يكثر الأوروبيون من جرعات الثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في هذه الأيام، مراهنين على صورة "رجل الدولة" التي كسبها ميقاتي من خلال تعاطيه السياسي مذ تسلم زمام الحكومة اللبنانية للمرة الأولى عام 2005. وجاءت زيارة مدير قسم الشرق الاوسط والجوار الجنوبي في الاتحاد الأوروبي هوغ مينغاريللي لتعزز هذا المناخ الأوروبي المتفائل بعد أن نقل مينغاريللي دعما صريحا من الاتحاد للحكومة الميقاتية مشترطا قيامها بإصلاحات سياسية واقتصادية ومركزا على شرط احترام لبنان لالتزاماته الدولية وفي طليعتها حاليا تمويل المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان. وأعاد ميقاتي بكل ثقة وعد الدبلوماسي الأوروبي بأن الحكومة اللبنانية ستمول المحكمة، لكن اللافت أن وزير الاقتصاد نقولا نحاس المحسوب على التيار الوطني الحرّ جدد وعد التزام التمويل أمام المسؤول الأوروبي الرفيع. وإذا كانت دمقرطة المجتمعات العربية وتوجيهها نحو تعزيز حقوق الإنسان والشفافية في القضاء ووسائل الإعلام هي شعارات يركز عليها الاتحاد الأوروبي وخصوصا بعد الربيع العربي، فمن غير المفهوم كيف سيحقق الرئيس ميقاتي تمويل المحكمة وإقراره في مجلس وزراء متنوع الانتماءات السياسية، ويمتلك فيه "حزب الله" والتيار الوطني الحر وحركة أمل ما يقارب الأكثرية وعلام يراهن ميقاتي في وعوده وما هي خلفياتها. في لقاءاته التي انتهت أمس الاول أسهب الدبلوماسي الأوروبي مينغاريللي في كيل المديح لحكومة ميقاتي ووزرائها واصفا إياهم "بالأكفاء وذوي الإرادة الطيبة"، والسؤال المطروح: هل يستخدم الاتحاد الأوروبي سياسة الإحراج لميقاتي عند استحقاق موضوع التمويل وإلزامه بتعهداته المتكررة أمام المجتمع الدولي؟ ولا يمتلك الإتحاد الأوروبي خطة بديلة في حال رفض لبنان التزام تعهداته، لكن دبلوماسيا أوروبيا قال ل "الرياض" إن هذا الرفض إن حصل سيسقط على لبنان غضب الأمم، بمعنى أنه ستنزع عن لبنان الثقة الدولية، وسيضحي شبيها بالخارجين عن القانون". وسيكون هذا الأمر محرجا جدا لرئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، حيث سيرأس لبنان جلسات تاريخية لعلّ أبرزها جلسة طلب الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة. في هذا الإطار لم يبخل مينغاريللي في التعبير بصراحة عن "رفض الاتحاد الأوروبي لتوقيت الطلب الفلسطيني لأنه يقلل من إمكانية إعادة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي يعمل من أجلها الاتحاد الأوروبي على قدم وساق". من جهة أخرى قال مينغاريللي ل "الرياض": أن الاتحاد الأوروبي مصر على مساعدة حكومة ميقاتي، وأن رئيسها مرحب به دوما في مقر الاتحاد حين يرغب بذلك" مشددا على نقطة ضرورية بنظره هي "أن تعمد حكومة الرئيس ميقاتي الى إرساء حوار مع المعارضة، إنه مبدأ مطلوب في كل الدول حيث تطرح مشاكل رئيسية ينبغي حلّها من قبل المعارضة والموالاة سوية". وقال إن الاتحاد الأوروبي يسهم في الربيع العربي "من خلال مساعدة دول الجوار مثل تونس ومصر في الإصلاحات الدستورية وإطلاق العجلة الاقتصادية لتحسين مستوى عيش الناس، وقد زاد الاتحاد موازنته في هذا الإطار بقيمة 1،24 مليار يورو شرط صرفها الأساسي المساءلة، علما أن من بينها إضافة خصصت 150 مليون يورو للبنان حددت على شكل هبات للفترة بين عامي 2011 و2013 مما يشكّل ارتفاعا سنويا نسبته 7 في المئة مقارنة بالفترة بين سنتي 2007 و2010".