أو حتى قيادتها للسيارة أو محاولتها إيصال صوتها في المجالس البلدية، نجد أننا كمجتمع تحدثنا كثيرا حول كل هذه المواضيع وناقشناها بين مؤيد بشدة ومعارض بقسوة وكانت هناك وجهات نظر مختلفة التقت ثم تصادمت ثم تفرقت ثم أدارت ظهرها للرأي الآخر، من الرفض بحجة العادات والتقاليد إلى المنع بحجة الخوف مما قد يحدث وقد لا يحدث. حوارات كثيرة كانت المرأة الموضوع الأساسي فيها، وكانت أيضا محورا تتنازع حوله الأطراف والأطياف الاجتماعية المختلفة. في النهاية وكما كانت قضية التعليم مشكلة عويصة كان دور السياسي فرض القرار ليتقبله المجتمع. وتقبل المجتمع هنا يأتي من الثقة بالإدارة السياسية وبمصداقية من يقف على رأس الهرم فيها لينمو هذا التقبل مع التجربة التي تجعل من هؤلاء المترددين الرافضين للتطور الطبيعي يعرفون أن خوفهم مبالغ فيه، وأن ترددهم في غير محله. مشكلتنا كمجتمع فيما يخص المرأة أننا نعمم المنع ونرفض إعطاء الخيار، بمعنى أن الرافضين لتعليم المرأة في زمن مضى كانوا يفضلون تعميم المنع استجابة لخوفهم في أي امر يخص المرأة محتجين بأسباب قد تضحكنا الآن، بينما جاء الحل في إعطاء الحق وترك الخيار وحين ترك الخيار لم يعد تعليم المرأة قضية ولم يعد ذلك المخيف الذي نشك فيه ونبتعد عنه. الحركة الإصلاحية التي هي سمة هذ العهد السياسي هي ضرورة للارتقاء والتطور وهي ضمانة للاستمرارية للدولة والمجتمع في خضم عالم متنافس يتغير لحظة بلحظة، فأي ركود سياسي أو تنظيمي قد يجر مجتمعنا للوراء. لذلك فإن المرحلة الحالية تحتاج لقرارات جريئة سباقة ومفاجئة. قرار تمكين المرأة من عضوية الشورى ومن المشاركة في الانتخابات البلدية قرار قوي وجريء في محاولته للانتقال لمرحلة أخرى في المشاركة السياسية والاجتماعية، وبالنسبة لي وأنا لست من المحللين السياسين كان قرارا مفاجئا ويحمل دلالات كثيرة أولها: أن القرار بحد ذاته جاء حازما وواضحا ليرفض تهميش المرأة أو التخاذل والتردد. وجاء أيضا لينهي نقاشات كثيرة مللنا منها حول أهلية المرأة وقدراتها وحقوقها واحتياجتها. إن تمكين المرأة في مجلس الشورى لن يحصرها في قضايا جانبية أو قضايا نسائية؛ هي مشاركة فعالة وتجربة ستنضج وننضج معها. المرأة التي كانت محور الخطاب التاريخي والقرارات ساندها السياسي بقراراته الحازمة وحتما سيدعمها المجتمع.