تجوز في الحرب كل الأشياء، هكذا قال أحد الكتّاب الكبار، وتجوز في المناسبات كل الكلمات هكذا يقول كل من يأتي إلينا ونسأله عن رأيه حتى وإن لم يكن هذا الشخص بتلك الأهمية فيما لدينا من فن ورياضة وتنمية واقتصاد، وطبيعي أن يقول إننا متقدمون ومتطورون وأننا الأوائل، وما نقدمه فائض في جودته وتميزه. الفنانة انتصار الشراح لم تخرج عن هذا الخط عندما حضرت مسابقة مسرح الطفل الثانية في المنطقة الشرقية وساهمت في توزيع الجوائز عندما قالت (ان المسرح السعودي يشهد تطوراً كبيراً ويخطو بخطوات واسعة ويفرز في كل عام مواهب على كل المستويات، ولو حظي المسرح والمسرحيون بشيء من الاهتمام فأعتقد أن المسرح السعودي لن يكون منافساً فقط في الخليج بل على مستوى الوطن العربي). الغريب أن الصحيفة التي نشرت الخبر جعلت المانشيت «المسرح السعودي الأول عربياً» والحقيقة انها لم تقل اننا نتربع على المسرح العربي ولكن مع الاهتمام سوف نتربع، واسألها كيف سيتسنى لنا أن نتربع على المسرح العربي وليس الخليجي الذي احتكره مبدعو الكويت منذ فترة الستينيات ونحن نقدم مسرحا أحاديا وفرديا مسرح الرجل والحياة نفسها مسرح رجل وامرأة؟ كيف سننافس في المسرح أو السينما دون أن يكون هناك مسارح تحضرها العائلة، أو سينما تقدم عروضها البريئة للمتفرجين؟ المشكلة أن المسرح لدينا مُعطل أو مؤجل وليس له أجندة، ويغالط نفسه من يعتقد أن مسارح مهرجانات الصيف التي تقدم للأطفال هي من سيرفع من أهمية المسرح. نحن لا نحتاج من أحد أن يجيب على الأسئلة الباردة منذ سنوات ما رأيك بالمسرح السعودي ومن الطبيعي إن كان في بلدنا سيقول ما قاله قيس في ليلى. ما رأيك في الدراما السعودية التي تشهد منذ فترة تطوراً، ولكنه لا يهتم بالمضمون أو القيمة الفنية، وأغلب ما يقدم لا يخلو من التهريج أو التسطيح ورمضان قادم وسوف تشاهدون ما تم سلقه وسيقدم للمشاهد، الذي أصبح الممثل السعودي يتفرد به في مسلسلات صافية ونقية إلا من المنتج السعودي بعد أن عبرت تلك الفترة التي ظل التلفزيون السعودي يفرض فيها على المنتج المصري وجود ممثل سعودي في المسلسل من أجل أن يشتريه وكانت أيام محمد بخش وفؤاد بخش وخالد الحربي وخالد سامي وسعد خضر وغيرهم حيث كان يشعر المشاهد أنهم دخيلون على العمل الفني المقدم لكن ما باليد حيلة المشتري «عاوز كده». مضت أيام المسلسلات المتكلفة والتي تستوحي حلقاتها من كان يا ما كان وتنتهي بالشباب والبنات. يحضر فنان عربي للعمرة، أو يلتقيه صحفي فيبادره ما رأيك بالفن السعودي أو المطرب السعودي، أو الممثل السعودي؟ أو إيش رأيك في المرأة السعودية؟ من الطبيعي أن يجيب الاجابة المنتظرة، الفنان السعودي من أفضل الفنانين، بل هو الأكثر حضوراً وتألقاً وقد يضيف أن أغنيته الفلانية التي عفا عليها الزمن رائعة، ونقوم بنشر ذلك وكأنه نصر مبين. اعجبني منذ فترة وأنا اقرأ حواراً له في جريدة محلية اللاعب الكوري الذي يلعب لنادي مانشستر يونايتد عندما سئل ما رأيك في اللاعب السعودي ومن تعرف من اللاعبين؟ قال اللاعب السعودي يحتاج إلى جهد وعمل ومع الأسف لا أعرف أي لاعب، اعتقد ان اجابته هذه لا تجرح أحدا ولا تعني أحدا لأن أي لاعب سعودي لو سألته من تعرف من لاعبي الدوري الكوري لن يعرف أحدا أو الماليزي أو الفلندي أو النرويجي؟ وبالتالي لماذا نتصور اننا معروفون ومشهورون ونتصدر القمة وعلى أي شخص أن يعرفنا. وبمناسبة اللاعبين وبعد وصول ترتيب المنتخب السعودي إلى 92 على مستوى منتخبات العالم يعني مع دول لم تصل إلى نهائيات قاراتها أو كأس العالم بودي ان اسأل كم ترتيب الدوري السعودي؟ هل مازال بين العشرين الأوائل وكيف يُصنف هذا التصنيف والمنتخب يقترب من المئة؟ وكم لاعب سعودي احترف أو محترف خارجياً على الأقل في دول الدرجة الثانية كروياً؟ وهل نجح الاحتراف في ضبط سلوكيات اللاعبين المحترفين بعد سنوات من تطبيقه؟ من أجل الاجابة على هذه الأسئلة لا ينبغي ان تسأل لاعبين عاديين احترفوا لدينا عن قيمة الكرة السعوددية أو أهميتها، أو مدربين لايزالون يعملون، هذه الأسئلة سوف يجيب عليها كل المدربين الذين غادروا في ظلام الليل أو أنهيت عقودهم فجأة ولم يتركوا لاستكمال ما جاءوا من أجله ارضاءً للاعب، أو عدم رضا الإدارة عن جدية وقسوة المدرب ونظرته للعمل ورفضه للتدخل. أين نحن وهل علينا أن نعتني بالترتيب وبالتربع على قمم مُنحنا الوقوف عليها بآراء عامة واجتماعية ومرتبطة بمناسبة!!