مع دخول شهر رمضان، يتأهب الجميع لتغييرات متعددة في العادات اليومية، سواء من الناحية السلوكية، أو الاقتصادية، أو من خلال الأنشطة والروتين اليومي الذي يتغير بشكل كبير خلال هذه الفترة، فالدوائر الحكومية غالباً ما تشهد غياباً شبه جماعي في بداية الصباح المحدد من قبل وزارة الخدمة المدنية، أو تجد موظفين ذوي امزجة مختلفة تميل إلى العصبية، بالإضافة إلى اتهام العديد من المواطنين للموظفين بقلة الانتاجية خلال شهر رمضان. وأشار علماء النفس إلى أن شهر رمضان هو شهر السيطرة على النفس والشهوات، وتهذيب السلوك الإنساني.. ورغم كل هذه الأمور الطيبة التي يجب أن نتعلمها من شهر الصيام، ونتعود عليها في حياتنا طوال العام.. فقد لوحظت ظواهر غريبة تفشت بين الصائمين.. وهي تتمثل في انفلات الأعصاب.. والسباب.. والمشاحنات. ويرى "د.بندر الصويغ" -اخصائي اجتماعي- أن تغيّر الظروف المحيطة بالإنسان؛ أدى إلى حدوث بعض الاضطرابات السلوكية التي يصاحبها انفعال مع عدم القدرة على التركيز والانتباه، ويتمثل التغير في العادات والتقاليد، وتغير نظام تناول الطعام، وحدوث اختلاف في ترتيب اليوم، إلى جانب الأزمات المادية وغيرها؛ مما يساعد على حالة من عدم الاستقرار. وقال:"قد يزلف اللسان بما لا يتقبل أو تحدث حالة من اللامبالاة أو الانفعال الشديد لأتفه الأسباب، وقد يصل الأمر إلى شجار أو مناقشات غير حميدة، وهذا يصاحب الشخصية غير المستقرة والانفعالية وغير المتماسكة؛ فيسقط ما عنده على الشهر الكريم في حين أن شهر رمضان فرصة لاكتساب الذات من الاعتلال، وتنظيم الوقت وراحة للجهاز الهضمي، وقبل كل شيء حماية للنفس من التعود والاعتماد على الأشياء غير السوية، والتقرب إلى الله، فهي عملية لغسيل الذات لتعود إلى الأمان النفسي الصحي والاجتماعي. ويحذّر "محمد البريك" -اخصائي اجتماعي- من خطورة العصبية في رمضان، وتحديداً كثرة المشاجرات والغضب وعدم تحمل البعض للآخر. وقال في بعض الدوائر الحكومة نجد أن الموظفين لا يتحملون أي كلام أو توجيه، وكأن ثائرة الغضب تحف عليهم.. وهذه الظاهرة ليست مصدرها الصيام.. وليست من توابع الصيام.. ومن يحمل الصيام بمثل هذه الأعمال هو مخطئ.. ولكن الحقيقة المنطقية أن هناك لدى البعض قصوراً في فهم حقيقة الصيام وعدم التمكن من الفهم الصحيح لجوهره. ويتساءل "فهد العيد" -مدير موارد بشرية في احدى الشركات- هل أصبح شهر رمضان شهر تأجيل الأعمال، وقلة النشاط وسبباً رئيسا لنقص الانتاج، فغالبية الموظفين يتكاسلون أكثر في شهر رمضان، ويتعذرون بالصيام والجوع وتعبه، مؤكداً على أن الموظفين يماطلون في العمل ولا ينفذون عملهم جيداً، فدوامهم ينتهي في الساعة الثانية ظهراً، والإنتاج في رمضان يقل. ويتعذر الموظف "خالد السبيعي" بنقص ساعات العمل، ويقول هو عذر الموظفين لتبرير نقص العمل والإنتاج في رمضان، ويؤكد السبيعي بأن الموظف يتعب قليلاً ويصاب بالعطش، لكن الإنتاج يبقى كما هو لأن العمل واجب منوط بالعامل يجب أداؤه، سواء إن كان يشعر بالتعب أم لا، وهي ليست مشكلة صاحب العمل، فالموظف عليه القيام بعمله على أكمل وجه في رمضان أو غير رمضان، ومن المعروف أن ساعات العمل تقل رحمة بالموظف، ولكن إنتاج الموظف يجب أن يبقى كما هو. وأشار الشيخ "نايف الهدي" -إمام وخطيب جامع الأمير محمد بن فهد بالخبر- إليى أن دور الدعاة كبير في تهذيب المسلم، من خلال الدروس والكلمات الوعظية والتوجيهية، فعليهم أن يركزوا في شرحهم ووعظهم على الجوانب الأخلاقية والسلوكية والاجتماعية حتي يبرزوا جوهر الصيام، كما يجب على الدعاة إذا واجهوا مشكلة بين أخ وأخيه وبين زوج وزوجته وبين الجار وجاره، والموظف وزميله. وقال:"عليهم أن يعملوا جادين على بث المعاني الحقيقية للصيام، وإن تيسر لهم حل هذا النزاع أو هذه المشاجرة؛ فهذا أفضل، ومن واجبهم في المقام الأول في الدعوة إلى الله أن يكون الاهتمام الأكبر عندهم بالنسبة لشرح حقيقة الصيام التطبيق الفعلي لمضمون التقوى".