المناخ له حكم في أداء الشعوب الإداري. فغالب الدول ذات المناخ المعتدل أو البارد يكون العمل الرسمي من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء. وأخذت بعض الشركات الكبرى عندنا بهذا النهج بعد أن خسرت على التبريد المركزي كثيرا. إلا أن مسالة "نومة الظهر" أو القيلولة مازلنا معها في شد وجذب وأكثر بلادنا متشبث بها، مع أن النصح عدم الانقياد إليها. وكنا ونحن في الصغر نتحاشى الخروج من منازلنا منتصف النهار وهو "القايلة" لأن أهلنا أودعوا في أذهاننا أن من يخرج يلاقيه حيوان اسمه "حمار القايلة"، أما مسألة النوم منتصف النهار فقد نهى الحكماء عنها - عُرفا - فقال بعضهم وأظنه من مسطّري الحكم والأمثال: ألا إنّ نومات الضّحى تُورث الفتى * خبالاً، ونومات العُصير جنونا فإذا كانت الحالة هكذا فنصفنا مخبول والنصف الآخر مجنون. وأعرف صديقاً لا يستغني عن "نومة الظهر" وحتى لو منعه عن ذلك مانع فإنه ينام بعد المغرب ويسمّيها "نومة الظهر" حتى يرتاح باله..! نومة الظهيرة غير معروفة في أوروبا. وقد يمارسها سكان جنوب أوروبا مثل إيطاليا واليونان وجنوباسبانيا. ودليل هذا أنهم يسمونها "سياستا" SIESTA والكلمة اسبانية المنشأ. دخلت إلى الإنجليزية منتصف القرن السابع الميلادي. جاءت من الرومانية (سيكستا) التي تعني مضيّ ست ساعات من اليوم الذي يبدأ بشروق الشمس. وفي كليفادا. وهي منتجع قرب أثينا في اليونان رأيتهم يغلقون متاجرهم في الظهيرة ويعيدون افتتاحها بعد العصر. مثلنا تماماً. وثمة كلمة أو عبارة يطلقها الانجليز على الغفوة وهي FORTY WINKS أي "أربعون غمزة" وعادة تجري تلك الإغفاءة وهم على كرسي العمل. عرفتُ رجلاً لا يرتاح في الفندق من النوم في غرفته. "ينعس" في صالون الفندق.. على كرسي مريح، ويسمّيها "نومة الظهر. والأدب الشعبي لا يمانع بالمقيل، أو نومة الظهر، لكنني وجدته يبدي كرها لنوم الضحى، ويمقت من يمارسه. فنسمع القول المعروف عند العامة: رقّاد الضحى لا يخاويك. أي أن النوم ساعات الضحى أمر مكروه لان هذه الساعات وجدت للكد والعمل وان من يتصفون بالكسل هم من يرقدون بالضحى، وقد قال الحكماء (من لزم الرقاد عدم المراد)، ويقال في الأمثال على من يحبون النوم أكثر من المعتاد: (نومهم نوم أهل الكهف). ومن الأمثال الدارجة التي تحث على نوم الليل: (النوم عباده والسهر قراده والله رايح بمراده)، ونومة العصر غير محببة عند الكثيرين.