سبق تحقيق المورد الأول للخارج من حجر اليمامة (مركز الرياض) باتجاه الكوفة وهو الحبل ولعلنا في هذا السياق نورد نصاً هو الرابط بين الخارج من الحبل من تجار الكوفة ومن سار على طريقهم مواصلا طريقه إلى الكوفة: يقول صاحب كتاب بلاد العرب ص 327، 328: (ثم تخرج منه – يعني الحبل – فترد القف وهي أرض خشنة ظاهرة حتى تأخذ بين بنبان والعرض تدع بنبان يميناً والعرض يساراً) . إذن فقد حصر لنا هذا النص الطريق في نطاق محدد ضيق لا يتيه من تبعه فها نحن قد دخلنا بين بنبان التي لا تزال تحمل الاسم القديم والعرض وهو وادي حنيفة والقرى الواقعة في جنباته. هذا الوصف قد حدد لنا السمت والاتجاه فماذا عن المسافة التي نحتاجها للوصول إلى البالديه لذا فنحن – بإذن الله – لن نجد صعوبة في الوصول إلى موردنا المستهدف. لقد حدد صاحب كتاب بلاد العرب المسافة بين حجر والبالدية بأنها ليلتان فلنلق نظرة على النص التالي: (ثم تمضي حتى ترد البالدية، بالديةه بني غبر، وهي قرية فيها نخيل ومزارع وبين البالدية وحجر ليلتان) – بلاد العرب ص 328. البالديه عند القدماء: 1- قال نصر الأسكندري في كتابه الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها ج 1 ص 205: (البالدية قرية لبني غبر بينها وبين حجر ليلتان قرب الغميم ماء لبني سعد). 2- وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان ج 1 ص 328: (البالدية نخل لبني غبر باليمامة ؛ عن الحفصي). المعاصرون والبالديه: 1- اختار الأستاذ عبدالله بن خميس- رحمه الله- الفاقعة لتكون البالدية وهو اختيار قوي وماحداني لاختيار القصير الا المسافة التي تزيد عن مسافة الفاقعة قليلاً مما يطابق الليلتين التي قال صاحب العرب (وبين البالدية وحجر ليلتان)، كما أن السمت والاتجاه للقادم من الحبل والمتجه الى ما بعد البالدية مثل: تمر وتمير ومبايض يناسب القصير بصورة أكبر والا فهما – أي القصير والفاقعة- فرسا رهان . 2- عبدالله الشايع الذي ابعد النجعة اعتمادا على تحديده المبالغ فيه لبعد الليلة كما أشرنا سابقاً . أين تقع البالدية؟ بما أن صاحب كتاب بلاد العرب قد حدد المسافة بين حجر والبالدية بالليلة كوحدة قياس للبعد وذكر أنها تبعد ليلتين فلابد لنا من تحديد هذا المقدار بما يوافق الوحدات المترية (الكيلو متر) . الليلة لدى الأقدمين وتحديدها بالوحدات المترية : ولعل أوضح وأسهل بعد حدد بالليلة المسافة بين متالع وأجا حيث لا عوائق طبيعية (طبوغرافية) واقعة بينهما قال نصر الاسكندري في الأمكنة والمياه والجبال والآثار ج2 ص507: (وجبل أيضاً في بلادهم لبني صخر بن جرم بينه وبين أجا ليلة يقال له: متالع الأسود). ولقد قست المسافة بينهما مما أتوقع أنه أقصر نقطة فوجدتها قريبا من الثلاثين كيلاً. أما استناد الأستاذ/ عبدالله بن محمد الشايع في كتابه: طريق الكوفة التجاري على أن الليلة تعادل اثنين وأربعين كيلاً فإن ما استند إليه مذكور فيه وصف الإبل القائمة بالرحلة بالمنطلقات أي غير حاملات الأثقال وهي حالة استثنائية يجب عدم الالتفات إليها عند تحديد مسافة اليوم والليلة لأن المقصود بالليلة عند الإطلاق ليلة حاملات الأثقال كما اتضح لنا عندما قسنا مسافة واضحة بين متالع وأجا – والله أعلم- . إذن فمسافة الليلتين المشار إليها في وصف مسافة البالدية عن حجر على هذا هي ما يقارب الستين كيلاً وينطبق ذلك على موقع يقع إلى الغرب بميل يسير إلى الجنوب من قرية صلبوخ بعد السد المقام حالياً ويبعد عنها ما يقارب ثلاثة كيلومترات حيث يوجد هنالك على ضفة الوادي قرية قديمة تدعى لدى الأهالي (القصير- تصغير قصر) - وفيها بئر قديمة وأخرى أو أكثر مندفنة وأساسات حجرية قديمة وعلى الضفة المقابلة من الوادي أساسات أكثر قدماً واني أوجه نداء إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار للعناية بهذا الموقع الذي تبدو عليه آثار القدم ويضفي على هذا الموقع المزيد من الأهمية وقوعه على الطريق التجاري حيث يتوقع الا يخلو من اللقى نتيجة لمرور التجار المتكرر عليه واحداثية هذا الموقع على النحو التالي: N25 03 798 E046 20 091 ويبعد هذا الموقع عن مركز الرياض ما يقارب من اثنين وستين 62 كيلاً تقريبا وهو بعد مناسب لليلتين التي حددها صاحب كتاب بلاد العرب كما أشرنا إلى ذلك آنفاً.