الراتب هو المصدر الوحيد والحصري لدخل أكثر من (80%) من المواطنين..ويتوقف عليه كل شيء في حياتهم، ولو تأخر ساعات وليس أياماً ربما حلت أزمة مالية لأصحاب الجيوب الخالية..و»طفارى آخر الشهر»؛ ممن ينتظرون ليلة يوم 25 على أحر من جمر الغضا، بل ربما جحيم الغضا بأكمله. هذا الراتب في هذا الزمن يواجه عمليات استلاب كثيرة تجعل الموظف لا يكاد يحصل على الراتب حتى يجده قد تبخر من بين يديه، كما تتبخر قطرات من الأثير تحت شمس الصيف في هذه الأيام.. فواتير الاتصالات من جهة، وفواتير الكهرباء والماء من جهة أخرى، وقسط السيارة، وإيجار الشقة، ومقاضي البيت -التي تشهد ارتفاعات لا تريد أن تتوقف ولا تهدأ ولا تأخذها شفقة بنا-.. ناهيك عن متطلبات الحياة الأخرى التي لا غنى عنها. هذه مقدمة كان لابد منها لتوضيح أهمية الراتب، وأن الموظف ينتظره مع نهاية كل شهر ليتمكن من توفير احتياجاته ومتطلبات حياته وحياة أسرته، وهي مقدمة أردنا من خلالها أن ندخل في طرح هذا الموضوع، وهو مقترح من «الرياض» لإعادة توزيع صرف رواتب الموظفين، بحيث تكون موزعة حسب الشرائح الوظيفية؛ فيكون مثلاً راتب المعلمين والمعلمات وأساتذة الجامعات -وهم أكبر شريحة من موظفي الدولة- في الخامس عشر من كل شهر، ورواتب موظفي السلك العسكري في العشرين من كل شهر، وبقية الموظفين في القطاعات الأخرى في الخامس والعشرين، والهدف من ذلك هو كشف أساليب بعض التجار الملتوية، وافتعالهم لزيادات غير مبررة مع نهاية كل شهر، إلى جانب تخفيف الضغط على الأسواق والطرقات وشبكات الصرف الآلي، وهو مجرد اقتراح ربما لو درسناه جيداً لوجدنا أنه سيساهم في تحقيق بعض الإيجابيات التي لم نهتم بها من قبل. مقترح «الرياض»: المعلمون والمعلمات وأساتذة الجامعات يوم 15 والقطاع العسكري في 20 وبقية موظفي الدولة يوم 25 كسر لجشع التجار تعوّد التجار -خاصة تجار المواد الغذائية- على أن آخر كل شهر هو مناسبة ذهبية لهم يمارسون من خلالها جشعهم على الناس، وزيادة الأسعار بشكل متدرج من شهر إلى آخر، وهذا الأسلوب أصبح مكشوفاً وملموساً لدى المواطن، ولكن وزارة التجارة تقف منه موقف المتفرج، بل إنها ربما تعاطفت في بعض الأحيان مع الأعذار المفتعلة التي يطلقها التجار لتبرير جشعهم، وزيادة الأسعار المستمرة التي طالت كل السلع غذائية وغيرها. إن وزارة التجارة لو استطاعت أن تضبط جشع التجار وتوقفه عند حده، وتحمي المواطن من الغلاء غير المبرر الذي أوصل أسعار السلع إلى مستويات عالية؛ فلن تكون هناك مشكلة في وقت تسليم الراتب للموظف، سواء كان في آخر الشهر لجميع الموظفين أو جعله على فترات متفاوتة، ولكل شريحة من الموظفين في تاريخ غير الشرائح الأخرى. المواطن عبيد الجدعاني قال: «إن موضوع توزيع رواتب الموظفين على شرائح يستحق البحث؛ رغم أن المتعارف عليه في معظم الدول أن الراتب مع نهاية كل شهر، ولكن المؤسف أن لدينا تجاراً يستغلون غياب الرقيب في تمرير زيادات للسلع غير مبررة، أو تخفيضات وهمية لبعض السلع التي توشك صلاحيتها على الانتهاء». تخفيضات نهاية الشهر