حتى يوم أمس الأحد، كانت المرأة السعودية تتمنّى أن تحصل على حق الترشيح في الانتخابات البلدية، لكن الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعطاها حقوقها السياسية دفعة واحدة، وهي أصبحت عضواً في مجلس الشورى في بلادها. وصار لها الحق في أن ترشح وتترشح في الانتخابات البلدية. ولهذا يحق لنا القول إن قرار الملك بتمكين المرأة السعودية من ممارسة هذه الحقوق يعد سابقة تاريخية في تعامل السعوديين مع مكانة المرأة في المجتمع، ودورها في الحياة السياسية. المشاركة السياسية للمرأة تجد تردداً في غير بلد عربي، حتى بعض الدول العربية الذي دخل التجارب البرلمانية في بدايات القرن العشرين، ما زال يمارس إقصاء المرأة عن دورها المفترض، ويضع شروطاً لتمكينها من هذا الحق. لهذا فإن الخطوة السعودية لا تعتبر متأخرة بالقياس إلى أوضاع المرأة في دول عربية أخرى، بل إن الخطوة السعودية خدمت الدور الذي يجب أن تحتله المرأة العربية مستقبلاً، فقرار الملك عبدالله لم يختصر المسافة لوصول المرأة إلى لعب دور قيادي في بلادها فحسب، و هو قطع الجدل الذي يثار حول هذه المشاركة، حين قال: «لأننا نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي في ظل مجال عملها وفق الضوابط الشرعية، وبعد التشاور مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء ومن خارجها والذين استحسنوا هذا التوجه وأيدوه». لا شك في أن تردد دول ومجتمعات عربية وإسلامية في إشراك المرأة كان له بعد ديني، وعلى مدى عقود تدخّل هذا السبب في حرمانها من هذه الحقوق، وجعل مشاركتها محكومة بسقف لا تتجاوزه، وحين تأتي السعودية بمكانتها الدينية وتتخذ هذه الخطوة التاريخية استناداً إلى رأي علماء الدين، فإنها تفتح أبواب هذه المشاركة على نحو غير مسبوق، وهي ستمنع أي اجتهادات ربما يتخذها بعض الأحزاب الإسلامية في حال وصوله إلى الحكم، فتأكيد الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن «للمرأة المسلمة في تاريخنا مواقف لا يمكن تهميشها منها سواء، بالرأي أو المشورة، منذ عهد النبوة... «، يشير بوضوح إلى أن السعودية تهدف إلى وقف هذه الاجتهادات وإضعاف حججها . الأكيد أن استناد قرار الملك عبدالله، بإعطاء المرأة حقوقها السياسية، إلى رأي الدين شكل دعماً لحقوق المرأة في الثقافة العربية - الإسلامية، وهو سيساهم في تغيير نظرة المجتمعات، ويفتح للمرأة آفاقاً جديدة.