وأنت تتصفح (ديوان الشاعرات في المملكة العربية السعودية) تلمس مدى الجهد الكبير الذي بذلته صاحبة هذا الكتاب الباحثة والقاصة الأستاذة سارة مرزوق الأزوري. حيث ترى قدرتها في تقصي المعلومة وبحثها الدؤوب في إخراج بعض الأصوات الشعرية النسائية التي لم يعرفها المتلقي من قبل. لقد أمضت الباحثة الأزوري سنوات عاكفة على إعداد هذا السفر المهم لتقدم خدمة جليلة للقارئ والباحث الأكاديمي والدارس الأدبي فضلاًً أن هذا الكتاب إضافة كبيرة للمكتبة السعودية. إنك وأنت تتصفح هذا الكتاب تشاهد كوكبة من الأصوات الشعرية اللامعة وطائفة من النصوص المتألقة فلولا هذا الكتاب المهم لما عرفت هذا الجانب المضيء من رصيدنا الشعري عند نصفنا الآخر. الموسوعات والمعاجم لم تلم بالشاعرات السعوديات إلماماً كاملاً ثقافة اليوم حاورت مؤلفة هذا الكتاب المعجم فكانت هذه الإجابات. * في البدء لماذا جاء عنوان الكتاب (ديوان الشاعرات في المملكة العربية السعودية) وهو أقرب إلى صناعة المعاجم والانطولوجيا، وهل هناك تفسير لهذا العنوان؟ - لا يبتعد كثيرا عما ذكرت لكني أحببت أن أجمع إبداعات شاعرات بلادي في هذا الديوان لكي يتذوق المتلقي ما يطيب له مما أنتجته قرائحهن، وعندما ضم الديوان نصوصا للشاعرات كان لهن دور في اختيارها ناسب أن يسمى ديوان الشاعرات لكون ما يضمه من نصوص فهو ليس مقصوراً على السير الذاتية. * هل الموسوعات الأدبية المتعددة لا تفي بتقديم إضاءات عن الشاعرات السعوديات برغم حضورهن الكبير والمتوزع في هذه الموسوعات؟ - تلك الموسوعات والمعاجم لم تستطع الإلمام بالجميع فكان الأمر انتقائيا لأسماء معروفه وظاهرة على الساحة، فدليل الكتاب السعودي الذي أعده الأستاذ خالد اليوسف لم يحضر فيه إلا (9) شاعرات من بين 290 مبدع ومبدعة، ومعجم أسبار للنساء السعوديات لم يحضر إلا (14) عشر شاعرة، وموسوعة الأدباء والكتاب السعوديين للأستاذ أحمد بن سالم لم يحضر إلا (6) أسماء شاعرة من بين 1010 أسماً، ومعجم شاعرات معاصرات من الجزيرة والخليج ورد بها 3500 شخصية لم يكن نصيب الشاعرات منها إلا النزر اليسير، والموسوعة السعودية للأدباء ضمت (15) شاعرة فقط، ودليل الأدباء بدول مجلس التعاون الخليجي ضم (12) شاعرة. * أزعم أن من أشد الأمور صعوبة أن يحدد المرء من هو الشاعر الذي استوفى شروط الإبداع الشعري، كيف تغلبت على تحديد الشاعرة من غيرها من اللاتي لا يريد في فن الشعر غير النظم؟ - قمت بجمع الأسماء وتركت للمتلقي المجال لكي يتذوق ويحدد - حسب ذائقته - المبدعة من الناظمة. * هل يمكن القول إن كل شاعرة ورد ذكرها في كتابك أنها نالت تأشيرة الدخول إلى عالم الشعر؟ وأوضحت شاعرة ملء السمع والبصر وأن من لم يرد ذكرها في هذا الكتاب ما زالت مجهولة؟ هناك نصوص شعرية ضمها الكتاب لبعض الشاعرات تعاني ضعفا وركاكة في إبداعهن، لماذا لم يعود اختيار النصوص لذائقتك، أو بواسطة لجنة مكونة من شعراء ونقاد؟ واجهت صعوبات في الشاعرات السعوديات القاطنات خارج السعودية وكذلك ذوات الأسماء المستعارة - حرصت بالاتفاق مع الشاعرات أن تكون النصوص المختارة ممثلة لإبداعهن، ثم عرضت تلك النصوص على لجنة استبعدت منها ما لا يستجيب للشروط الأولية للشعر، وجاء الديوان بعد ذلك مشتملاً على نصوص تختلف في القدرة الشعرية، لكي يتسنى للمطلع والمتابع أن يكون على قرب من تجربة كل شاعرة وتنوعها إلى حد كبير. * كيف استطعت التغلب على الصعوبات والعقبات التي تواجه عادة الباحث في جمع المعلومات، لاسيما وأن في الكتاب شاعرات ليس لبعضهن عناوين معروفة، أو دواوين مشهورة؟ - ما قمت به جهد فردي لا يتبناه إلا كبار المؤسسات. وقد حاولت قدر استطاعتي استقصاء الأسماء الشاعرة في بلادنا منذ مرحلة التأسيس، لكن ذلك لم يتأت لي ولم أجد في تلك الفترة إلا شاعرات كتبن في شعر اللهجة. وجدت شاعرات أدرجت أسماؤهن في عدد من المؤسسات والمعاجم وأشبعن دراسة لأكتشف بعد البحث والتنقيب والاتصال والسؤال أنهن غير سعوديات فربما يعود ذلك اللبس لكونهن نشأن في هذه البلاد، وهناك أسماء لشاعرات لم أجد لهن أي نصوص شعرية، ولم أحصل إلا على بضع مقالات بعيدة كل البعد عن روح الشعر، إضافة إلى تركيز معظم المعاجم والموسوعات على أسماء معينة تتكرر باستمرار. واجهت صعوبة مع الشاعرات اللاتي يعشن خارج المملكة في كيفية التواصل معهن، وكذلك واجهت صعوبة أخرى مع الأسماء المستعارة، فهناك تجارب جيدة لشاعرات يكتبن بأسماء مستعارة لكنهن رفضن الإفصاح عن أسمائهن الصريحة مما دعاني إلى إهمالها. واجهت صعوبة مع غادة الصحراء! هل هي سمو الأميرة مشاعل بنت عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود؟ وبسؤالي لسموها وما إذا كان الاسم خاص بها؟ نفت أن تكون هي صاحبته! ما قمت به جهد فردي لا يتبناه إلا كبرى المؤسسات وبتواصلي مع سمو الأميرة بسمة بنت سعود أكدت لي أن هذا المسمى خاص بأختها سمو الأميرة جواهر بنت سعود والتي زودتني مشكورة بسيرتها الذاتية. وكذلك الأسماء التي لم أتمكن من التواصل معها شخصياً أو هاتفياً، أو عدم معرفة الوسط الثقافي والإعلامي بهن لم يتم إدراجهن في المعجم. وعلى مستوى التعامل الشخصي مع الشاعرات اعترضتني صعوبات أخرى إذ كنت أتعامل مع شريحة بشرية تختلف كل تركيبة عن الأخرى، في طباعها ونفسياتها، لكن ذلك حقنني بجرعات من الصبر والجلد مكنتني من تدريب نفسي على الحلم والأناة، ومعاملة الناس كل حسب نفسيته. القيود الاجتماعية كبلت المرأة وسلبت منها الحضور الشعري * أخيراً ما الذي يدفع المرأة إلى الدخول نحو عوالم الشعر وبحوره على الرغم أن الأنثى ارتبطت بالسرد والقص على مدى سنوات طويلة ألم تلاحظي ذلك؟ - معروف إن الشعر هو نوع من التعبير عن مكنونات النفس ولا يرتبط بذكر أو أنثى لكن القيود التي كبلت المرأة سنين طويلة واستلبت منها الشعر الذي أصبح قروناً عديدة لا تحضر المرأة فيه إلا على استحياء، جعلت حضور المرأة فيه عبر الشاعرات السعوديات في هذا البلد المعطاء قرينا لحرية التعبير التي رادتها المرأة واخترقت لها التابوهات والقيود، ثم عن النص الحديث لم يتعد تعنيه التحديدات بين السرد والقصة، فالقصيدة الحديثة حافلة بالدراما والسرد هي حافلة بالتأمل العميق والرؤيا الشعرية.