تستمر وقتاً أطول ومنافسة بين أكثر من منتج «عدسة:محسن سالم» تخفيف الزحام تشهد مكائن الصرف الآلي مع نهاية كل شهر زحاماً غير مبرر؛ نتيجة تسليم الموظفين مرتباتهم في توقيت واحد، وكل موظف يريد أن يسدد ماعليه من التزامات مع نزول الراتب، وهذا الزحام يؤدي في الكثير من الأحيان إلى تعطل الأجهزة أو خلوها من النقود، خاصة في بعض المواسم.. كما أن الشوارع والأسواق تشهد ازدحاماً شديداً؛ لأن الكل يريد أن يتسوق بعد نزول الراتب، وهو أمر يمكن تلافيه والتخفيف منه بجعل الرواتب تسلم للموظفين وفق الشرائح، وأن يبدأ التسليم من الخامس عشر من كل شهر للشريحة المختارة، وبعدها بخمسة أيام للأخرى، ثم بعدها بخمسة أيام للبقية من الموظفين. وعلّق الأستاذ «هشام حداد» -موظف مالي- إن هذا الاقتراح فيه خدمة للمصلحة العامة؛ لأنه ليس مكائن الصرف والأسواق والشوارع التي تعاني من الازدحام في نهاية كل شهر، وإنما يحدث ضغط على شبكات الاتصالات وتتعطل عملية التسديد بواسطة الشبكة؛ بسبب هذا الزحام على الشبكة، وهذا الاقتراح جدير بالدراسة من قبل الجهات المعنية وعلى ضوء تلك الدراسة يمكن أن نعرف مدى الإيجابيات فيه. الدورة الاقتصادية تستمر وقتاً أطول مع شريحتي «المتقاعدين» و«القطاع الخاص» تجربة المتقاعدين بعض الموظفين المتقاعدين قالوا إن هذا الأمر مأخوذ به في معاشات التقاعد، حيث إن رواتب المتقاعدين من الموظفين تصرف في الخامس عشر من كل شهر، وهي تجربة مميزة؛ ولا يشاركهم في هذه الخاصية موظفون آخرون حتى لا يزاحمونهم في الأسواق، والبنوك، ومكائن الصرف الآلي؛ فهم حتى الآن أخذين راحتهم في الحصول على رواتبهم دون مزاحمة. ازدحام الأسواق والطرقات مع نزول الراتب استمرار الدورة الاقتصادية عدد من الاقتصاديين يذهبون إلى التأكيد على أن الفكرة ستكون ذات أثر إيجابي على الحركة الاقتصادية والتسويقية؛ فبدل أن تكون في توقيت واحد؛ فإن توزيع تسليم الرواتب للموظفين على شرائح سيجعلها نشطة ومتحركة فترة أطول..وهذا سيعطي الأسواق فرصة للعمل واستمرار دورة المال في السوق المحلية، مع ضرورة أن يكون لهذا انعكاسات إيجابية على أسعار المواد الغذائية والسلع، وأن تكون هناك مبادرات حقيقية من التجار لخفض الأسعار، وليست تخفيضات وهمية للسلع الغذائية التي تقترب صلاحيتها من الانتهاء. «محمد أديب» -موظف- يبين أن تسليم رواتب الموظفين في تواريخ متفاوتة مثل أن تكون مرتبات المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم والأساتذة والموظفين في الجامعات في تاريخ، والعسكريين في تاريخ آخر، وبقية موظفي الدولة في تاريخ، والقطاع الخاص في تاريخ مختلف؛ سيعطي فرصة أكبر لاستمرار الدورة الاقتصادية في البلد فترة أطول بدل أن تكون في أيام محدودة، كما أن لها الكثير من الإيجابيات التي سنلمسها خاصة في المدن المكتظة، مشيراً إلى أن أي سلبيات تنتج عن تسليم المرتبات في وقت مبكر من الشهر لشريحة معينة من الموظفين كالتراخي في أداء العمل، أو الغياب، أو التأخر يمكن علاجها بالحزم وتطبيق الأنظمة بكل صرامة على كل موظف.